• ×

12:21 صباحًا , الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024

خطبة الجمعة 12-10-1435هـ بعنوان ولا تَكُنْ من الخاسِرينَ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ للهِ جَعَلَنَا مُسلِمينَ,أَكمَلَ لَنَا الدَّينَ وأَتَمَّ علينَا النِّعمَةَ مِن بِينِ العَالَمِينَ،القَائِلُ وهو أَصدَقُ القَائِلِينَ: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .نَشهَدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،إِلَهُ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ،وقَيُّومُ السَّمَاواتَ والأَرَضِيينَ،أَمرَنَا أنْ نَعبُدَهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ،ونَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الكَرِيمُ,والْمُصطَفَى الأمِينُ,صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ الطَّيِّبِينَ,وَمنْ تَبِعَهم بِإحسَانٍ وإيمانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:فَاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَكُمْ وَاسْتَخْلَفَكُمْ فاعبدُوهُ:

هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا .عِبَادَ اللهِ:تأمَّلوا تِلكَ المَقُولَةِ!خَسَارَةُ قَلِيلٍ مِنْ الْمالِ لَيْسَتْ كَخَسَارَتِهِ كُلِّهِ،وَخَسَارَةُ الْمالِ لَيْسَتْ كَخَسَارَةِ الأهْلِ والولَدِ؛وخسارَتُكَ في القريبِ ليست كَخَسارتِكَ في الصَّدِيقِ والبعيدِ!وبالعُمُومِ فَالْخَسَارَةُ كُلُّها مُرٌّ مَذَاقُهَا،شَدِيدٌ وَطْؤُهَا,لأنَّها مَجْلَبَةٌ لِلهَمِّ،وَبَوَّابَةٌ لِليَأسِ،وقَدْ ذَاقَ كَثِيرٌ مِنَ الْنَّاسِ مُرَّ الْخَسَارَةِ،فِي مَالٍ خَسِرُوهُ،أَوْ حَبِيبٍ دَفَنُوهُ،أَوْ جَاهٍ فَقَدُوهُ!وأنتم عَايشتُم أنُاساً كانوا أهلَ ثَراءٍ وغِنىً,وعِزٍّ وسُلطانٍ,وبقدرةِ اللهِ وبينَ غَمضَةِ عينٍ وانتِبَاهَتِها بدَّلَهمُ اللهُ مِن حالٍ إلى حالِ! فما الخَسارَةُ الحقِيقِيَّةُ يا عبادَ اللهِ ؟ وما الأمرُ الذي يستَحِقُّ أنُ يُحزَنَ عليهِ؟ ويُتَألَّمُ لِفَواتِهِ ونَقصِهِ وذهابِهِ؟فَلنستَعرِض بعضَ آياتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فقد بَيَّنَ اللهُ تعالى مَعنى الْخُسْرَانِ الحَقِيقِيِّ،وَفَصَّلَ أَنْوَاعَهُ،وَبَيَّنَ أَسْبَابَهُ.

فَأَعْظَمُ الْخَسَارَةِ خَسَارَةُ الْدِّينِ؛فَمَنْ رَبِحَ الْدِّينَ سَعِدَ،وَمَنْ خَسِرَهُ شَقِيَ قالَ اللهُ تعالى: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ .فهؤلاءِ فَوَّتُوا على أَنْفُسِهمْ ما خُلِقَتْ لَهُ مِن الإِيْمَانِ والتَّوحِيدِ والعَمَلِ الصَّالِحِ وَحَرَمُوهَا ذالِكَ الفَضَل العظيم,فِإذَا لَمْ يُوجَدِ الإيْمَانُ مِنهُم فَلا تَسأَلْ عن الْخَسَارِ والشَّرِ الذي يَحصُلُ لَهُم.ولهذا كانَ مِنْ جُملَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»قَالَ رَجُلٌ:يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ،وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ،فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا».

عِبَادَ الله: مُجَرَّدُ وُجُودِ الإنسانِ في الحياةِ لَا يعني وجُودَ الْسَّعَادَةِ،بَلِ الْعَدَمُ وَالْفَنَاءُ أَهْوَنُ مِنْ الْوُجُودِ مَعَ عَدَمِ التَّوحِيدِ والإيْمَانِ؛فكم من حالاتِ الانهيارِ والانتِحارِ التي تَتكَرَّرُ كُلَّ لَحظَةٍ؟ هذا في الدُّنيا!أمَّا الْخَاسِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فإنَّهُ يَتَمَنَّى الْفَنَاءَ: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا . وتأمَّلوا يا كرامُ خَسَارَتَهم أيضا:فَمَعَ خَسَارَتِهم أنفُسَهُم فَهُم يَخْسَرُونَ أولادَهُم وَأَهْلِيهِمْ يومَ القيامَةِ قالَ اللهُ تعالى: قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ .إذاً الْخَاسِرُونَ حَقِيقَةً هُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما حَرَمُوهَا مِنَ الإيمَانِ والثَّوَابِ والعَمَلِ الصَّالِحِ,فاستَحَقَّتْ بِسَبِبهِمُ العَذَابَ والعِقَابَ, وَخَسِرُوا الأهلَ والأحبَابَ بِأَنْ فَرَّقَ اللهُ بَينَهُم يَومَ الْحِسابِ,فواللهِ لَيسَ مِثَلَهُ خُسرَانٌ وَلا حِرْمَانٌ! أتدرونَ يامؤمنونَ ما سَبَبُ خُسرَانِهمِ وحِرمانِهم؟ ذلِكَ أنَّه لَمَّا قَصَّرَ الْخَاسِرُونَ فِي إِيصَالِ النَّفْعِ لأَهلِيهم كَانَتْ رُؤْيَتُهُمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ مِنْ أَشَدِّ أنواعِ الْخُسْرَانِ الَذِي يُصِبُهُمْ؛لِأَنَّهُمْ سَبَبُ أَلَمِهِمْ وَعَذَابِهِمْ!وصَدَقَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينَ قالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».

