• ×

07:07 صباحًا , الأربعاء 15 شوال 1445 / 24 أبريل 2024

خطبة الجمعة 04-06-1435هـ بعنوان لَعَلَّ فِي الرِّيَاحِ خَيرَا

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله خَلقَ فَقَدَّرَ،وَمَلَكَ فَدَبَّرَ،سبَّحت لهُ السَّمواتُ وأَملاَكُها،والنُّجومُ وأفَلاكُها،والرِّياحُ وذَرَّاتُها,نشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ،أظهرَ الأَدِلَّةَ على وَحدَانِيتِهِ وَجَلاَّهَا،وَتَوَعَّد الغَافِلِينَ بالنَّارِ وَلَظَاهَا،اللهُمَّ إنَّا نَبْرَأُ إليكَ من قُلُوبٍ خَلَت مِن هُداها،وأُشرِبَت هَوَاهَا،وَنشْهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ،خيرُ البَرِيَةِ وأزكَاها،صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ,والتَّابعينَ لهم ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ.

أمَّا بعدُ:عبادَ الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى،تَدرَّعُوا بها في الشِّدةِ والرَّخاءِ،واعمُرُوا أوقاتَكم بِها في الصَّبَاحِ والْمساءِ،فبالتَّقوى تُدفَعُ البَلايا: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا عباد الله:آياتٌ ونذرٌ من رَبِّ الْعالَمينَ نراها يوماً بعدَ يومٍ!حروبٌ ومَجَاعاتٌ,وَحوادِثُ في البَرِّ والبَحرِ والْجَوِّ،يَموتُ فيها جَماعاتٌ في لَحظةٍ واحدةٍ،وزَلازِلُ وَبَراكِينٌ،وَعَواصِفُ وَأَعَاصِيرُ, وغُبارٌ يَخنِقُ البَشَرَ وَيَشُلُّ حَرَكَتَهم,: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ والمسلمُ بما يَحمِلُهُ من عقيدةِ التَّوحيدِ يعلمُ أنَّ الضُّرَ والنَّفعَ بِيدِ اللهِ العزيزِ الحكيمِ،وأنَّ ما يَجري إنَّما هيَ لِحِكَمٍ يُريدِها اللهُ،عَلِمَها بَشَرٌ أو غَابَتْ عنهم، وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ .

أيُّها الْمؤمنونَ:نعيشُ في هذه الأيامِ تَقَلُّباتٍ جَوِّيَّةٍ مُتباينَةٍ!أمطارٌ وغُبارٌ!وسُكُونٌ ورياحٌ!وفي هذه التَقَلُّبات قد يَضجَرُ أُنَاسٌ ويَتأفَّفونَ!وقد يَسُبُّ أناسٌ ويَعتَرِضونَ! وبالْمُقابلِ معَ الأَسَفِ نَسمعُ عن أُناسٍ قد يَفرحونَ لأنَّهم عن الْمَدَارِسِ يَتَغيَّبُونَ!والمؤمنُ الْفَطِنُ هو من يَقِفُ عندَ هذهِ الآياتِ وقفَةَ اعتبارٍ وادِّكارٍ,لا وقفةَ حُبِّ استطلاعٍ ومُتابعةٍ للأخبارِ!والتِقَاطُ صُّورِ الأعاصيرِ, وَمُراقَبةُ سَيرِ الرِّياحِ! غافِلاً عن الآياتِ العظمى,والعِبَرِ الكُبرى! واللهُ تعالى يقولُ: وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . فلنقفْ يا مؤمنونَ مع سُنَنِ اللهِ في الرِّياحِ,وكيفَ كانُ هَدي نبيِّنا إذا رأى ذلكَ؟.

