• ×

04:58 صباحًا , السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024

السَّلامُ رَحْمَةٌ 11/6/1438هـ


زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السَّلامُ رَحْمَةٌ 11/6/1438هـ
الحمدُ للهِ الملكِ القدُّوسِ السَّلامِ،نشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له،فَضَّلَنَا بالإسلامِ، وَنَشْهَدُ أنَّ محمداَ عبدُ اللهِ وَرَسُولُه اصْطَفاهُ رَبُّه على الأَنَامِ،صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ.أمَّا بعد:فاتِّقوا اللهَ يَامُؤمِنُون,وخُذُوا بِمَا يَنشُر المَوَدَّةَ وَالوِئَامَ, تَدخُلوا الجنَّة بِسَلامٍ!ألا وإنَّ من أعظمِه,إفشاءُ السَّلامِ تَحِيَّةُ أَهْلِ الإسلام،وَتَحيَّةُ الْملائِكَةِ الكرامِ, تَحيَّةُ أهلِ الجنةِ يومَ يَلقَون رَبَّهم سَلامٌ،حَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ:لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ،انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ،أي خَرَجُوا لانتظارِهِ,فَجِئْتُ فِي النَّاسِ،لِأَنْظُرَ،فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ،عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ،فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ،أَنْ قَالَ:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ،وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ،وَصِلُوا الْأَرْحَامَ،وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ،وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» نعم عبادَ اللهِ:لقد أمرَنا الله بالسَّلام فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وقالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً بل إنَّ الرَّسولَ عَدَّهُ حَقَّاً من حُقُوقِ الْمُسلِمِ عليكَ قالَ رَسُول اللَّهِ :«حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» ومنها:«إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ».فَلتَفْخَروا يا مُسلمونَ بِهذهِ الشَّعِيرَةِ العَظيمةِ،ولْتَعتَزُّوا بِها،فَإنَّ اليَهُودَ يَحْسُدُونَنَا عليهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها،قَالَ رَسُول اللَّهِ :«مَا حَسَدَكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدُوكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ». يَكفِي لَنَا فَخرَاً أنَّ السَّلامَ من أسمَاءِ اللهِ تعالى!قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«إِنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى،وَضَعَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ، فَأَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».عبادَ اللهِ:والسَّلامُ أَمنٌ وأَمَانٌ,ودُعاءٌ بالرَّحمَةِ والرِّضوانِ،ولهذا كان إفشاؤُهُ مَشروعَاً على الصَّغيرِ والكَبِيرِ,والغنِيِّ والفقيرِ,والعربيِّ والأعجَميِّ, سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ,أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ،وَتَقْرَأُ السَّلَامَ،عَلَى مَنْ عَرَفْتَ،وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».فيا مؤمنونَ:أَفشُوا السَّلامَ بَينَكُم!فعن ابْنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَفْشُوا السَّلَامَ،وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ،وَكُونُوا إِخْوَانًا،كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»وقالَ :«أَفْشُوا السَّلَامَ تَسْلَمُوا،وَالْأَشَرَةُ شَرُّ» يعني الكِبْرُ والبَطرُ شَرٌّ! وقالَ :«أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ تَحَابُّوا».
أَمَا عَلِمتَ:أنَّ السَّلامَ والمُصَافَحَةَ سَبَبَانِ لِمغفِرَةِ الذُّنُوبِ,وَحَتِّ الخَطايا قَالَ :«مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ،إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا».وَخُصَّ بِالسَّلامِ أَهْلَكَ لِيَشْعُرُوا بِالأَمْنِ وَالسَّعَادَةِ وَالرِّضَى!قالَ رسولُ اللهِ لِأَنَسِ بنِ مَالِكٍ :«يَا بُنَيَّ،إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلَّمَ، يَكُونْ بَرَكَةً عَلَيْكَ،وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ».وَقَدْ كَانَ مِنْ هَدْي نَبِيَّنَا أنَّه إذا دَخَلَ بَيتَهُ ابتدأَ أهلَهُ بالسَّلامِ, فاللهم وَفِّقنَا جَمِيعاً لِفِعلِ الخَيراتِ,واكفِنَا شَرَّ أَنفُسِنَا والشَّيطَانِ والنَّزَغَاتِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ أقولُ ما سَمِعتمْ واستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمين مِنْ كُلِّ ذَنْبٍّ فاستغفرُوهُ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية/الحمدُ للهِ على إحسَانِهِ،نَشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،الدَّاعِي إلى رِضوانِهِ,وَنشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ,صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ وأتباعِهِ وأعوانِهِ.