• ×

09:58 صباحًا , السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024

يَا اللهُ مَضَى نِصْفُ رَمَضَانَ ! 14/9/1439هـ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
يَا اللهُ مَضَى نِصْفُ رَمَضَانَ ! 14/9/1439هـ
الحمدُ للهِ جَعَلَ رَمَضَانَ سيِّدَ الأَيَّامِ وَالشُّهورِ،ضاعفَ فيه الحسناتِ والأجورِ، نشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا الله وحدَه لا شريكَ له يَعْلَمَ خَائِنةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصُّدورِ،وَنَشهدُ أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله وَرَسُولُه بَعثهُ اللهُ بِالهُدى والتُّقى والنُّور،صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ومن اقتفى أَثَرَهُم إلى يَومِ البَعْثِ والنُّشُور.أمَّا بعد:فاتَّقُوا اللهَ يَاصَائِمونَ سِرًّا وجهرًا،واجعَلوا التقوى عُدَّةً لكم وذخرًا،سُبحانَ اللهِ:لقد مَضَى شَطرُ رَمَضَانَ،وليس بعد الكمالِ إلاَّ النُّقصانُ!فاغتنموا فُرَصَاً تَمرُّ مرَّ السَّحابِ،واجتهدوا في الطَّاعاتِ قبل أنْ يُغلقَ البابُ،واشكروا اللهَ أنْ أخَّركم للعملِ. فالمتَابَ المَتابَ،فَأَحسِنوا فيما بَقِيَ،يُغفر لكم ما قَدْ مَضَى وما بَقِيَ.يَقُولُ الرَّبُّ جَلَّ وَعلا في الحديث القدسيِّ:"يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ" أخرجه مسلم. أيُّها الصَّائِمونَ:نِعمُ اللهِ تَتَوالى علينا بِتَوالِي لَيَالِيهِ،فَمَا أَدْرَكْنَا فيهِ من يومٍ فهو منِّةٌ من اللهِ علينا،فأين من كانوا معنا رَمضانَ المَاضي؟بل أين من صاموا أَوَّلَ مَعَنَا الشَّهرِ،وَقَامُوا أَوَّلَهُ يَبتَغونَ الأَجرَ؟لقد أتاهم هادِمُ الَّلذَّاتِ، ونحن بَعْدَهُمْ سَائِرونَ،وَصدقَ اللهُ:(وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).قُولُوا لِي بِاللهِ رَبِّكمْ:مَن الذي طلَبَهُ المَوتُ فَأَعجَزَهُ؟َمَن الذي تَحَصَّنَ في حِصنِهِ وَمَا أَدْرَكَهُ ؟فَو الله،لا دَافِعَ عن المَوتِ يَقِيكُم، فَتُوبُوا إلى اللهِ وَتَذَكَّروا إذا غَصَّت تَراقِيكُم : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَـاقِيكُمْ ). أيُّها الصَّائِمونَ:تَذَكُّرُ فَضَائِلِ رَمضانَ،يُجدِّدُ النَّشاطَ ويبعثُ العزِيمَةَ على استمرارِ العملِ،لأنَّنا نَلحظُ أنفُسَنَا أنَّا أوَّلَ الشَّهرِ نُشطَاءَ ثُمَّ نَفتُرُ شيئاً فَشَيئاً!فَوَاجِبٌ أنْ نُعيدَ الَّلذَّةَ والنَّشاطَ في نُفُوسِنَا,وَذَلكَ بِتَجدِيدِ النِّيَّةِ واستِحضَارِهَا،بأنَّنا نَصومُ وَنَقُومُ لِلهِ رَبِّ العالَمينَ،و"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى".وأنْ نتَذَكَّر فَضيلَةَ الصِّيامِ وَأَجْرَهُ دَوماً وَأَبَداً! فَلْنَتَذَكَّرْ قولَ نبِيِّنا :"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه.ومَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". فَشرطُ المغفِرَةِ في ذلكَ كلِّهِ بعدَ الإيمانِ باللهِ،الاحتِسَابُ في كُلِّ الشَّهرِ،لا في أوَّلِهَ فقط! عبادَ اللهِ:تَدَبَّروا قولَ رَسُولِنا :"كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ". أيُّ فَضْلٍ مِنْ عندِ الرَّبِّ الكَرِيمِ الوهَّابِ؟يا صائِمونَ: ومِمَّا يُجدِّدُ النَّشاطَ بَعْدَ انتِصَافِ شَهْرِنَا أنَّ :"لِلَّهِ عُتَقَاءُ من النَّار، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ"اللهُ أكبرُ وللهِ الحَمْدُ:يا لها من بِشَارَةٍ عظيمَةٍ!تَجْعَلُ صَومَنا للهِ في جَمِيعِ الشَّهرِ لا بَعْضَهُ!وتَمنعُ أنْ يَكُونَ صِيامُنا عَادَةً،تَمنعُنا من التَّكاسُلِ والفُتُورِ! أيُّها الصَّائِمونَ:ومِمَّا يُجدِّدُ النَّشاطَ في مُنتصَفِ رَمضانَ عدمُ الاقتصارِ على نوعِ عبادةٍ، فلا بد من التَّنويعِ في عبادَاتٍ شتَّى،حتى تَطرُدَ السَّآمَةَ وَالمَلَلَ،فمن قُرآنٍ إلى دُعاءٍ،إلى إطعامٍ وإنفاقٍ، إلى سعيٍ على الفقراءِ والمساكينِ،وتَلَمُّسٍ لِحَاجَاتِ الأُسرِ والمُحتَاجِينَ،وتوزيعٍ لكتبِ وأشرَطةِ العلمِ والدِّينِ،وغيرها من أنواعِ البرِّ والإحسانِ،والأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عن المُنْكَرِ,فَيتَجَدَّدُ النَّشاطُ وتعودُ لك الحَيَاةُ،(ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).