عبادَ الله:ما يُحدِثُه اللهُ في الكَونِ من أُمورٍ تَخرُجُ عن مَألوفِ النَّاسِ,له شَأنٌ عَظيمٌ,لا يُدرِكُه إلاَّ مَنْ مَلأَ الإيمانُ قَلبَهُ،وعظَّمَ اللهَ في نَفسِهِ،وأَيقَنَ بِقولِ اللهِ: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ .فَمِنَ الظُّلمِ أَنْ يَقصِرَ الإنسانُ ما يجري على الأسبابِ المَادَّيَةِ الحِسِّيةِ بِمَعزِلٍ عن الأسبابِ الشَّرعِيَّةِ والحِكَمِ الإِلهِيَّةِ.فَخَطأٌ أنْ يُقالَ:أنَّ الرِّياحَ الفُلانِيَّةَ بسببِ النَّجمِ الفُلانِيِّ,أو أنَّ هذا وقتُها المُعتادُ,ففي صحيحِ مُسلمٍ رحمهُ اللهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:" أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ رَبُّكُمْ؟قَالَ:مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ. يَقُولُونَ:الْكَوَاكِبُ وَبِالْكَوَاكِبِ".قال الإمامُ النَّوويُّ رحمهُ اللهُ ما مفادهُ: (ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ, أنَّ مَن اعْتَقدَ أَنَّ الْكَوْكَبَ فَاعِلٌ مُدَبِّرٌ مُنْشِئٌ لِلْمَطَرِ،كَمَا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَزْعُمونَ، فهَذَا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ.ومَن اعْتَقدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ أنزَلَ المَطَرَ،وَأَنَّ النَّوْءَ مِيقَاتٌ لَهُ وَعَلَامَةٌ باعْتِبَارِ الْعَادَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ:مُطِرْنَا فِي وَقْت كَذَا،فَهَذَا لَا يَكْفُر.ولكنَّهُ يُكرَهُ لَهُ لأَنَّهَا كَلِمَةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْن الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ،فَيُسَاءُ الظَّنُّ بِصَاحِبِهَا،وَلِأَنَّهَا شِعَارُ الْجَاهِلِيَّة،وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ). إخوةَ الإيمانِ:الرِّيحُ والغبارُ رُسُلٌ ونُذُرٌ من عندِ اللهِ تعالى وآيةٌ من آياتِهِ: وَمَا نُرْسِلُ بِالآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا وهي كذلِكَ جُندٌ من جُنُودِ اللهِ يَنصُرُ بِها مَن يَشاءُ,ويُعَذِّبُ بِها مَن يَشاءُ!فَفِي غَزوةِ الْخَندَقِ صارت الرِّيحُ جُنداً ونعمَةً لِلمُؤمِنِينَ,وَعَذَاباً وَدَمَاراً على الكَافِرِينَ!حتى نادى أَبُو سُفْيَانَ وقَالَ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ،إنَّكُمْ وَاَللَّهِ مَا أَصْبَحْتُمْ بِدَارِ مُقَامٍ،لَقَدْ هَلَكَ الْكُرَاعُ,وَالْخُفُّ، وَلَقِينَا مِنْ شِدَّةِ الرِّيحِ مَا تَرَوْنَ،مَا تَطْمَئِنُّ لَنَا قِدْرٌ،وَلَا تَقُومُ لَنَا نَارٌ،وَلَا يَسْتَمْسِكُ لَنَا بِنَاءٌ) وبِمُقَابِلِ ذالِكَ جَعَلَ اللهُ الرِّياحَ رَحْمَةً وَرُخَاءً وَلَقَاحَاً: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ .وصدَقَ اللهُ: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ . أيُّها الكرامُ:ولِعَظَمَةِ الرِّيحِ وعِظَمِ شَأنِها فقد أَقسَمَ اللهُ بِها فَقَالَ جَلَّ في عُلاهُ: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا قالَ ابنُ كثيرٍ رحمهُ اللهُ:{وَالْمُرْسَلاتِ والْعَاصِفَاتِ وَالنَّاشِرَاتِ}هي الرِّيحُ.قَالَهُ عليُّ ابُن أبِي طَالِبٍ وابنُ مَسعُودٍ وابنُ عَبَّاسٍ،ومُجاهِدٌ،وَقَتَادَةُ،رضيَ اللهُ عنهم أجمعينَ.بِأنَّها الرِّيَاحُ إذا هَبَّت شَيئَاً فَشَيئَا؟وهي الرِّيحُ العاصِفُ إذا هَبَّت بِتَصوِيتٍ، وهي:الرِّيَاحُ التي تَنْشُرُ السَّحَابَ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، كَمَا يَشَاءُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ. عبادَ اللهِ:واللهُ تعالى جعل الرِّياحَ بُرهَانَاً على كَمَالِ رُبُوبِيَّتِهِ وأُلُوهِيَّتِهِ،فَقَالَ : وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . وبالجملةِ فَحياةُ ما على الأَرضِ مِن إنسانٍ ونَبَاتٍ وَحيوانٍ قائِمةٌ على الرِّيَاحِ،فَلولا تَسخِيرُ اللهِ الرِّياحَ لَمَاتَ النَّباتُ وَهَلَكَ الحَيوَانُ وَفَسَدَ الطَّعامُ واختَنقَ الإنسانُ، فسُبحانَ مَنْ سَخَّرها وأرسلَها!

