• ×

12:22 مساءً , الخميس 18 رمضان 1445 / 28 مارس 2024

وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ 7/2/1439هــ


زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ 7/2/1439ه الْحَمْدُ للهِ الْعَلِيمِ الْخَلَّاق، قَسَّمَ بَيْنَ عِبَادِهِ الأَرْزَاقَ وَالْأَخْلَاقَ،أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ البَشِيرُ النَّذِيرُ،اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأصَحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واسْألُوا اللهَ دَومَاً حُسْنَ القَصْدِ والقَولِ والعَمَلِ.وَاعْلَمُوا أَنَّ صَاحِبَ الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ النَّاسِ, وَهُوَ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ, فلنَتَّحَلَّى بِأَجْمَلِ الْأَخْلَاقِ طَلَبَاً لِمَرْضَاةِ اللهِ وَإِحْسَانَاً لِمَنْ حَوْلَنَا.وَإليكُمْ يامُسْلِمُونَ: خُلُقٌاً عَظِيمَاً وَخَصْلَةً حَمِيدَةً, جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ وَزَخُرَتْ بِهِ السُّنَّةُ قَولاً وتَطْبِيقَاً،إِنَّهُ خُلُقُ التَّغَاضِي وَالتَّغَافُلِ.وَمَعْنَاهُ: أَلَّا تُدَقِّقَ فِي أَخْطَاءِ مَنْ حَوْلَكَ,وَلا تُعَاتِبَ مَنْ قَصَّرَ فِي حَقِّكَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ). قَالَ مُجَاهِدٌ رَحِمَهُ اللهُ:خُذِ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَحَسُّسٍ.عِبَادَ اللهِ:أَمَّا تَغَافُلُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَبَابٌ يَطُولُ!إنْ شِئتَ أنْ تَتَحَدَّثَ عَنْ تَغَافُلِهِ عَنْ أخْطَاءِ زَوجَاتِهِ فَسَيَتَمَثَّلُ لَكَ قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ،وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي».فَمَعَ تَكَرُّرِ الأَخْطَاءِ لا عِتَابَ وَلا تَحْقِيقَ وَلا تَدْقِيقَ ولا تَقْلِيبَ لِمَوَجِعَ سَلَفَتْ،لَنْ يَخْلُوَ بَيتٌ مِنْ مَشَاكِلَ وَمُنَغِّصَاتٍ.وَمَعَ الأسَفِ أكثَرُ مَشَاكِلِ الزَّوْجَيْنِ,كَانَ سَبَبُهَا تَقَصِّيَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَتَتَبُّعَ الْأَخْطَاءِ وَالْبَحْثَ عَنِ الزِّلاتِ!وَلَوْ أَنَّهُمْ رُزِقُوا التَّغَافُلَ لَزَالَ عَنْهُمْ شَرٌّ كَثِيرٌ،قَالَ الْأَعْمَشُ رَحِمَهُ اللهُ:التَّغَافُلُ يُطْفِئُ شَرَّاً كَثِيرَاً.إخْوانِي:مَعَ الخَدَمِ والعُمَّالِ نَحتَاجُ إلى التَّغَافُلِ والتَّغَاضِيَ,فَهَذَا أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ:"خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ،وَاللهِ مَا قَالَ لِي:أُفًّا قَطُّ،وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ:لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا؟". عِبَادَ اللهِ:نَحْنُ بِحِاجَةٍ إِلَى التَّغَافُلِ مَعَ أَوْلادِنَا وَغَضِّ الطَّرْفِ عَنْ أَخْطَائِهِمْ! خُصُوصَاً مَا يَقَعُ مِنْهُمْ عَفْوِيَّا وَلَمْ يَكُنْ مُتَكَرِّرَا،فَلا نُحَاسِبُهُمْ عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ،وَلا نُحْصِي عَلَيْهِمْ كُلَّ فِعْلٍ؛لِأَنَّنَا إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَقَدْنَا مَحَبَّتَهُمْ وَزَالَ عَنَّا القُرْبُ مِنْهُمْ،وَفِي زَمَنِ الاسْتِرَاحَاتِ,وَوُجُودِ شِلَلٍ شَبَابِيَّةٍ يُغَذِّي بَعْضُهُمْ بَعْضَاً فقَدْ نفْقِدُ أحَدَ أبْنَائِنَا بِسَبَبِ التَّدْقِيقِ غَيرِ المُبَرَّرِ عَليهم.وَلاتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ. فبالتَّوجِيهِ والُّلطْفِ والِّلينِ تَسْتَقِيمُ كَثِيرٌ مِن الأُمُورِ,وَعليكَ بالدُّعاءِ كَرِّرْ:(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).أيُّها المُرَبُّونَ الأفَاضِلُ:نَحتَاجُ إلى التَّغَافُلِ والتَّغَاضِيَ مَعَ طُلاَّبِنَا,فَمُحَاسَبَتُهُمْ على كُلِّ زَلَّةٍ أو هَفْوَةٍ تُسْقِطُ مِنْ قِيمَتِكَ وَتُضْعِفُ قِيمَةَ نَصِيحَتِكَ,وَلَطَالَمَا رَأَى نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ,عَنْ أخْطَاءٍ وَزَلاَّتٍ فَكَانَ يَقُولُ:(مَا بَالُ أقْوامٍ يَفْعَلُونَ كَذا وكَذَا).