• ×

11:28 صباحًا , الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024

خطبة الجمعة 28-01-1433هـ بعنوان أينَ الرَّحْمَةُ يا قُساةُ ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 

الحمدُ لله وَسِعَ كلَّ شيءٍ رَحْمَةً وعلمًا،اتَّصف بالرَّحْمَةِ رَأفَةً وحِلمًا،أسبغَ علينا رِزْقًا وأمنًا، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له, له الملكُ ولهُ الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، ونشهدُ أنَّ محمَّدَاً عبدُ الله ورسولُهُ بَعَثَهُ ربُّهُ رَحْمَةً وهُدىً، فَأوسَعَ الْخَلْقَ خُلقًا ورِفْقَاً،كمَّلَهُ اللهُ بِكريْمِ السَّجايا حَرْبَاً وسِلمَاً،صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آله وأصحابِهِ ومن تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ. أمَّا بعدُ: فاتَّقوا الله عبادَ الله،واستجلِبوا رحمتَه بِتقَواهُ، يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ أيُّها الْمُسلِمُونَ: الدُّنيا عرَضٌ زائِلٌ، يأكلُ منها البَرُّ والفَاجِرُ، والآخرةُ أجلٌ صادقٌ، يَحكُمُ فيها مَلِكٌ رحيمٌ قادرٌ، ويفصِلُ فيها بين الحقِّ والباطلِ ! وفي سَنَوَاتِ الشِّدَّةِ والبَأْسِ،وَعصرِ تَقلُّباتِ القِيَمِ والْموازِينِ،في زَمَنِ قَهْرِ الضُّعفَاءِ,وجُبنِ وخَورِ الأقوياءِ ! ما أحوجَنا وأحوجَ النَّاسِ إلى كَنَفٍ رحيمٍ،ورِعايةٍ حانِيةٍ،رَحْمَةٌ لا تَضِيقُ بِتحقِيقِ الحقوقِ وَالْمَطالِبِ،ورَحْمَةٌ لا تَنفِرُ من بَثِّ الهُمُومِ،النَّاسُ في هذا الزَّمنِ بِحاجةٍ إلى قَلبٍ كبيرٍ، يَمنحُهم ويُعطيهم، يُكرِمُهم ويُواسِيهم ! ألا وإنَّ من أعظمِ الأخلاقِ الْمندُوبَةِ، خُلُقُ الرَّحمةِ والتَّراحُمِ بين المسلمينَ عُمُوماً,وبينَ الرَّعيَّةِ والرَّاعي خُصُوصاً،ولا شكَّ فإنَّ الرَّحمةَ مِفتَاحُ القَبُولِ والقُلوبِ،وفُقدَانُها فُقدَانٌ للحياةِ الْهانِئَةِ،وإحلالٌ لِلجَاهِليَّةِ والْهَمَجِيَّةِ، والأَثَرَةِ العَميَاءِ,والتَّصرُّفاتِ الْخرقَاءِ!والآراءِ الْحَمقَاءِ! والرَّحمةُ يا مؤمنونَ:كَمالٌ في الطَّبِيعَةِ البَشرِيَّةِ، تَجعلُ الْمرءَ يَرِقُّ لآلامِ الْخَلقِ، فَيسعى لإزالَتِها،ويَحزَنُ لِحُزنِهم ,ويفرحُ لِفَرَحِهم, ومع الأسفِ الشَّدِيدِ في الجاهليَّةِ الغابرةِ,والأحداثِ الحاضِرَةِ الرَّاهِنَةِ,نَالت تلكَ الْجاهليَّةُ من الرَّحْمَةِ أَقسى مَنَالٍ،وَدَاسَتْ عليها بالأقدامِ,حتى وأَدَتْها في مَهدِها،فقد كَشَفَ اللهُ لنا في كتابِهِ الكريمِ فئاماً من النَّاسِ فَقَدوا الرَّحْمَةَ،وَتَمَثَّلُوا بالقَسوَةِ والغِلظَةِ ، فأصحابُ الأُخدُودِ،حينَ أَضرَمُوا النِّيرانِ،رَمَوا بمن آمنَ من النَّاسِ والغِلمَانِ،ولَمْ يَرحَمُوا أُمَّ الصِّبيانِ !والسَّببُ ؟ وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ لقد كَشَفَ اللهُ عمَّن فَقَدَ الرَّحْمةَ وانقضَّ بِمَخَالِبِهِ عليها ! إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى ٱلأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيىِ نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ لقد كَشَفَ اللهُ في كتابِهِ عن مُمَارساتٍ شَاذَّةٍ، مِمَّن فَقَدوا الرَّحمة وَأَمَاتُوهَا، بِقَتْلِهم أَوْلَادَهُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرَاً ! هذا شيءٌ مِمَّا في الزَّمنِ الغابِرِ أمَّا في الجاهليَّةِ الحديثَةِ فحدِّث عنِ الظَّلمةِ ولا كرامَةَ لهم! تَكلَّم يا تاريخُ عمَّنَ فَقَدوا مَعانِيَ الرَّحْمَةِ والشَّفقةِ والعَدَالَةِ في شتى البِقَاعِ ولا حُرْمَةَ لهم! ما فعلَ القُساةُ الطُّغاةُ بأفغانستَانَ وشَعبِها ؟ ماذا فَعَلُوا بالعراقِ وأهلِها وسُنَّتِها وَحَضَارَتِها ؟ ماذا يَفعلُونَ كلَّ يومٍ بِفِلَسطينَ وَفَقْرِها وحِصَارِها ؟ ماذا يفعلونَ الآنَ بسوريا العزِّ والسِّلمِ, والكرامَةِ والإباءِ ؟ وإن تَحدَّثتَ عن الْمَسَاجِينِ والمظلومينَ فانزع جلبابَ الرَّحمةِ والعدَالَةِ عنهم ولا كرامةَ !