• ×

10:47 مساءً , الجمعة 9 ذو القعدة 1445 / 17 مايو 2024

خطبة الجمعة 28-02-1431هـ بعنوان وجوب حفظ الشباب من الشبهات والشهوات

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله أجزلَ النِّعم وأسدى, نشهدُ ألا إله إلا الله العليُّ الأعلى , ونشهدُ أنَّ محمدا عبدُ اللهِ ورسولُه ,صاحبُ الخُلُقِ الأعظَمِ والمَحَلِّ الأسمى, صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدِّين والأخرةُ خيرٌ وأبقى .
أما بعد .( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) يالها من نعمةٍ عظيمةٍ أنْ تقرَّ عينُك بذريةٍ صالحةٍ مستقيمةٍ فإنَّك ستـنعمُ بحياةٍ سعيدةٍ وآخرةٍ حميدةٍ فاللهم ياربنا ( هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) نعم لقد كان الأنبياءُ والصالحون يسألون اللهَ أنْ يَهَبَ لهم ذرية ًصالحة ً فهذا خليلُ الرحمنِ يقول (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) وكان نبيُّ الله زكريا عليه السلامُ يقول (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) لأنَّ الذُّرية َوالشبابَ هم الثروةُ الغاليةُ إنْ سخَّروا أنفسَهم للخيرِ والفضيلةِ والبناءِ . أمَّا إنْ اجتَالتهم الشياطينُ وأخذتهمُ الشبهاتُ والأهواءُ وغرقوا في وَحَلِ الشهواتِ والانحلالِ غدو وبالاً خطيرا وشرَّا مستطيرا . فقد رأيتم ورأينا في هذا الزمن بالذات, كثرتُ الفتنِ والشُّبهاتِ , والشهواتِ والانحرافاتِ,
فيا أهلَ الحلِّ والعقد يا دعاةَ الأمن والأمان . أغلقوا أبوابَ الشَّرِ والفسادِ, وخذوا على أيدِ السفهاء وامنعوا المجاهرةَ بالإثم والفساد .( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ )
أيُّها المؤمنون: حصِّنوا الشبابَ بالكتابِ والسُّنة وحذِّروهم من دعاة الضلال والفتنةِ ففي الصحيح عن عبدِ الله بنِ ِعمرَ رضي الله عنهما : أنَّه سمعَ رسولَ الله صلى الله عليه و سلم يقول ( كلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجلُ في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته والمرأةُ في بيت زوجها راعية ٌوهي مسؤولة ٌعن رعيتها والخادمُ في مال سيِّده راع وهو مسؤولٌ عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))
أيُّها المربون الأفاضل: اربطوا الشبابَ بالعلماءِ الربانيينَ والدعاةِ الصادقينَ علِّموهم أهميةََ حبَّ الخير للغير بيِّنوا لهم أهمية َالرحمةِ بالعبادِ والبلادِ بصِّروهم بأنَّ الخيرَ والفلاح والأمنَ والأمانَ بلزوم الجماعة وألا ينزِعوا يداً من طاعة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فلنكن يداً واحدةً وصفَّا واحدا نحافظ ُعلى هذا الكيانِ العظيم والبلدِ الآمن (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) .
معاشر الكرام: إنَّ الانحرافَ السلوكيَّ والأخلاقيَّ الذي يعيشه فئامٌ من شبابنا لا يقلُّ خطورة ًعن انحراف الشبهات ,
وصدق الله حين قال عن إبليس (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)
عباد الله : حقا لقد أجلب علينا مُلاك الفضائيات ومستخدموا الشبكات بخيلهم وَرَجِلِهم فأخرجوا لنا جيلا بلا هويِّةٍ ولا هدف . جَرُّوهم إلى الضلال والانحلال ,وزعزعوا فيهم المعتقداتِ والأخلاقَ, فهل يخطر ببال أحدنا أنْ نجد من شبابنا , من يحاكي الكفرة ويواليهم ! هل يخطر بالبال أنْ نجد من شبابنا من يُهملون الصلوات ويتخلفون عنها ! ألم يوجد من أبنائنا وشبابنا من تعلقت قلوبُهم بالمسلسلات والطرب والغناء والله إنِّنا لنراهم رأي العين , ألا يوجد من شبابنا من صار همُّه التقليدُ الأعمى والتبعية ُالمقيتة ُحتى اختلفوا علينا في لباسهم وأشكالهم .؟ ألا يضايقنا ويحزِنُنا ما نراه من مظاهر التَّهور والمغامرةِ في السَّيارات وأنواع الدراجات التي حصدت أرواحَ كثيرٍٍ من شبابنا , ومع الأسف قد نكون نحن ساهمنا بذلك بإقامةِ المسابقات والمهرجانات التي تعرضُ مغاراتِهم . والنتائج أنْ استخفوا بالأنظمةِ وضربوا بالمسئولين عرض الحائط والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلْتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ السَّفِيهِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيَلْعَنَكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ ") ورحم الله ابنَ القيِّمِ حين قال ( من أهمل تعليمَ ولدِه ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة , وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء والإهمال فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا ) . أبناءنا الشباب ارحموا من في الأرض يرحمك من في السماء كونوا رحمة على أهليكم وذويكم (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) عودوا إلى دينكم فهو شرفكم وعزكم وأمنكم وأمانكم . الزموا الكتاب والسنة واحذروا وابتعدوا عن أهل الضلال والانحلال والفتنة . واحمدوا الله على ما تنعمون به من أمن في البلاد ورغدٍ في الأرزاق وعافية في الأبدان فلا تظلموا أنفسكم ورَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول لكم: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًا فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها) فاللهم اهد شباب الاسلام والمسلمين للبر والتقوى ومن العمل ما ترضى ,
اللهم اكفهم شر الأشرار وكيد الفجار يارب العالمين
اللهم كُن لهم حافظا وناصرا ومعيناً يارب العالمين أقول قولي هذاوأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية: توجيهات للمخيمات

