• ×

07:24 صباحًا , الأربعاء 29 شوال 1445 / 8 مايو 2024

خطبة الجمعة 20-03-1434هـ بعنوان حتى لا تَغرَق السَّفِينَةُ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله أعلى معالم َالعلمِ وأعلامَه،وأظهرَ شَعَائِرَ الشَّرعِ وأحكامَه،بعث الرُّسُلَ إلى سُبلِ الحقِّ هادينَ، وأخلَفهم بعلماءَ إلى سُننِ الهُدى دَاعِينَ, نَشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له المَلِكُ الحقُّ المُبينُ، ونشهدُ أنَّ نبيَّنَا مُحمَّداً عبدُ الله ورسولُه الأمينُ, صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آلِه وأصحابِه والتَّابعينَ.أمَّا بعدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) عبادَ الله: إنِّنا مُطالَبونَ بالتَّمسُّكِ بِشَرِيعَتِنا الغَرَّاءِ والعَضِّ عليها بالنَّواجذِ، ومُطالبونَ بالدِّفاعِ عنها, وتَعْرِيَةِ الْمُفسدينَ، الذينَ يَتَلاعَبُونَ بأحكامِها ومُسَلَّماتِها كيفَما شاءوا! ومُطالبونَ بالقيامِ بَواجِبِ الْحِسبَةِ والإنكار، وَرَدِّ المَظَالِمِ إلى أهلها, والسَّعيِ لإصلاحِ أحوالِ النَّاسِ ومُتَطَلَّباتِهم, وحفظِ المالِ العامِ, والأخذِ على أيدِ الفَاسِدينَ والعَابثينَ, فهذا فَرْضٌ مُحَتَّمٌ على المسلمينَ، كلٌّ حَسْبَ علمِهِ واستطاعتِهِ، ويتأكَّدُ ذلكَ على العُلمَاءِ والفُقهاءِ, وأهلِ القَضَاءِ والإفتاءِ!ِفإنَّ عليهم أمانةً ثقيلةً،ومَهَمَّةً خطيرةً، فأمَّتُنا اليومَ تَمرُّ بأيَّامٍ عَصِيبَةٍ,ومُستَجَدَّاتٍ عاصِفةٍ, وفسَادٍ يَتَكَشَّفُ في كُلِّ وقتٍ وحينٍ,وفتنٍ أطبقَت غُيومُها وانتشرَت سُمُومُها, وتَغيراتٍ داخِلِيَّةٍ أَثَارَوا نَقْعَها,واستفتَحوا بابَها. ولَو علِموا ما يُعقِبُ البَغيُ قَصَّروا ولكنَّهم لم يفكِّروا في العواقبِ لذا كانَ على العلماءِ الرَّبَّانِينَ مَسؤوليةٌ كُبرى,وأمانةٌ عظمى بِنُصحِ الرُّعاةِ والرعيَّةِ,فاللهُ أخذَ عليهمُ العهدَ والميثاقَ فَقالَ: وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ لَتُبَيّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ وهُم مُستَشعِرُون خُطبَةَ النَّبِيِّ حينَ قالَ: (ألا،لايَمنَعَنَّ رَجُلاً هيبةُ النَّاسِ أنْ يَقُولَ بِحقٍّ إذا عَلِمَهُ فإنَّه لا يُقَرِّبُ من أجلٍ،ولا يُباعِدُ من رِزقٍ أنْ يُقالَ بِحَقٍّ أو يُذكَّرَ بِعَظِيمٍ) فَكانَ اللهُ في عونِكم يا علماءَ الأمَّةِ: فامضُوا وبَلِّغُوا رسالةَ الله،ومُروا بالمعروفِ وانهوا عن المنكَّرِ لِتُحَقِّقُوا الْمَصَالِحَ والْمَرابِحَ، وتدفعوا الْمَفَاسِدَ والمَظَالِمَ والقَبَائِحَ.فالسَّلامةُ من الفَتَنِ, إنَّما هو بِتبليغِ الدِّينِ وإحياءِ شَعِيرَةِ ربِّ العالَمينَ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْكَـٰفِرِينَ فيا جنودَ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المٌنكَرِ،انصَحُوا لِلرَّاعي والرَّعيَّةِ،واعتصموا بحبلِ اللهِ جميعاً ولا تفرَّقوا, فإنَّ الخَطْبَ جَلَلٌ,والحِملَ ثَقِيلٌ،وإنَّ السُّكوتَ عن الإثمِ والعِصيَانِ, عَيبٌ في أهلِ الإسلامِ, وَدليلٌ على ضَعفِ الإيمانِ,وقِلَّةِ تَوكُّلِهم على المَلِكِ الدَّيَّانِ,القائِلِ: إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلْعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ وإنَّ السُّكوتَ سَيزيدُ الأَمرَ سُوءَاً,والمُنكَرَ مُنْكَراَ,والفُرقَةَ فُرقةً! أيُّها المُؤمنِونَ:اعلموا علمَ اليقين أنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عن المُنكرِ مَسؤولية ُالجميعِ وهو حَقٌ واجبٌ على الجميع ِ كما أنَّ نفعَه وخيرَه سَيكونُ لِصَالِحِ الجَمِيعِ,ألم يَقُل مَولانَا: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ فِتنةٌ تَتَعَدَّى المُذنِبَ المُباشِرَ,والظَّالِمَ المُجَاهِرَ لِتُصِيبَ الصَّالِحَ والطَّالِحَ، بِسَبَبِ عُصبَةٍ فَاسِقَةٍ,وبِطانَةٍ فاسِدَةٍ,ومُنكَرَاتٍ ظَاهِرَةٍ لَم تُقمَعْ.