• ×

08:55 صباحًا , الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024

( مُنَقَّحَةٌ ) تَحْرِيمُ مُشَارَكَةِ اليَهُودِ والنَّصَارى في أعْيَادِهِمْ 21/4/1440هـ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
( مُنَقَّحَةٌ ) تَحْرِيمُ مُشَارَكَةِ اليَهُودِ والنَّصَارى في أعْيَادِهِمْ 21/4/1440هـ
الحمد لله أنعمَ علينا بالإيمانِ، وكرَّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، نشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربُّ الأكوان, ونشهدُ أنَّ نَبيَّنا وقائِدَنَا محمداً عبدُ الله ورسولُه دعانا إلى التَّوحيدِ ،وإفرادِ اللهِ بالمحَبَّةِ والتَّمجيدِ , صلَّى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِهِ خَيْرِ العَبِيدِ, ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الوَعِيدِ. أمَّا بعد: فاتقوا الله عباد الله: حقَّ التَّقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعروةِ الوثقى، فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
أيُّها المؤمنون: كُلَّ يَوْمٍ وَنَحنُ نَشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ, وأنَّ مُحمَّداَ رَسُولُ اللهِ , وَأَنَّ عِيسى ابنَ مَريمَ عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ إلى مَرْيمَ وَرُوحٌ مِنْهُ, وأَنَّ عِيسى مَا مَاتَ وَمَا قُتِلَ ومَا صُلِبَ هذا بِنَصِّ القُرآنِ وَصَرِيحِ السُّنَّةِ وبِالإنْجِيلِ الصَّحِيحِ, وَأَنَّهُ سَينْزِلُ آخِرَ الزَّمَانِ فَيَقْتُلُ الدَّجَالَ وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ وَيَحْكُمِ بِشَرِيعَةِ مُحمَّدٍ عَليهمْ أفضَلُ الصَّلاةِ وَأزْكَى السَّلامِ.
كُلَّ يَوْمٍ وَنَحنُ نَشهدُ أَنَّ اللهَ فَرْدٌ صَمَدٌ لَمْ يَتَّخِذَ صَاحِبَةً ولا وَلَدَاً. كَمَا تَزْعُمُ النَّصَارَى فِي كُلِّ مَكَانٍ وَزَمَنٍ!
كُلَّ يَوْمٍ وَنَحنُ نَشهدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُهَنِّئِ اليَهُودَ ولا النَّصَارَى ا بِأَعْيَادِهِمْ بَلْ أَمَرَ أُمَّتَهُ بِشِدَّةِ مُخَالَفَتِهٍمْ ! فَمِمَّا خافَ منهُ المصطفى صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ على أُمَّةِ الإسلامِ التبعيِّةُ لأعداءِ الإسلامِ من قِبَل ضِعَافِ الإيمانِ ، فعن أبي سعيدٍ الْخُدريِّ رضي الله عنه عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قال: ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبلَكُم شِبْراً شبراً وذِرَاعَاً ذراعاً حتى لو دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُم )، قالوا: يا رسولَ اللهِ اليهودُ والنصارى؟ قال: (فمن( .
أيُّها الكرام: لم يَعُدْ خَافيًا اغترارُ كثيرٍ من إخوانٍ لنا بأعيادِ النَّصارى والتعلقُ والافتتانُ بِها! ولم يَعُدْ خَافيًا ما تبثُّه القنواتُ والوَسَائِطُ من استعداداتٍ وتجهيزاتٍ ليس في الدُّول الكافرةِ فَحَسْبٌ إنَّما في دولٍ عربيِّةٍ وإسلاميِّةٍ ! مِن الاحْتِفَاءِ بمناسبة ليلةِ رأسِ العامِ الجديدِ , حتى اتُّخَذُوا ذلِكَ اليومَ عُطْلَةً وعيدًا؛ كلُّ ذلك بسبب غَيابِ الحكم الشرعي ! وبالْجَهْلِ بخطورةِ ذلكَ على الدِّينِ والأخلاق والْمجتمعِ ! فَمَا نَرَاهُ في بِلادٍ عربيِّةٍ وإسلاميِّةٍ من مَظَاهرِ الفَرَحِ وَتَأَهُّبٍ واسْتِعْدَادٍ , لَيُؤذِنُ بالخطرِ! فواجهاتُ الْمَتَاجِرِ والفنادقِ مُزَيَّنةٌ بالرُّسُومِ والصُّورِ لِحُلُـولِ السَّنةِ الجديدةِ , وإحياءُ الحفلاتِ الصَّاخبةِ التي تُقَامُ لَيُؤذِنُ بالخطرِ !
أيُّها المؤمنونَ: هذا ما كانَ يخشاهُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ على أمَّته وهذا ما يخشاه أهلُ الدِّين والتُّقَى على أمَّتِنا ومُجتَمَعِنا !