والْمَطَرُ عبادَ اللهِ قائِمٌ على خَمْسِ رِيَاحٍ:رِيحٌ يَنشُرُ السَّحَابَ ورِيحٌ يُؤلِّفُ بَينَهُ ويَجمَعُهُ ورِيحٌ يُلَقِّحُهُ ورِيحٌ يَسُوقُ السَّحَابَ حيثُ يُريدُ اللهُ ورِيحٌ يَذْرُوهُ ويُفَرِّقُهُ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ. قالَ اللهُ تعالى: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ فاللهمَّ انفعنا وارفعنا بالقرآنِ العظيمِ,واستغفرُ اللهَ العَلِيَّ العَظِيمَ لِي وَلَكُم ولِسَائِرِ المُسلِمِينَ من كلِّ ذَنبٍّ عظيمٍ فاستَغفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبةُ الثانيةُ:

الحمدُ لله ربِّ العالمينَ،نَشهدُ أنَّ اللهَ المَلِكُ الْحقُّ الْمبِينُ,لا إلهَ إلا هو يَفعلُ ما يَشاءُ ويَحكُمُ ما يُريدُ،ونَشهدُ أنَّ مُحمدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ خيرُ العبيدِ،صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ والتَّابِعينَ لهم ومن تَبِعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الْمَزِيدِ. أمَّا بعدُ.فاتقوا اللهَ عبادَ الله،واعلموا أنَّهُ ليسَ بينَ اللهِ وبينَ أحدٍ مِن خَلقِهِ نَسَبٌ ولا حَسَبٌ فاللهَ تعالى يقولُ: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ .لِذا كانَ لِنَبِيِّنا مع الرِّياحِ شَأنٌ عَظِيمٌ،ولا عجَبَ فهو عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أعلَمُ النَّاسِ بِرَبَّهِ وأَخْبَرُ الْخَلْقِ بَأسَبَابِ عَذَابِهِ وعِقَابهِ.

تُصَوِّرُ لَنَا أُمُّ الْمؤمِنينَ عَائشةُ رضيَ اللهُ عنها حالَ نَبِيِّنا بقولها: كانَ إِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ يعني تَلَبَّدَتْ بالغُيُومِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَخَرَجَ وَدَخَلَ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ،فَإِذَا أمْطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ،فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ،فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: ( لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ .رواه مسلم.

عبادَ اللهِ:ومن أَحكَامَ الرِّيحِ أَنَّهُ لا يَجوزُ سَبُّها ولا لَعنُها،ولا التَّأفَّفُ منها على سَبِيلِ الاعتراضِ عليها,فَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :" لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ،فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا:اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ "قالَ الألبانيُّ حديثٌ صحيحٌ.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما،أَنَّ رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ، فَلَعَنَهَا,فَقَالَ النَّبِيُّ :«لَا تَلْعَنْهَا، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ». قالَ الألبانيُّ حديثٌ صحيحٌ.