وَلِذَا يا مؤمنونَ:كَانَ مِنْ تَمَامِ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ كما قالَ تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ. فاللهُ تعالى يُلحِقُ الذُّرِّيَّةَ وإنْ لم تَكُنْ صالِحَةً بآبائِهم الصَّالِحينَ جَزاءً لآبائِهم،وزِيَادَةً في ثَوابِهم،وأمَّا إن كان الآباءُ من أهلِ النَّارِ والعياذُ باللهِ فَأَخبَرَ سُبحانَهُ أنَّ حُكمَ الدَّارَينِ ليسَ واحِداً،فإنَّ النَّارَ دَارُ العَدلِ،ومِن عَدلِهِ تَعالى ألاَّ يُعذِّبَ أَحداً إلا بِذَنِّبِهِ، فَقالَ: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ .أي:مُرتَهَنٌ بِعَمَلِهِ،فلا تَزِرُ وازِرَةٌ وزرَ أُخرى.وسُبحانَ اللهِ:وإِذَا هَدَى اللهُ الْأَهْلَ وَالْوَلَدَ,ولَمْ يَتَّبِعُوا آبَاءَهُمْ الخَاسِرِينَ الخَائِبينَ،كَانَ ذَلِكَ أيضاً عَذَابًا وَخُسْرَانًا عَلَى الآباءِ المُعَذَّبِينَ.إذْ كيفَ أبنَاؤهُم أَحسَنُ مِنهم حَالاً وَمَآلاً؟!وهذا دَرسٌ لِلغافِلِينَ عظيمٌ!اللهمَّ يا رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.اللهمَّ يا رَبَّنا اجعلنا مِن عِبادِكَ الْمُفلِحينَ واعصمنا مِن مُضِلاتِ الفِتَنِ ياربَّ العَلَمِينَ,واستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولِسائِرِ الْمُسلِمينَ من كلِّ ذنبٍّ,فاستغفِروهُ إنَّهُ هو الغفُورُ الرَّحيمُ

الخطبةُ الثانيةُ:

الْحَمْدُ لله حَمْداً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى،وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ العَلِيُّ الأعلى,وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ،صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ،وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَن بِهُدَاهُمُ اهتدى.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ،وراقبوهُ ولا تعصوهُ واعلموا أنَّكم مُلاقوهُ فارجوا رَبَّكُم واحذروهُ. عبادَ اللهِ:طَاعَةُ الْشَّيْطَانِ هِيَ أَصْلُ الْخُسْرَانِ وَأَسَاسُ الإتعَاسِ،قالَ تعالى: وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رحِمَهُ اللهُ:وأَيُّ خَسَارٍ أَبيَنُ وَأَعظَمُ مِمَّنَ خَسِرَ دِينَهُ وَدُنيَاهُ وَأَوبَقَتْهُ مَعَاصِيهَ وَخَطَايَاهُ؟!فَحَصَلَ لَهُ الشَّقَاءُ الأَبَدِيُّ،وَفَاتَهُ النَّعِيمُ السَّرمَدِيُّ.كَمَا أنَّ مَنْ تَولَّى رَبَّهُ وَآثَرَ رِضَاهُ،رَبِحَ كُلَّ الرَّبْحَ،وأَفلَحَ كُلَّ الفَلاحِ،وَفَازَ بِسَعَادَةِ الدَّارَينِ،وأَصبَحَ قَرِيرَ العَينِ،فاللهم تَولَّنَا فِيمن تَوَليتَ، وعَافِنَا فِيمَن عَافَيتَ.انتهى. ذالِكَ عبادَ اللهِ لأنَّ الشِّيطانَ يَدْعُو إِلَى الْتَّكْذِيبِ بِلِقَاءِ الله تَعَالَى، ويُبَعِّدُهم من يومِ الجَزَاءِ والحِسَابِ,وَلَم يَكْتَفِ الشِّيطانُ مِنْ أتبَاعِهِ بالتَّكذِيبِ بَلْ جْعَلُهُمْ مِنْ دُعَاةِ الْبَاطِلِ,والمُحَارِبِينَ لِلْحَقِّ وَأَتْبَاعِهِ: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون وَجُندُهم هُمُ الْمُنَافِقونَ الذينَ يُسَوِّقونَ الباطِلَ ويَدْعُونَ لِلتَّمَرُّدِ الانحِلالِ!