فلا تظنُّوا يا كرامُ: أنَّ مشاركةَ النَّصارى في أعيادِهم مسألةَ إثمٍ ومعصيةٍ فحسبُ، أو مجردَ زلَّةٍ وخطأٍ فقط، كلاَّ وربِّي ولكنَّها مسألةُ عقيدةٍ ودينٍ ! بل قد تكونُ مسألةَ إيمانٍ وكفرٍ؛ لأنَّ المشاركةَ نوعٌ من التَّشَبُّهِ، ونبيُّنَا صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قد قال : (من تشبَّه بقومٍ فهو منهم). ولهذا تواترتِ نصوصُ الشَّريعةِ الغَرَّاءِ على حصر الأعيادِ في الإسلام بعيدي الفِطرِ والأضحى، لا ثالثَ لهما سوى يومَ الْجُمعةِ، وأنَّ ما سواها من الأعياد إنِّما هو مُحدَثٌ باطلٌ فاسدٌ , سواءٌ كان أسبوعياً أم سنويِّاً. قَدِمَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينةَ فوجدَ أهلَها لهم يومانِ يلعبونَ فيهما قال: (ما هذانِ اليومانِ) قالوا: كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهلية، فقال: (إنَّ الله قد أبدلَكُم بِهما خيراً منهما يومُ الأضحى ويومُ الفِطِرِ). وَصَدَقَ اللهُ سبحانه حينَ قالَ: ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَـٰجاً). فسَّرَ مجاهدٌ رحمهُ اللهُ قولَه سبحانَهُ: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ). بأنَّها أعيادُ المشركين. عباد اللهِ: وهذا الفاروق عُمَرُ رضي اللهُ عنهُ يحذِّرُ الأمَّةَ من خُطُورَةِ التَّبَعِيَّةِ فيقول: لا تَعَلَّموا رَطَانةَ الأعاجمِ ، ولا تَدخُلُوا على المشركينَ في كنائِسِهم يومَ عيدهمِ ؛ فإنَّ السَّخْطَةَ تَنْزِلُ عليهم). وقال: (اجتنبوا أعداءَ اللهِ في أعيادِهم ). أيُّها المؤمنون: ولسائلٍ أنْ يقولَ ما المْحاذيرُ التي تجعلُ سلفَ الأمَّةِ وعلماءَ الشريعةِ يُحذِّرونَ من مُشاركةِ النَّصارى في أعيادهم ؟! ألا يمكنُ أنْ نَتَأَلَّفَهُمْ ونكسِبَ وُدَّهُم ونحبِّبَهُم بالإسلام إذا شاركناهم ؟! فالجوابُ في قولِ علاَّم الغُيُوبِ: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ). فمشاركةُ النَّصارى في أعيادِهم تورثُ نوعَ محبَّةِ وموالاةٍ، والمحبةُ والموالاةُ لهم تنافي الإيمانِ! ثم إنَّ مشاركَتَهُم في أعيادِهم يوجبُ سُرُورَ قلوبِهم بما هم عليه من الباطلِ ، قالَ الإمامُ ابنُ القَيِّمِ رحمه الله:" وأمَّا تَهنِئَتُهُم بِشعائِر الكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهم فحرامٌ بالاتفاق، فهذا إنْ سَلِمَ قَائِلُه من الكفرِ فهو من الْمُحرماتِ، وهو بِمنزلةِ أنْ يُهَنِّئَهُ بسجودهِ للصَّلِيبِ, وكثيرٌ ممن لا قَدْرَ للدِّينِ عندَه يقعُ في ذلك ولا يَدري قُبحَ ما فعلَ، فمن هنأ عبدًا بمعصيةٍ أو بدعةٍ أو كُفرٍ فقد تَعَرَّض لِمَقْتِ الله وسَخَطِهِ" .فاللهم أرنا الحقَّ حقَّاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابهُ. أقول قَولي هَذَا، وأَستَغفِر اللهَ لي ولَكم ولسائرِ المسلِمين مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنَّه هوَ الغَفورُ الرَّحيم.
الخطبة الثانية :
الحمدُ لله الْمُتَفَرِّدِ بالعَظَمةِ والْجَلالِ، نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، ولا معبودَ بِحقٍّ سواه , ونشهد أنَّ محمدا عبدُه ورسولُه ومصطفاهُ. صلى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابه الطَّيِّبِينَ ، ومن سارَ على نَهجهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الدِّين. أمَّا بعدُ: فاتقوا الله عباد الله حقَّ التَّقوى، واستَمْسِكُوا بِهذا الدِّينِ، فهو خيرُ دِينٍ وأزكى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ).