وَتَجاوُزاتٍ لِلشَّرعِ لَم تُمنَع ولم تُدفَع!أَمَا سَمِعتُم يا مؤمنونَ قَولَ رَسُولِ اللَّهِ :«مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ»فَمَن قال أنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المُنكَرِ مِن واجبِ رِجالِ الحِسبَةِ فَقَط؟وأنَّه حَرَامٌ على الآخرينَ؟ وأنَّ عِقَابَهم الإهانَةُ والقَبضُ والتَّنكيلُ؟كلا,فَدِينُنا قَائِمٌ على النَّصيحة قَال:نبيُّنا «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»قالَ الصَّحَابَةُ: لِمَنْ يارسُولَ اللهِ قَالَ:«لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»إِذاً الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكرِ واجبٌ على الجميع ودينُ الله للجميعِ ليس لأحدٍ دونَ سِواهُ.وإذا تَظاهرَ النَّاسُ بالمنكرِ وأَعلَنُوهُ جَهَاراً وَجَبَ إِنكارُهُ!وإذا حِيفَ على النَّاسِ وأصَابَهم الفقرُ والذُّلُ وَجَبَ إنكارُهُ وإصلاحُهُ!فَإنْ سَكَتُوا جَميعاً فَالكُلُّ عُصَاةٌ هذا بِفعلهِ وذَاكَ بِرضاهُ,
عَنْ جَرِيرِ بن عبدِ الله رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:«مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِ فَلَا يُغَيِّرُوا إِلَّا أَصَابَهُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمُوتُوا»اللهُ أَكبَرُ:غايةٌ في التَّشدِيدِ وَنِهَايَةٌ في التَّهديدِ والوَعِيدِ،قال الإمامُ القُرطبيُ رحمه الله: (كلُّ بلدةٍ يكونُ فيها أربعةٌ فَأهلُها مَعصُومُونَ من البلاءِ: إِمامٌ عَادِلٌ لا يَظلِمُ، وعَالِمٌ على سَبِيلِ الهُدى، ومَشَائِخُ يَأمرونَ بالمَعرُوفِ وَينهَونَ عن المُنكر وَيحرِّضونَ على طَلَبِ العِلم والقرآنِ, ونِساؤُهم مَستُوراتٌ لا يَتبرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِليةِ الأُولى, فَأهلُها مَعصُومونَ من البَلاءِ), واللهِ ياكِرامُ: أنَّنا في هذا الزَّمنِ بالذَّاتِ بِحاجَةٍ إلى هؤلاءِ الأربَعَةِ كُلِّهم!فيا أهلَ الإيمانِ: مُروا وَأَنكِرُوا,ولا تَوانَوا ولا تَكَاسَلُوا وابذُلُوا الوُسعَ قَبلَ أنْ يَستَعلِيَ البَاطِلُ وأهلُهُ,قالَ «إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِى الأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا وأَنْكَرَهَا,كَمَنْ غَابَ عَنْهَا,وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا» وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ نَسأَلُ اللهَ أنْ يَتَدَارَكَنا بِعفوهِ ولُطفِهِ,وأنْ يَهديَنا جَميعَا صِراطَهُ المُستَقِيمَ,وأن يجعلَنا مَفَاتِيحَ خيرٍ مَغَالِيقَ شَرِّ,وأن يَرزُقَنا شُكرَ نِعَمِهِ وحُسنَ عبادَتِهِ,والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ.

الخطبةُ الثانية:

الحمدُ لله كرَّمَ المُؤمنينَ بالطَّاعاتِ, وتوعَّد أهلَ المَعَاصِي بِأنَواعِ العُقُوبَاتِ, أَمرَ المُؤمنينَ بِإنكَارِها في جَميعِ الحَالاتِ, نشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَه رَبُّ الأَرضِ والسَّماواتِ, ونشهد أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ تَرَكنا على مَحجَّةٍ بَيضَاءَ لا يَزِيغُ عَنها إلاَّ أَهلُ الضَّلالِ والأَهواءِ, صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ الأَتقياءِ الأوفياءِ, ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الِّلقَاءِ.