عبادَ اللهِ:وَينْبَغِي أَخذُ الحَيطَةِ والحَذَرِ أثناءَ هُبوبِ الرِّيحِ والأعاصيرِ فلا تُلقِ بِنَفْسِكَ ومَنْ معكَ إلى التَّهلُكَةِ بِمُطارَدَتها والدُّخول فيها بقصدِ التَّصوير والمُغامَرَةِ,كَمَا يَنْبَغِي أنْ نَلزَمَ المَنازِلَ أثناءَ الغُبارِ خاصَّةً في الَّليلِ البَهيمِ فَبِهِ تَكثُرُ الحَّوادِثُ والأخطارُ.ومن النَّاحِيَةِ الصِّحيَّةِ فَيوصي الأطباءُ بِلُبسِ الكَمَّاماتِ أثناء الغُبارِ,ويُتَنَبَّهُ أيُّها الإخوةُ لِمَسألَةٍ فِقْهِيَّةٍ في لُبسِ الكَمَّاماتِ لِغَيرِ حاجَةٍ أَثنَاءَ تَأدِيَةِ الصَّلاةِ فإنَّ العُلماءَ قالوا يُكرَهُ التَّلَثُّمُ وَهُوَ تَغْطِيَةُ الأَنْفِ وَالْفَمِ فِي الصَّلاَةِ لِغَيرِ حاجةٍ. خاصَّةً وأنَّ مَساجِدَنا بِحمدِ اللهِ مُحكَمَةٌ من دُخُولِ الأترِبَةِ وغيرِها.

أيُّها المُؤمنونَ: ومن الأسبابِ الشَّرعِيَّةِ لِمَنعِ والرِّياحِ والغُبارِ,الإكثارُ من التَّوبةِ والاستغفارِ، فاللهُ تعالى يقولُ: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ . والْمؤمنُ الصَّادِقُ هو مَنْ يَتَأَثَّرُ قَلبُهُ بالآياتِ الكَونِيَّةِ التي يَراهَا،فَتُذَكِّرُهُ باللهِ،وَتُحيي قَلبَهُ, وَتُجَدِّدُ إيْمَانَهُ،وَتَجعَلُهُ مُتَّصِلاً باللهِ،ذَاكِرَاَ لَهُ،مُستَجِيرَاَ من سَخَطِهِ وَنِقَمِهِ.

فاتَّقُوا اللهَ يا مؤمنون وَتَذَكَّروا: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَهل تَدْعُونا هذه الآياتُ والنُّذُرُ لِمُرَاجَعَةِ أَنْفُسِنا وَتَصحِيحِ أَخطَائِنَا ؟! فاستَمسِكُوا رَحِمَكُمُ اللهُ بِدِينِكُم واحذَرُوا مُخالَفَةَ رَبِّكم فإنَّ اللهَ يَغَارُ،ويُمهِلُ ولا يُهمِلُ فانظُرُوا في أعمَالِكُم,وأَقِيمُوا صَلاتَكُم,وأدُّوا زِكَاةَ أموالِكُم, وَنَقُّوا مَكَاسِبَكُم, واحفَظُوا جَوَارِحَكُم, وقُومُوا بِرِعَايَةِ أَولادِكُم،وامنَعوا الفَسَادَ في بُيُوتِكم واستِرَاحَاتِكم،وَتَعَاونُوا على البِرِّ والتَّقوى وتَذَكَّروا أنَّ الفِتَنَ تُدفَعُ بالأَمِرِ بالْمَعرُوفِ والنَّهي عن الْمُنكَرِ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ فاللهمَّ إنَّا نَعوذُ بك من زَوالِ نِعمَتِكَ وَتَحوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ وَجَميعِ سَخَطِكَ،اللهمَّ لا تَجعلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنَا ولا تَجعلْ الدُّنيا أكبَرَ هَمِّنَا،واغفر لَنا وارحَمنَا واعفُ عنَّا, اللهمَّ آمِنَّا في دُورِنَا،وَأَصلِح أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا،اللهم لا تجعل لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته،ولا ديناً إلا قَضَيتَهُ،ولا هَمَّاً إلا نَفَّستَهُ،ولا مَرِيضَاً إلا شَفَيتَهُ،ولا مَيْتَاً إلا رَحِمتَهُ،ولا مَظلُوماً إلا نَصَرتَهُ،ولا ظَالِمَاً إلا دَحرتَهُ . رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا اللهَ العظيمَ يذكركم،واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admincp
 0  0  5.1K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 07:07 صباحًا الأربعاء 15 شوال 1445 / 24 أبريل 2024.