فاللهمَّ اجعلنا من المقبولينَ في هذا الشهر الكريم، واجعلنا ممن يصومُ رمضانَ ويقومه إيماناً واحتساباً، اللهمَّ أعنَّا فيه على ذكرك وشكرك وحسنِ عبادتكَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنبٍّ فاستغفروهُ وتوبوا إليهِ إنَّهُ هو الغفور الرَّحيمُ.الخطبة الثانية:الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه،نَشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه،ونَشهد أنَّ نبينا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى جَنَّتِهِ وَرضوانه،صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانِهِ,ومَن تبِعهم بِإحسانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.أمَّا بعد:فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ،وَرَاقِبُوهُ وَلا تَعْصُوهُ،واحْذَرُوا الشَّيطَانَ وَاقْهَرُوهُ،(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).أيها المؤمنون،مرَّ نصفُ رمضان، كساعةٍ من نهارٍ،فَاللهَ نَسأَلُ أنْ نَكُونَ فيهِ من الفائزينَ المقبولينَ،رَحَلَ نِصفَهُ،وبينَ صُفُوفِنا بِحمدِ اللهِ صائمُونَ قائمُونَ عابدُونَ، ذَاكرُونَ راكعُون سَاجدُون مُستَغفِرونُ مُنفِقُون،طيِّبُو الذَّكرِ والسِّيرَةِ،نقيُّو القلبِ والسَّرِيرَةِ،فهنيئًا لهم نِصْفٌ قضوهُ،وزادنا اللهُ وإيَّاهم هدىً وتوفيقاً(أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ). رَحلَ نصفُ رَمَضَانَ:وَبَينَنا صَائِمُونَ عن الطَّعَامِ،مُفطِرونَ على أَعْرَاضِ النَّاسِ والحُرُمَاتِ،مُطلِقُون أعينَهم للشَّاشَاتِ والشَّبكاتِ والقَنَواتِ وَقدْ عَصَفَتْ بِهِمْ مُسَلْسَلاتُ الفَسَادِ والكَذِبِ والتَّشْوِيهِ والتَّزْوِيرِ!قَدْ فَاتَتْهُم الصَّلَوَاتُ وَالجَمَاعَاتُ!رَحَلَ نِصْفُهُ الأوَّلُ ولا يزالُ بَينَنا بَخيلٌ شَحيحٌ,صَادٌّ وَمُنَفِّرٌ عَنْ كُلِّ عَمَلٍ خَيرِيٍّ أو دَعَويٍّ أو إغاثِيٍّ!فَلِهؤلاءِ نقولُ:أَحسَنَ اللهُ عَزائَكُم في مُنتَصفِ شهرِكُم،ولا تَتَمَادَوا فِي التَّسويفِ والتَّواني والعِصْيَانِ،فرحمةُ اللهِ واسِعَةٌ، وبابهُ مَفتوحٌ،ومُقبلونَ على عشرٍ فاضِلَةٍ،فاستدركوا ما فاتَ،واعقدِوا العزمَ من السَّاعةِ على الصَّلاحِ والإصلاحِ!فَمَنْ حُرِمَ خَيرُ رَمَضَانَ فَهُوَ المَحرُومُ،ومن لَمْ يَتزوَّدْ فيه فهوَ الظَّلومُ المَلومُ.وقد قالَ نبيُّنا: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".يا عبدَ اللهِ:جَدَّ القومُ وأنتَ قاعِدٌ،وَقَرَبُوا منْ رَبّهم وأنت مُتَبَاعِدٌ،فيا لها من خَسَارةٍ،أنْ تَرى أهلَ الإيمانِ قد حَظُوا بالقُربِ والرِّضوانِ،وقد رُميتَ يالخَسَارِ وِالحِرْمَانِ،فَهذا أوانُ التَّوبةِ وَزَمَنُ الانْكِسَارِ وَالأَوْبَةِ:(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً).فاقصُدُوا بابَ التَّوبةِ تَجِدُوهُ مَفتُوحاً،وابذلُوا ثَمَنَ الجَنَّةِ بَدنَاً ورُوحاً.عِبَادَ اللهِ:استَعِيذُوا باللهِ مِنْ شَرِّ الخِلافَاتِ والفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ,وَكُونوا عبادَ اللهِ إخْوَناً,واعتَصِمُوا بِحِبْلِ اللهِ جَمِيعَاً ولا تَفَرَّقوا,وَتَذَكَّروا قَولَ اللهِ تَعالى:(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ).فاللهمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاها وَزَكِّهَا أنتَ خَيرُ مَنْ زَكَّاهَا،أنت وليها ومولاها.اللهم إنا نسألك البر والتقوى ومن العمل ما ترضى.اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.اللهم اجعل مُستَقبَلَنا خَيراً من ماضينا.اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين,اللهمَّ اكشِفِ الغُمَّةَ عَنْ هَذِهِ الأمَّةِ,اللهمَّ اجْمَعْ شَمْلَنَا وَوحِّدْ صُفُوفَنا,واكفِنا شَرَّ الأشرارِ,وَكيدَ الفُجَّارِ.اللهم وفَّق ولاةَ أمورنا لما تُحبُ وترضى،وأصلح لهم البطانة،ووفقهم لأداء الأمانة.وانْصُرْ جُنُودَنَا.(ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).عباد الله،اذكروا الله العظيم الجليل الكريم يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

 0  0  1.2K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:58 صباحًا السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024.