بَلَغَهُ مَرَّةً عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أنَّهُ أَمَّ قَوْمًا فَأَطَالَ بِهِمْ،فَقَالَ:«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يُنَفِّرُونَ عَنْ هَذَا الدِّينِ مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ».فَنَحْنُ فِي المَدْرَسَةِ أو الحَيِّ قَدْ نَسْمَعُ خَطَأً أو تَصَرُّفَاً يُمْكِنُ التَّوجِيهَ حِيَالَهُ فِي وَقْتٍ أنْسَبَ.وَصَدَقَ المَولَى:(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).َقَالَ الإمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:"الْكَيِّسُ الْعَاقِلُ هُوَ الْفَطِنُ الْمُتَغَافِلُ".وَمَا أحْكَمَ مَنْ أنْشَدَ فَقَالَ: وَاسْتَشْعرِ الْحِلْمَ فِي كُلِّ الْأُمُورِ وَلا *** تُسْرِعْ بِبَادِرَةٍ يَوْمَاً إِلَى رَجُلِ. وَإِنْ بُليتَ بِشَخْصٍ لاَ خَلاقَ لهُ *** فكُنْ كأنَّكَ لمْ تَسْمَعْ وَلمْ يَقُلِ.فاللهمَّ ارْزُقْنَا حُسْنَ القَصْدِ والقَولِ والعَمَلِ,اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى,أقولُ ما سَمِعتُم واستَغفِرُ اللهَ لي ولَكُم ولِلمُسلِمينَ من كلِّ ذَنبِّ وخَطِيئَةٍ فاستَغفِرُوهُ إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ. الخطبة الثانية:الحمدُ للهِ الذي أَكمَلَ عَلينَا الدِّينَ،وَأَتَمَّ علينا النِّعمَةَ،نَشهدُ ألَّا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهادَة خَيرٍ وَعِصْمَةٍ،وَنَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ لَنَا رَحْمَةً وَحِكْمَةً ،صَلَّى اللهُ عليهِ وَعلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ صَلاةً تَبْقَى،وَسَلامًا يَتْرَى إلى يِومِ الدِّينِ.أَمَّا بَعدُ:)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).ألا وإنَّ مِن أعَالي الصِّفَاتِ أنْ تَتَغاضَى مَعَ أعْدَائِكَ, وَتَتَغَافَلَ عَنْ السُّفَهاءِ الذينَ قَدْ تُبْتَلى بِهِمْ فِي أَمَاكِنِ العَمَلِ والطُّرُقاتِ!وَقَدْ مَدَحَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الذِينَ لا يُقَابِلُونَ السُّفَهَاءَ يالسَّفَهِ بَلْ يُعْرِضُونَ وَيَقُولُونَ أَطْيَبَ الْخِطَابِ،فَلا يَسْتَحِقُونَ أنْ يَصْرِفَ وَقْتَهُ لِجِدَالِهِم وَخِصَامِهِمْ،وَلا لِلْهَمِّ وَالْغَمِّ عَليهِم,قَالَ اللهُ تَعَالَى:(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا). أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:وَهَذَا النَّبِيُّ الْكَرِيمُ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ,سَمِعَ مِنْ بَعْضِ الْقَوْمِ بِأَنَّهُ سارِقٌ!فَأَعْرَضَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ!وَلَمْ يُعَاتِبْ وَلَمْ يُعَاقِبْ مَعَ قُدْرَتِهِ،وَلَكِنَّهُ َأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ! أمَّا نَبِيُّنا الأكْرَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَمَعَ مَا يَجِدُهُ مَعَ أَعْدَائِهِ مِنَ صَلَفٍ وَنُكْرَانٍ وَسَبٍّ وَشِتَامٍ!إلَّا أنَّهُ تَعَامَلَ مَعَهُمْ بِالتَّغَاضِي والتَّغَافُلِ فِي كَثِيرٍ مِن الأحيانِ،فَكَانُوا يَلْعَنُونَهُ وَيَسُبُّونَهُ، وَيَقُولُونَ مُذَمَّمٌ,بَدَلَ مُحَمَّدٍ,وَمَعَ هَذَا أَعْرَضَ عَنْهُمْ وَتَغَافَلَ,فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإصْحَابِهِ :"أَلاَ تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأَنَا مُحَمَّدٌ".مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.وَلَقَدْ أَمَرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي *** فَمَضَيْتُ ثَمَّتَ قُلْتُ لا يَعْنِينِي.