• ×

04:47 صباحًا , الإثنين 27 شوال 1445 / 6 مايو 2024

خطبة الجمعة 08-10-1431هـ بعنوان فضائل عائشة رضي الله عنها

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمد لله تقدَّست ذاتُه، وعلَت أسماؤه وصفاته، تَمَّت كلماتُه صدقًا وعدلاً ، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أسلمَت له مخلوقاتُه طوعًا وكرها ، ونشهد أنَّ نبيَّنا محمداً عبد الله ورسوله، وأمينه على وحيِه، ، أيَّدهُ اللهُ بدلائلَ بيِّناتٍ علا بِها مقامُه، وظهرت فيها معجزاتُه , اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله الكرام , وعلى جميع الأصحابِ والأتباع والأحباب، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} ومن تبعهم بإيمانٍ وإحسان إلى يوم المآب .
أمَّا بعد: فاتقوا الله عبادَ الله : فالتقوى ذِكرَى لكلِّ أوّابٍ ونجاةٌ للعبادِ من العَذاب.
أيُّها المسلِمون: نسعدُ بتدارسِ سيرةِ نِساءٍ عِشنَ في أَجلِّ البيوتِ وخيرِها, أعلَى الله مَكانتَهنَّ، وأجَلَّ قَدرَهنَّ، وأنزَلَ قرآناً بالثَّناءِ عَليهنَّ، فقال عزَّ من قائل: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ زَوجاتٌ مبارَكاتٌ، ونِساءٌ عظيمَاتٌ , ذواتُ دينٍ ونسبٍ , نشأنَ رضي الله عنهنَّ ، على التخلُّق بالفضائلِ والتحلِّي بالآداب والمكارِم، واتَّصفنَ بالعفَّةِ والشَّرفِ والسُّؤدد،
والمسلمون هذه الأيام يُسيِّرون المظاهرات , ويعقدون النَّدوات والمحاضرات , ويقيمون المخيَّمات والتَّجمعاتِ ! دفاعاً عن أمهاتِ المؤمنين عامَّةً وعن عائشةَ الصِّدِّيقةَ بنتِ الصدِّيق خاصَّةً! حينما أطلق الخاسرُ الخبيثُ أشقى القومِ وأطغاهُم حملتَه ضدَّ أمِّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها وأرضاها وانْهال عليها سبَّا ولعناً, وقذفاً وتكفيراً, أمامَ الملاءِ وتناقلتُه القنواتُ والشبكاتُ ! فكان واجباً علينا مناصرةُ أهلِ السُّنةِ بالبيانِ , وبفضح عقيدة أهلِ الرَّفضِ وأتباعِ اليهودِ والشيطانِ ! الذين سلُّوا سيوفَ العداء والحربِ على أمَّهاتنا , بالسبِّ واللعان , والتَّكفير والتَّفسيقِ , ليصلوا بذلك إلى التَّشكيك في أصل النُّبُوةِ ! وطمسِ معالم الدين الإسلامي الحنيفِ !
هذا واللهِ هو هدفُهم الأسمى ,وتلك واللهِ مخططاتُهم وأمانيُِّهم ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ )
فمن هي أُمُّنا عائشةُ رضي الله عنها وأرضاها؟وما منزلتها عند الله وعند رسولِه والمؤمنين
فاستمعوا يا رعاكم اللهُ وتفكَّروا وتدبَّروا بهذه السيرةِ العطرةِ الزاكيةِ المطهَّرةِ !
فهي الصديقةُ بنتُ الصِّدِّيقِ أمِّ المؤمنينَ عائشةُ بنتُ أبي بكرِ ، وأمُّها أمُّ رومانَ،وُلِدت في الإسلام، بعد البعثة النبوية بأربعِ سنوات ، وكانت امرأةً وضيئةً وتُسمَّى الحُميراءَ .
ولِدَت في بَيتِ صِدقٍ وتَقوَى ، ونشأت في بيتِ إيمان وعلمٍ ، فأمُّها صحابيةٌ، وأختُها أسماءُ من أبيها ذاتُ النِّطاقينِ صحابيِّةٌ، وأخوهَا عبدُ الرحمن صحابيٌّ جليلٌ، ووالِدُها صِدِّيقُ الأمة وكفى, فقد حازت الفضل من كلَّ جوانبه،
وحتى ندركَ سيرتَها جيدا لابد من العلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَقَد عليها قبل الهجرة وهي بنتُ ستِّ سنوات ، ودخل بها في السنة الثانية للهجرة وهي بنتُ تسعِ سنوات . وقبل زواجه بها رآها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في المنام ثلاثَ ليالٍ ، ( يأتي بِها المَلَكُ في سَرِقةٍ من حريرٍ ، فيقول : هذه امرأتُك فيكشفُ عن وجهها فإذا هي فيه ، فيقولُ ( إنْ يكُ هذا من عند الله يُمضه ) ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم من النساء بكراً غيرها ، وكانت تفخر بذلك ، وهي زوجته صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة,منحَها الله ذكاءً مُتدفِّقًا وحفظًا ثاقِبًا، فكانت محلَّ محبةِ رسولِ صلى الله عليه وسلم وأنسهِ , يُظهرُ ذلك ولا يخفيه ،ولمَّا سُئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، ( أيُّ الناسِ أحبُّ إليك يا رسول الله قال : عائشةُ قالوا : فمن : الرِّجالِ ؟ قال : أبوها) . وقالت عائشةُ رضي الله عنها،: (كنت أشرب وأنا حائض ، ثم أناوله النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فيضع فاه على موضع فيَّ ، فيشرب ، وكان صلى الله عليه وسلم يعطيني العظمَ فأ تعرَّقُه، ثمَّ يأخذه، فيديرُه حتى يضعَ فاه على موضع فمي ) .