أيُّها المسلمونَ، مشاركةُ النصارى في أعيادهم لا تقتصرُ على الحضور فقط، بل هناكَ صورٌ أخرى للتَّهنِئَةِ كالتَّهنِئَةِ بالقول ,أو إهداءِ الشُّموعِ والوُرُودِ والْحَلَوياتِ، فإنَّ هذا من التَّعاونِ على الإثمِ والعدوانِ، أيُّها المؤمنون: كُلَّ يَوْمٍ وَدِينُنَا يَأْمُرُنَا بِالبِرِّ وَإحْسَانِ المُعَامَلَةِ مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ, ولا يَمْنَعُنَا أَنْ نُشَارِكَهُم فِي مُنَاسَبَاتِهِمُ الاجْتِمَاعِيَّةِ دُونَ الدِّينِيَّةِ مِثْلُ الزِّوَاجِ والوِلادَةِ وَالنَّجَاحِ دُونَ مَيلٍ أو تَعَلُّقٍ بِهِمْ.
أيُّها المسلمونَ، دِينُنَا العَظِيمُ يُحَرِّمُ عَلينَا أنْ نَعْتَدِيَ عَلى كُلِّ أحَدٍ أيَّاً كَانَ جِنْسُهُ أو دِينُهُ فلا نَظْلِمُهُ أو نَبْخَسُ لَهُ حَقَّاً أو نَحْقِرُهُ أو نُهِينُهُ.
إخْوَةَ الإيمَانِ، مُشَارَكَةُ النَّصارى بِعيدِهم خَطرٌ وخَلَلٌ على عَقِيدَتِنَا ! فَكَيفَ نَرْضَى أنْ نُشَارِكَهم ونَحْنُ نَقْرَأُ قَولَ اللهِ تَعَالَى: (مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبّكُمْ).
كَيفَ نُجَامِلُ عَلى حِسَابِ عَقِيدَتِنَا وَدِينِنَا وَهُمُ الذينَ قَالوا : ( الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ) فَرَدَّ اللهُ عليهِمْ بِقَولِهِ: (ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ).
كَيَفَ تُشَارِكُهُمْ واللهُ يَقُولُ عَنْهُمْ: ( لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا).
فيا مُسلِمُون، اتَّقُـوا اللهَ فِي دِينِكُم وعَقِيدَتِكُم وثوابِتِكُمْ، واشكروا نعمته عليكم أن هداكم للإسلام، وخَصَّكم بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحمةِ والسَّلامِ، وجعلَكُم مِنْ خَيرِ أُمَّةٍ أخرجت للنَّاس. واعتَزُّوا بدينِكُم، فدِينُكُم غَنيٌّ بالعقيدةِ الصحيحةِ، والشريعةِ العادلةِ، والأخلاق الفاضلةِ. ولا تَغتَّرُوا بِما يَفْعَلُهُ الْمُترَفُونَ! وخذوا على أيدي السُّفهاءِ الذين لا يعقلونَ !فَقَدْ اَنْتَشَرَ عِنْدَ بَعْضِ المَشَاهِيرِ لُبْسُهُمْ فِي مِثْلِ هَذِهِ الأيَّامِ مِنْ ألْبِسَةِ وَقُبَّعَاتِ النَّصَارى فَيُضِلَّوا النَّاسَ بِغَيرِ عِلْمٍ !كَمَا وَصَفَ اللهُ حَالَهُمْ بِقَوْلِهِ: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ).

هذا وصلُّوا وسلِّموا على سّيِّدِ الأولينَ والآخِرِينَ، وأَفضَلِ الْخَلقِ أَجمعينَ، مُحَمَّدٍ الأمينِ كما أَمَرَنا ربُّ العالمين. فاللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله الطَّيبينَ الطَّاهرينَ، وارضَ اللهم عن الخلفـاءِ الراشدينَ، وعن الصحابةِ أجمعينَ، والتابعينَ لهم بإحسـانٍ إلى يـوم الديـن. اللهم أَرِنَا الْحَقَّ حَقَّا وارزقنا إتباعَه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم أَحْيِنا مُسلمين وتوفَّنا مسلمينَ غير مُبدِّلينَ ولا مُغيريِّنَ. اللهم يا مُقلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّت قُلُوبَنَا على دِينِكَ. ربَّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنِّك أنت الوهاب. اللهم أصلح شَأْنَنَا كُلَّه ووفِّق ولاتَنا وعلماءَنا إلى ما تُحبُ وترضى وخذ بنواصينا للبر والتقوى، اللهم انصر دينكَ وكتابك وسنةَ نَبِيِّكَ وعبادَك الصالحين، ربَّنا اغفر لنا ولإخوانِنِا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعلْ في قُلُوبِنا غِلاًّ للذين آمنوا ربَّنا إنِّكَ رؤوفٌ رحيمٌ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 0  0  735
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 08:55 صباحًا الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024.