أَيَّهَا الأَخُ الفَاضِلُ:لَنْ تَخْلُوَ فِي أَيَّامِكَ مِنْ سَمَاعِ مَا لا يَنْبَغِي مِنْ صَدِيقٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ زَمِيلٍ فِي الْعَمَلِ أَوْ جَارٍ فِي الْمَنْزِلِ،فَإِيَّاكَ وَمُطَارَدَةَ الْكَلَامِ،أَوْ تَتَبُّعِ النِّيَّاتِ! بَلْ اجْعَلْ نَفْسَكَ كَأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ وَكَأَنَّ الْأَمْرَ لا يَعْنِيكَ, وَسَتَجِدُ رَاحَةً فِي نَفْسِكَ وَهُدُوءً فِي بَالِكَ، بَلْ إِنَّ الشَّخْصَ الذِي تَكَلَّمَ سَوْفَ يَنْدَمُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ وَرُبَّمَا جَاءَكَ يَعْتَذِرُ. يَقُولُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللهُ:مَا يَزَالُ التَّغَافُلُ عَنِ الزَّلَّاتِ مِنْ أَرْقَى شِيَمِ الْكِرَامِ،فَإِنَّ النَّاسَ مَجْبُولُونَ عَلَى الزَّلَّاتِ وَالْأَخْطَاءِ، فَإِنِ اهْتِمَّ الْمَرْءُ بِكُلِّ زَلَّةٍ وَخَطِيئَةٍ تَعِبَ وَأَتْعَبَ، وَالْعَاقِلُ الذَّكِيُّ مَنْ لا يُدَقِّقُ فِي كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، مَعَ أَهْلِهِ، وَأَحْبَابِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَجِيرَانِهِ، وَزُمَلائِهِ، كَيْ تَحْلُو مُجَالَسَتُهُ، وَتَصْفُو عِشْرَتُهُ.أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:التَّغَافُلُ دَلِيلٌ قَوِيٌّ عَلَى حُسْنِ خُلُقِ صَاحِبَهُ، كَمَا قَالَ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:الْعَقْلُ مِكْيَالٌ، ثُلُثُهُ الْفِطْنَةُ، وَثُلُثَاهُ التَّغَافُلُ.وقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: "تِسْعَةُ أَعْشَارِ حُسُنِ الْخُلُقِ فِي التَّغَافُلِ.وَمِنْ أَعْظَمِ فَوَائِدِ التَّغَافُلِ أَنَّهُ يُكْسِبُ صَاحِبَهُ رَاحَةً فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ الذِي يَقِفُ عِنْدَ كُلِّ كَلِمَةٍ، وَيَرُدُّ عَلَى كُلِّ خَطَأٍ، وَيُحَاسِبُ عَلَى كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، تَتَكَدَّرُ حَيَاتُهُ وَيُنَفِّرُ مَنْ حَوْلَهُ.أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:إِنَّهُ يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الْحَدِيثَ عَنِ التَّغَافُلِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ لا يَعْنِي تَرْكَ النَّصِيحَةِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى الْمُخَالَفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ وَاجِبٌ لا مَنَاصَ مِنْهُ لِمَنْ يَقْدِرُ, فَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" (رَوَاهُ مُسْلِم).لَكِنْ مَا كَانَ يُمْكِنُ التَّغَاضِي عَنْهُ وَتَرْكَ الْمُوَاجَهَةِ وَإِرْجَاءِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ فَافْعَلْهُ, وَالْمُوَفَّقُ مَنِ اسْتَطَاعَ إِبْلَاغَ الْمُخَالِفِ بِخَطَأِهِ بِطَرِيقَةٍ لَبِقَةٍ بِدُونَ أَنْ يُحْرِجَ مَنْ فَعَلَ الْخَطَأَ، وَلِذَلِكَ ثَبَتَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ عَنْ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ يُنْكِرُ فِعْلَاً فُعِلَ فَيَقُولُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَفْعَلُونَ كَذَا أَوْ يَقُولُونَ كَذَا. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ شَخْصَاً أَوْ يَقْصِدَهُ بِالْكَلَامِ.فَأَسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى فِعْلِ الصَّالِحَاتِ، وَتَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبِّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً، فَاقْبِضْنَا إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعِينَ وَلا مَفْتُونِينَ.اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَل.اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْعَظِيمِ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ، لَنَا وَلِوالِدِينا وَلِأَهْلِينَا وَذُرِّيَّاتِنَا، الَّلهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرَ رُشدٍ يُعزُّ فِيهِ أَهْلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر ياربَّ العالمين.اللهم أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا إتباعه والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى واجعلهم هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة ياربَّ العالمين.اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا,رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

 0  0  992  02-07-1439
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 12:22 مساءً الخميس 18 رمضان 1445 / 28 مارس 2024.