أمَّا بعدُ:فاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم،وتَمَسَّكُوا بِمحَاسِنِ دِينِكُم،تَسعَدُوا في الدُّنيا,وتَفُوزوا بِجَنَّةِ رَبِّكُم. أيُّها الكِرامُ:إفشَاءُ السَّلامِ مِفتَاحُ القُلُوبِ،ومُزِيلُ الضَّغائِنِ والإِحَنِ,وإذا أردتَ طَرِيقَاً من طُرُقِ الجَنَّةِ فعليكَ بكَثرَةِ السِّلامِ,والبشَاشَةِ في الوُجُوهِ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال رَسُولُ اللَّهِ :«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا،وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا،أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».أخي الكَرِيمِ:احذر أنْ تَكُونَ بَخِيلاً بالسَّلامِ!فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«إِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ،وَالْمَغْبُونُ مَنْ لَمْ يَرُدَّ،وَإِنْ حَالَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَخِيكَ شَجَرَةٌ،فَاسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ فَافْعَلْ».عبادَ اللهِ:ومن آدابِ السَّلامِ وَسُنَنِهِ أنْ يُسَّلِّمَ الرَّاكبُ على الماشي،والماشي على القَاعِدِ،والصَّغيرُ على الكبيرِ،والقليلُ على الكثيرِ؛وأنْ يَكُونَ بِصَوتٍ مَسمُوعٍ,ولا يَكتَفِي بالإشارَةِ باليدِ أو الرَّأسِ فقط،إلا إذا كانَ بَعيدَاً عنهُ فإنَّهُ يُسَلِّمُ بِلسَانِهِ وَيُشيرُ بِيَدِهِ اليمنى.ومن الآدابِ,السَّلامُ حينَ دُخُولِكَ المَجلِسَ وعندَ مُفَارَقِتِه,قَالَ "إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ، فَلْيُسَلِّمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ،فَلْيُسَلِّمْ،فَلَيْست الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْآخِرَةِ".
وأنْ يُسَلِّمَ بالَّلفظِ الوَارِدِ في السُّنَّةِ،بِأنْ يقُولَ:السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ,وَعَدَمُ الزِّيَادَةِ أو النُّقصَانِ،أو الاستِبدَالِ!جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:السَّلَامُ عَلَيْكُمْ،فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ:" عَشْرٌ"ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ:السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ،فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ:" عِشْرُونَ".ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ:السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ،ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ:"ثَلَاثُونَ" يعني ثَلاثُونَ حَسَنَةً.أيُّها الكِرامُ:سَلِّموا على الشَّبابِ والصِّبيانِ والعُمَّالِ,ولا تُهمِلُوهم فَسَلامُكُمْ سَيُؤَثِّرُ فيهم ولو بعدَ حينٍ!فقد كانَ ذلِكَ من هَديِ نَبِيِّنا ,رَحمَةً بِهم,وَتَربيَةً لهم !
أيُّها المؤمنونَ:أمَّا الكُفَّارُ فَتَحرُمُ بَداءَتُهم بالسَّلامِ،فإنْ سَلَّموا علينا قُلنا لهم:وعليكم،لِقَولِ رَسُولِ اللَّهِ :«لَا تَبْدَءُوا اليَهُودَ،وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ،وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ»وقَالَ رَسُولُ اللهِ :«إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا:وَعَلَيْكُمْ». عِبَادَ اللهِ: ابتدَاءُ السَّلامِ سُنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ والمُسَلَّمُ عليهِ مَأمُورٌ أنْ يُجِيبَ جَهراً بِتَحيةٍ أَحْسَنَ مِنها أَوْ مِثلِهَا,قالَ اللهُ تعالى : وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً . فاللهم اهدنِا لأحسنِ الأخلاقِ والأقوالِ والأعمالِ لا يهدي لأحسَنِها إلا أنت,واصرف عنَّا سيئَها لا يَصرِفُ عنَّا سيئَها إلا أنت.اللهم اهدنا ويَسر الهدى لنا واجعلنا من عبادك المؤمنينَ المُفلِحِينَ. اللهم زيِّنا بزينة التقوى والإيمان,اللهم اجعلنا من الآمرينَ بالمعروف والناهينَ عن المنكر ياربَّ العالمين.اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولِكَ مُحمَّدِ،وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين.اللهم ارزقنا إتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَا,اللهم احشرنا في زمرتِهِ وارزقنا السَّيرَ على سُنَّتِهِ ياربَّ العالمين,اللهم وفق وُلاةَ أُمُمُورِ المُسْلِمينَ عَامَّةً,وَولاة أمورنا خاصَّةً لما تحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى واجعلهم هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة ياربَّ العالمين. اللهم اعز الإسلامَ والمُسلمين وانصُرْ واحفظ جُنُودَنا المُرابِطِينَ.رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ,اللهم اغفر لنا ولوالدينا وذرَارينا والمُسْلِمينَ. عبادَ اللهِ: أذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
 0  0  1.1K  06-11-1438
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 04:58 صباحًا السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024.