الحمدُ لله وعدَ بالمزيد مَنْ شكره واتقاه , وبالعقاب الشديدِ لمن كفر به وعصاه, نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ربَّ لنا سواه , ونشهد أنَّ محمداً عبدالله ورسوله ومصطفاه , صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اهتدى بهداه,
أما بعد . اتقوا الله عباد الله حق تقاته وقابلوا نِعَمَ المولى بالشكر والعرفان والامتنان, ثمَّ تذكروا أنَّ الشكرَ يكونُ بالقول والعمل والجوارح (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) هكذا عباد الله : يجب علينا ونحن ولله الحمد والمنة نتنعَّمُ برغدٍ في العيش وأمنٍ في البلاد وسعةٍ في الأرزاق أنْ نشكُرَ اللهَ تعالى قولاً وعملاً , وأن يكونَ فرحُنا وأنسُنا مشروعا وِفق ما ارتضاه الله لنا , إنَّ كثيرا من الأسر والبيوتِ هذه الأيامُ تفرحُ وتأنسُ بالمتنزهات البرية والمخيماتِ العائلية , أدام عليهم فرحَتهم وأنسهم وأمنهم ,
ولكن عباد الله يجب علينا أن نلحظ َبعضَ الأمور التي قد تكون مخالفة ًللشكر بل بعضُها قد يعدُ كفراً بالنِّعم , فمن أهمِّ الضوابطِ الشرعيةِ ما نذكـِّرُ به الأولياءَ , أنَّهم عن أهلِيهم وذويهم مسئولون , فحرامُ عليهم الإهمالُ والتفريط ُفي شأن الصلاة فالواجب إقامة الصلوات في أوقاتها جماعة وأنْ يؤذَّنَ لكلِّ صلاةٍ وأن يؤمَّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله تعالى
عباد الله , على أولياء الأمور أن يُرَاعوا نسائـَهم بتفقُّدِ حجابِهم وسترِهم وألا يتركوا لهنَّ الحبلَ على الغارب بالدَّوران والبُعد عن أماكن ِالجلوس فقد يتعرَّضن للإيذاء من قبل بعض السفهاء ,
على إخواننا في المخيمات أن يحذروا من الإسراف في الأكل والشرب , فهو محرمٌ شرعا منافٍ للشكر تعالى يقول: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) .
عباد الله , من الملاحظ أنَّه قد يوجد في بعض الرحلات والمخيمات تساهلٌ في الاختلاط المحرَّم بحجة ِصغر البنات أو أنَّهم لازالوا صغارا أو لأنَّهم من عائلةٍ واحدة, فالبعد عن الاختلاط أطهر لقلوبِكم وقلوبهن ,
عباد الله أيُّها الآباء الكرام: إحفظوا نسائـَكم وأهلِيكم عن كلِّ ما يخدشُ الحياءَ والفضيلة, أتعلمون أيُّها الكرام: أنَّ بعضَ السفهاءِ من الشباب ِ صار همُّهمُ الدورانُ حول تلك المخيمات والتَّجمعات ويرفعون أصوات الأغاني والموسيقى , لما يرون من مظاهر التساهل في شأن النساء , بل وبعضهنَّ يتسبَّبَنَ في ذلك , فاعتبروا يا أولي الألباب ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )
عباد الله , الترفيهُ والأنسُ والمتعة , أمرٌ مباحٌ شرعاً ومطلوبٌ فطرةً , وقد أرشد لذلك رسولنا الله صلى الله عليه وسلم حين قال (يا حنظلة ُلو كنتم كما تكونونَ عندي لصافحتكم الملائكة ُعلى طرقكم ولكن يا حنظلة ُساعة ًوساعة)
فيا مؤمنون اعمروا أوقاتـَكم بالنَّافع والمفيد من القصص النافعة والمسابقات الهادفة , حتى تسلمَ مجالسُنا من القيل والقال و الفحشِ والبذاء من غيبة وسبٍّ ,وشتم ونميمةٍ , فا للهم اجعلنا لك من الشاكرين لك الذاكرين .
اللهم ادم علينا نعمة الأمن والأمان ,
اللهم أحفظنا وذرا رينا وجميع المسلمين .
اللهم أعنَّا جميعاً على أداء الأمانة وحمل الرسالة يارب العالمين
اللم وفِّق أبنائَنا وبناتِنا لِما تحبُّ وترضى وأعنهم على البر والتقوى
وجنبهم أسباب الفساد والردى
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون.
بواسطة : admincp
 0  0  4.8K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:47 مساءً الجمعة 9 ذو القعدة 1445 / 17 مايو 2024.