وكان رسولُنا صلى الله عليه وسلم يُحبُّ مداعبتَها واللعبَ معها كثيرا فكان أهلُ الحبشة يلعبون بالحرابِ في المسجدِ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يستُرها بردائه لتنظر إلى لَعِبِهِم من بين أذنِه وعاتِقِه ،) وفي سفره ، وهي جاريةٌ ، يقول لأصحابه: تقدَّموا ، فيتقدَّموا ثم يقول لها : تعالي أسابِقُكِ فيتسابقانِ )
الله أكبر يا أهل السُّنة أيُّ حبٍّ هذا وأيُّ مودَّةٍ ورحمةٍ بينهما ! إنَّه رسول الله وخليلُه ومصطفاهُ !
أمَّا فضائلُ أُمِّنا فكثيرةٌ بحمد الله ، يكفيها شرفا ما قالَه عنها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم : ( كمُل من الرِّجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مَريمَ بنتُ عمران ، وآسيةَ امرأةُ فرعون ، وفضلُ عائشةَ على النِّساءِ كفضل الثَّريدِ على سائر الطعام) يكفيها فخرا وعزِّاً ( أنَّ جبريلَ الأمينَ يقرأُ عليها السلامَ ).
ومن مفاخرها وخصائصها , أنَّه كان ينزل الوحيُ عليه وهو في لحافها في فراشها دون غيرها ولهذا قال رسولُ صلى الله عليه وسلم ( فإنَّه والله ما نزلَ عليَّ الوحيُ في لحاف امرأةٍ مِنكُنَّ غيرُها)
ومن خصائصها أنَّ الله سبحانه ابتلاها ,والله يبتلِي من يحِبُّ، والابتلاء على قدرِ الإيمان، بُهِتَت رضي الله عنها وعُمرُها اثنَا عشرَ عامًا، قالت: فبكَيتُ حتى لا أَكتحِلُ بنوم ولا يَرقأُ لي دَمعٌ، حتى ظنَّ أبواي أنَّ البكاءَ فالِقٌ كبِدِي، قال ابنُ كثير رحمه الله: فغارَ الله لها، وأنزَل براءتَها في عشرِ آيات تتلَى على الزَّمان، فَسَمَا ذكرُها وعلا شأنُها؛ لتسمَعَ عَفافَها وهي في صباها. فشَهِدَ الله لها بأنَّها من الطيِّبات، ووعَدَها بمغفرةٍ ورزق كريم.