انظُرواَ ماذا جَلَبُوا لِبلادِ الْمُسلِمينَ من كُتُبٍ فَاسِدَةٍ,وَقَنَواتٍ هابِطَةٍ,تَدعوا إلى الكُفرِ والإلحَادِ,ورِواياتٍ تُرَبِي على التَّمَرُّدِ والفَسَادِ,يَتَدَاوَلُها أطفالٌ وَشَبَابٌ وَفَتَياتٌ!لِتُظهِرَ في الأرضِ الفَسَادَ: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ . وَمِنَ بَاطِلِ الشَّيطانِ:أنَّهُ يُزَيِّنُ لِلْإِنْسَانِ تَرَكَ الطَّاعَاتِ وَإِتْيَانَ المُحَرَّمَاتِ،حَتى تَخِفَّ مَوَازِينُهُ فَيَخْسَرَ: وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ .وأيُّ خَسَارَةٍ أعظَمُ مِمَّن عَناهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «مَا تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟قَالُوا:الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ،قَالَ:الْمُفْلِسُ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ حَسَنَاتٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ،قَدْ شَتَمَ هَذَا،وَأَخَذَ مَالَ هَذَا،وَسَفَكَ دَمَ هَذَا،وَقَذَفَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا،فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ،وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ،فَإِذَا فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ،ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».

عبادَ اللهِ:وَمِنْ أَسْبَابِ الْخُسْرَانِ:إتِّبَاعُ قُرَنَاءِ الْسُّوءِ،وَجَعلِهم أصدِقاءَ ورؤساءَ: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ .فَمَا بَالُ بَعضِ الْنَّاسِ يَتَولَّونَ الْكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ؟وَقَدْ حَذرَ اللهُ مِنهُم فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ .



وَمِنْ أَسْبَابِ الْخُسْرَانِ:الِاشْتِغَالُ بِالمَالِ وَالْوَلَدِ عَنِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ .وَمِنَ الْخُسْرَانِ أَنْ يَتَعَامَلَ الْإِنْسَانُ مَعَ دِينِ الله تَعَالَىْ تَعَامُلًا مَصْلَحِيِّاً؛فَيُسَخِّرُ دِينَهُ لِخِدْمَةِ دُنْيَاهُ، يَتَمَسَّكُ بِدِينهِ فِي الْنَّعْمَاءِ،وَيَنْحَرِفُ عَنْهُ فِي الْضَّرَّاءِ،قالَ تَعَالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ نَعُوذُ بِالله مِنَ الْخُذْلَانِ وَالْخُسْرَانِ،وَنَسْأَلُهُ الْإِخْلَاصَ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ والنِّيَّاتِ,

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:لقَد كَانَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والْسَّلَامُ يَخَافُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَقْوَامِهِمْ،الْخُسْرَانَ والْهَلاكَ!فَكَانُوا يُحَذرُونَ أقوَامَهُمُ مِنْ أَسْبَابِ الْخَسَارِ،وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الرِّبْحِ وَالْفَلَاحِ فَهُودٌ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والْسَّلَامُ لَمَّا دَعَا قَوْمَهُ لِلْإِيمَانِ عَصَوْهُ فقالَ: فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ .وأعظَمُ الْخُسْرَانِ حِينَ يَأْمَنُ الْنَّاسُ مَكْرَ الله تَعَالَىْ،وَلَا يَتَّقُونَ أسبَابَ غَضَبِهِ: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ .فاللهمَّ اجعلنا من الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ.

اللهم إنَّا نَسأَلُكَ أنْ تُحبِّبَ إلينَا الإيمانَ وتُزَيَّنَهُ في قُلُوبِنَا وأنْ تُكَرَّهَ إلينَا الكُفرَ والفُسُوقُ والعِصيانَ وأنْ تَجعَلنَا مِن الرَّاشِدِينَ اللهمَّ إنِّا نَسأَلُكَ إِيْمَانَاً صَادِقَاً ولِسَانَاً ذَاكِراً وَعَمَلا صَالِحَاً مُتَقَبَّلا,اللهمَّ ثَبِّتنَا بالقَولِ الثَّابِتِ في الْحيَاةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ.اللهم أحفظنا وبِلادنَا وحُدُودنا وجُنُودَنا من كُلِّ سوءِ ونِفاقٍ وفِتنَةٍ,ووفِّقْ ولاةَ أمرِنا لِما تُحِبُّ وترضى,وأعنهم على البِرِّ والتقوى وهيئ لَهم بِطانةً صالِحةً ناصِحةً يا ربَّ العالَمين.اللهمَ أصلح أحوالَ المسلمينَ في كُلِّ مَكانٍ,وهيئ لهم قَادَةً صالِحينَ مُصلِحينَ,واكفهم شَرَّ الطُّغاةِ والظَّالِمينَ,عبادَ اللهِ اذكروا اللهَ العظيمَ يذكركم واشكروهُ على عمُومِ يَزَدكم وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
بواسطة : admincp
 0  0  7.2K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 12:21 صباحًا الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024.