حقَّاً لمَّا غابتِ الرَّحْمَةُ عن القُلوبِ لا تَجدُ إلا طَحْنَاً وَفَتْكاً بالشُّعوبِ! فأينَ هؤلاءِ القومِ من هَديِ الرَّحْمَةِ الْمُهدَاةِ,والنِّعمَةِ الْمُسدَاةِ ؟ فقد أرسلهُ اللهُ لِذَلِكَ فقالَ: وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَـٰلَمِينَ وجاءَ بشريعةِ الإسلامِ فكانَ: عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ لقد كان يشُقُّ عليه ما يَشُقُّ على أمَّتِهِ،فما خُيِّر بينَ أمرينِ إلا اختارَ أيسرَهُمَا ما لم يكن إثمًا،وكم من موقفٍ قالَ فيه: لولا أنْ أشقَّ على أمَّتي لأمرتُهم بكذا أو لَفَعلْتُ كَذا.حتى تَجَلَّت رحمةُ المصطفى ،في جوانبَ كثيرةٍ من حياتِهِ وسيرَتِهِ وسَرِيرَتِهِ،فالإسلامُ رِسَالَةُ الرَّحْمَةِ والسَّلامِ للبشريَّةِ كُلِّها،دعا إلى التَّراحُمِ،وجَعَلَها من دَلائِلِ كَمَالِ الإيمانِ،فعن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه، أنَّ النَّبِيَّ قال: (لن تُؤمِنُوا حَتَى تَرَاحَمُوا)قالوا: يا رسولَ اللهِ،كُلُّنا رَحِيمٌ،قال: (إنَّه ليس بِرَحْمَةِ أَحَدِكُم صَاحِبَهُ، ولكنَّها رَحْمةُ العامَّةِ) فَليستِ الرَّحمةُ يا عبدَ اللهِ على مَنْ تَعرِفُ من قَرِيبٍ أو صَدِيقٍ فحسبُ، ولكنَّها رحمةٌ تَسَعُ العامَّةَ كُلَّهم، قال رسولُ الله : (مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ، لَا يَرْحَمْهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ) وفي الحديث الآخر: ( إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ ) تَلا رسولُ الله قولَ عيسى عليه السَّلامُ: إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ أُمَّتِي أمَّتِي» وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟» فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: " يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ "بل إنَّ رسُولَنا الكريمَ حذَّرَ من الْمَشَقَّةِ على النَّاسِ،وَنَزْعِ الرَّحمَةِ عنهم، وأخذِهم بالبأسِ والشِّدَّةِ فقال:«اللهُمَّ،مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ،فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ» الله أكبرُ!ما أعظمَ المصطفى !وما أرحَمَهُ!وصدقَ اللهُ أحسنُ القائلينَ, وأرحمُ الرَّاحمينَ، وخيرُ الرَّاحمينَ, فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فاللهمَّ انفعنا وارفعنا بالقرآنِ العظيمِ وبِهديِ سيِّدِ المرسلينَ ,وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذَنْبٍ وَقَسْوةٍ وظُلمٍ فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ. الخطبةُ الثانيةُ: الحمدُ للهِ يعلمُ مَكنُونَاتِ الصُّدُورِ والضَّمَائِرِ،ونشكُرُهُ على فَضلِهِ الْمُتَكَاثِرِ،ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له هو الأوَّلُ والآخِرُ،والبَاطِنُ والظَّاهِرُ،ونشهدُ أنَّ سَيِّدَنا ونَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عبدُ الله ورسولُه الْمُطهَّرُ الطَّاهِرُ،كريْمُ الأصلِ زَكِيُّ الْمَآثِرِ،صلَّى الله وَسَلَّم وبَارَكَ عليه وعلى آله وأصحابِهِ أُولي الفَضَائِلِ والْمَفَاخِرِ،والتَّابعينَ ومن تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى اليومِ الآخِرِ. أمَّا بعد:فا تَّقوا اللهَ عباد اللهِ وتخلَّقوا بأخلاقِ نَبِيِّكُم الزَّكِيَّةِ،وتَمَسَّكُوا بِمبادِئِ دِينِكُم الرَّضِيَّةِ،أيُّها المؤمنون:لقد تَجَلَّت رحمةُ المصطفى بأمَّتِهِ ، حتى بَلغَت تَعلِيمَ الجَاهِلِ، وتَوجيهَ الغَافِلِ، ومُداعبَةَ العِيَالِ,ورحمةَ الصِّبيانِ،رُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صَبِيٌّ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ يعني تَخرُجُ كَأَنَّهَا فِي شَنَّةٍ،فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ:«هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» بل لقد تَعَدَّت رحمةُ المُصطفى إلى نِطَاقِ الحَيوانَاتِ العَجْمَاوَاتِ،فقد مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ، فَقَالَ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً» ودَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ يوماً حَائِطًا فَإِذَا جَمَلٌ،فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ يعني رَقَبَتَهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ، لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟» ، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: «أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا؟، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ» اللهُ أكبرُ يا مُسلِمُونَ:وتعاليمُ الإسلامِ بَيَّنتْ لنا أنَّ امرأةً دخلتِ النَّارَ بِهِرَّةٍ حَبَسَتْهاَ!وبالمُقابلِ بَغِيَّاً دخلَتِ الجنَّةَ بِكَلْبٍ سَقَتْهُ ! فإذا كانَ حَبسُ هِرَّةٍ أَوْجَبَ نَارَاً، فكيفَ بِحبسِ ألآلفِ البُرآءِ من البَشَرِ؟! عبادَ اللهِ: النَّاسُ أحرارٌ،مَتى حَكَمَتُهمُ مَعَانِي العدلِ والرَّحمَةِ,والشَّفَقَةِ والوُدِّ،فَتحتَ ظِلِّ الإسلامِ الوارِفِ يَعِيشُ النَّاسُ كالجسدِ الواحدِ،كما وَصَفَهُم : (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)ورَحَْمَةُ اللهِ تُستجلبُ بطاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِهِ والاستقَامَةِ على الإسلامِ، وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ورَحَْمَةُ اللهِ كذلِكَ تُستجلبُ بقولِ اللهِ تعالى: وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ورَحَْمَةُ اللهِ تُستجلبُ بِكَثْرَةِ الاستغفارِ: لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ . ورَحَْمَةُ اللهِ تُستجلبُ بقولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)من أجلِ ذالِكم يا رعاكمُ اللهُ فإنَّ المؤمنَ الحقَّ يَتميَّزُ بِقلبٍ حَيٍّ,رَحِيمٍ لَيِّنٍ,يَرِقُّ لِلضَّعِيفِ،وَيَألَمُ لِلحَزِينِ،وَيَمُدُّ يَدَهُ لِلمَلهُوفِ،وَيَنْفِرُ من الإيِذاءِ، وَيَكرَهُ الْجَرِيْمَةَ، فهو مَصدَرُ خَيرٍ وَبِرٍّ وسَلامِ لهُ ولِمَنْ حَولَهُ. واعلموا أنَّ الْمَرءَ مُطالَبٌ بالرَّحْمَةِ والتَّرَاحُمِ,أَولاً في أهلِهِ،وَثَانِيَاً في رَعِيَّتِهِ وجِيرانِهِ, ومُواطِنِيهِ ومُوظَّفِيهِ،فلا يكونُ عَونَاً للأَبنَاءِ على العُقُوقِ،ولا لِجيرَانِهِ على الإِساءَةِ،ولا لِرَعيَّتِهِ على التَّمرُّدِ والخُرُوجِ، واعملوا بِقولِ الْمُصطفَى :«إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ،وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ،وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» وَحَذَارِ مِمَا حَذَّرَنا منه بقوله: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا» ألا فاتَّقوا اللهَ رَحِمَكُمُ اللهُ، وَتَوَاصَوا بالْحقِّ، وَتَواصَوا بالصَّبْرِ، وَتَواصَوا بِالْمَرْحَمَةِ.ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّموا على نَبِيَّ الرَّحْمَةِ, إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً فاللهُمَّ صَلِّ وَسَلَّم وَبَارِكْ على عَبِدكَ ورَسُولِكَ مُحمَّدٍ وعلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهرينَ.اللهمَّ اجعلنا جميعاً هداة مهتدين غيرَ ضالينَ ولا مُضلِّينَ,اللهمَّ أعنَّا اللهمَّ أعنَّا على أداءِ الأمانَةِ وحملِ الرِّسالةِ يارب العالمين.اللهم وفِّق ولاةَ أمورِ المسلمينَ عامَّةً وولاةَ أمورنا خاصَّةً لما تُحبُّ وترضى,وأعنهم على البرِّ والتَّقوى,وأصلح لهم البطانةَ,اللهم اجعلهم رحمةً على رعايَاهم,اللهم إنَّا نعوذُ بك من فُجاءَةِ نِقمتِكَ وتحوِّلِ عافيتِكَ.اللهم وحِّد صفوفَ إخوانِنا واجمع كلمتَهم على الحقِّ والهدى.اللهم اكفهم شرَّ الأشرارِ وكيدَ الفجَّار يا قويُّ يا قهَّارُ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ 

 0  0  18.4K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 11:28 صباحًا الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024.