ومن فضائلها أنَّ رسول الله قُبِضَ في بيتها وفي يومِها وبين سحرها ونحرها وجمعَ اللهُ بين ريقِه وريقِها في آخر ساعةٍ من ساعاته ، بل ودُفنَ في بيتِها عليه الصلاة والسلام.
أُمُّنا أمٌّ مباركةٌ على الأمَّةِ الإسلاميَّةِ أجمع , فبسببها نزلت آيةُ التَّيَمُّمِ فكان التَّيَمُّمُ فرجا ومَخرجا لمن لم يجدِ الماءَ! قالت عائشةُ رضي الله عنها: { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فانقطع عِقْدٌ لي فأقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الْتِمَاسِهِ، وأقام َالناسُ معه وليسوا على ماء، فأتى الناسُ إلى أبي بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعتْ عائشةُ؟ فجاء أبو بكر فعاتبني ما شاءَ الله أن يقول، وجعل يَطعَنُنِي بيده في خاصرتي، فلا يمنعُني من التَّحركِ إلا مكانَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فأنزل الله آيةَ التَّيمُّمِ، فتيمَّمُوا، فقال أسيدُ بنُ حُضيرٍ: ما هي بأوَّلِ بركتِكُم يا آلَ أبي بكر. قالت: فبعثنا البعيرَ الذي كنتُ عليه فأصبْنا العِقدَ تحتَه }
أيعقل يا مؤمنون أن امرأةً بتلك الحصانة والرزانة والمكانة تُهتم بالزِّنا والخنا والفجور!
(سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) أقول ما تسمعون واستغفر الولي لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب فاستغفروه إنِّه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله خلق الإنسانَ وهو أقربُ إليه من حبل الوريد, نشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الوليُّ الحميد , ونشهد أنَّ محمدا عبدُ الله ورسوله أشرفُ الخلق وأطهرُ العبيد, صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أبي بكرٍ الصديقَ وعلى عمرَ و عثمانَ و عليٍّ وعلى أمهاتِ المؤمنين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم المزيد,وعنَّا معهم بمنك وكرمك يا واجدُ يا مجيد .أما بعد : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )
عباد الله إنَّنا إذْ نذكرُ أُمُّنا عائشةُ رضي الله دافعنا لذلك عظيمُ حبُّها ولحقِّها الكبيرِ الذي أوجبه اللهُ علينا , وكذا دفاعاً عنها وذبَّاً عن عرضها وكرامتها , فهي زوجُ النبيِّ الكريم وكفى، و بنتُ الصِّديقِ الخليفةِ المرتضى، هي أمُّنا وأمُّ المؤمنين جميعا ! هي أكثرُ النِّساء روايةً وحفظا للأحاديث ,وهي فقيهةُ زمانِها, وكبارُ الصحابة رضي الله عنهم إذا أشكل عليهم أمر وجدوه عندها , قال موسى الأشعري رضي الله عنه: ( ما أشكل علينا حديثٌ قط فسألنا عائشةَ إلا وجدنا عندها منه علمًا )كانت رضي الله عنها زاهدةً , مُنفقةً في سبيل الله ,وكانت من أعبد النساء؛ لأنَّها عاشت في بيت النبوةِ ورأت عبادةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، قالت لـعبد الله بن قيس: { لا تدع قيامَ الليل فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كَسِلَ صلى قاعداً }
عباد الله : وحتى تعلموا شناعةَ ما يُقال ويُفترى ! فاستمعوا ما قاله الطاعنونَ في زوجةِ خير الورى !من لدن رأسِ المنافقين عبدُ الله بنُ أبيِّ بنِ سلولٍ إلى وارثيه وأتباعه من أهلِ الرَّفضِ والتَّشيُّعِ والبهتانِ,من يهود هذا الزمان,وقرامطة العصر ورافعي شعار النجمة السداسية , وصدق اللهٌ: (وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ) إنَّهم جريئون على الله كذباً وزورا فعند قول الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) قالوا: المرادُ بِها عائشةُ,وعند قولِ الله: (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) قالوا: هي عائشةُ ,وسمَّى اللهُ فريتَهم إفكاً وتوعَّدهمُ الله فقال (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) فاعلموا يا مؤمنون: أنَّ عائشةَ مُطهرةٌ من أباطيل أهلِ الكذب والبهتان , ومن رمى عائشةَ بالبهتانِ , بعد نزول القرآن ! فهو كافرٌ بإجماع المسلمين،وعند الله تجتمع الخصوم، فيا ويح من كان خصمُه محمداً صلى الله عليه وسلم! واعلم أنَّ الطعنَ فيها طعنٌ في فراشِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقدحٌ في حِكمةِ الله سبحانه.كما أنَّ من واجب أهلِ السنة والجماعة الذَّبُ عن أمهاتِ المؤمنين ,وبغضُ كلِّ ملةٍ ودينٍ تطعنُ في أُمَّهاتِ المؤمنين رضي الله عنهنَّ وأرضاهنَّ ! وإنْ تسمَّى أصحابُها باسم الإسلام وتلفظوا بالشهادتين، فإنَّ من اعتقد ذلك فهو كافر، لا تجوز محبتُه ولا موالاتُه ولا أكلُ ذبيحتِه ولا الزواجُ منه ولا تزويجُه!فقارن أيُّها المسلم بين قول أهل السنة وبين أهل الرفضِ الذين يلعنون عائشة رضي الله عنها، ويفترون الكذب على بيت النبوة ويتمسحون بهم وهم منهم بَراءٌ!
فاللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل الدين / اللهم عليك بالرافضة والمنافقين الذين يُشيعون الفاحشة في الذين آمنوا ويسبوا آل بيتِ المرسلين/ اللهم انتقم للمسلمين منهم / اللهم واكف المسلمين شرورهم واجعل كيدهم في نحورهم يارب العالمين / رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ / اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى / اللهم رزقهم البطانة الصالحة الناصحة ياربَّ العالمين رَبَّنَا آ ربنا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ /عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admincp
 0  0  2.3K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 04:47 صباحًا الإثنين 27 شوال 1445 / 6 مايو 2024.