أَمَّا بعد: فيا مُسلمونَ، اتَّقوا اللهَ وراقِبوه، وأَطيعُوهُ ولا تَعصوهُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أيُّها الكرامُ: لقد مثَّلَ النَّبيُّ مُجتَمَعَنا من أعلى راعٍ فيهِ,إلى أصغرِ بَشَرٍ فيهِ,بِمثالٍ عجيبٍ, وتَشبيهٍ بَليغٍ, شَبَّهنا بأنَّنا جميعاً على ظَهرِ سَفينةٍ واحِدَةٍ تَموجُ بها البِحارُ, وتَتلاطَمُها الأمواجُ, والنَّاسُ على ظَهرها طَرائِقَ قِدَداً فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ فأرادَ الظَّالِمونَ العَبَثَ بِها,والنَّخْرَ في أرجائِها! فإن تَرَكهم أهلُ العقلِ والحلِّ والعقدِ وما أرادوا فإنَّهم ولا شكَّ هالِكونَ جميعاً! وإنْ أخذوا على أيدهم ووجَّهُوهم ونصَحُوهم نَجَو جَميعاً, فذَالِكَ مَثَلُ الآمِرينَ بالمعروفِ والنَّاهينَ عن المُنكَرِ! في الحديثِ عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا» أيُّها المسلمونَ: حقَّاً لا يَنجُو من البَلاءِ إلاَّ الآمِرونَ المُصلِحونَ،النَّاهونَ المُخلِصونَ, وَخَسِرَ هُنالِكَ الخُرْسُ المُدَاهِنُونَ!والعُصاةُ المُجَاهِرونَ, قَالَ جَلَّ في عُلاهُ: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ويقولُ تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ أيُّها المُسلِمونَ: عجَبَاً واللهِ لِزَمنٍ, مَن اشتَغَلَ فيهِ بالأمرِ بالمَعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ,قَلَّ مُجالِسوهُ,وَكَثُر مُنتَقِدوهُ,وطُعِنَ في خاصِرَتِهِ،وَرُمِيَ بالكَذِبِ والخِيانَةِ,وإثارَةِ الفِتَنِةِ والفوضى,وَقُوبِلَ شَرَّ مُقابَلةٍ،وأَخَسَّها غُرُوراً!ومَن دَاهَنَ الرَّاعي والرَّعِيَّةَ, ورَضِيَ بالفَسادِ والإفسادِ, كَثُرَ مَادِحوهُ وَقَلَّ مُعادُوهُ! ورحمَ اللهُ الإمَامَ ابنَ كَثِيرِ حينَ قالَ: "فَكلُّ من قام بِحَقٍّ أو أَمَرَ بِمعرُوفٍ أو نَهى عن مُنكرٍ فلا بُدَّ أنْ يُؤذَى، فَمَا لَهُ دَواءٌ إلاَّ الصَّبرُ في اللهِ والاستعانةُ باللهِ والرُّجُوعُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ "قالَ تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ فَكان اللهُ في عونِكُم يا علماءَ الإسلامِ, ويا طَلَبَةَ العلمِ الأفاضِلِ, وياأيُّها الصَّادِقونَ النَّاصِحونَ فنحنُ باللهِ ثُمَّ بكمِ,بِنُورِ عِلمِكُم نَسِيرُ, وعلى خُطَاكُم نَهتدي, فَسَدَّدَ اللهُ أعمالَكُم وأقوالَكُم, وحَمَاكُم من كُلِّ شَرٍّ ومكروهٍ. يـا ربِّ زَلْزِل مَنْ يُريـدُ بِجمعِهم سُـوءَاً وَشُـلَّ يَمينَـهُ والمِرفَقَاً. هـُم لِلورَى رَكبُ النَّجَـاةِ تَقَدُّمَاً وَبِدُونِهم تَمضِي الرِّكابُ إلى الوَرى
الآمرونَ بالمعروفِ والنَّاهونَ عن المُنكرِ أَصفَى النَّاسِ قُلُوبَاً, وأَطهَرُهم أَفئِدَةً,وأَصدَقُهم أَلْسُنَاً, وأَنْقَاهُم سَرِيرَةً, وأَعَفُّهم عن الحَرَامِ, لأنَّهم مُطِيعُونَ مُحِبُّونَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ! فَحَقُّهم الإِجلالُ والإكرَامُ, والتَّقرِيبُ والتَّقدِيمُ!لا الإهانَةُ والتَّجريمُ! روى الإمامُ أحمدُ وغيرُهُ بسنَدِهِ أنَّ النَّبِيَّ قال: «ثَلاَثٌ لاَ يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ: إِخْلاَصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِوُلاَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ، تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ». فاللهمَّ اجعلنا من الآمرينَ بالمعروفِ العَامِلِينَ بِهِ, والنَّاهينَ عن المُنكَرِ المُبتَعِدِينَ عنهُ. اللهمَّ اهدنا لِمَا تُحبُّ وتَرضَى, وزيِّنا بِزِينَةِ الإيمانِ والتَّقوى, واجعلنا هداةً مُهتَدِينَ غَيرَ ضَالِينَ ولا مُضلينَ. اللهمَّ وفِّق وسَدِّد الآمرينَ بالمعروفِ والنَّاهينَ عن المُنكرِ وَقَوِّى عَزائِمَهم وأهدِهم سُبلَ السَّلام, واكفِهم شَرَّ الِّلئامِ , اللهمَّ من أرادَ بهم سوءاً فافضحهُ على رؤوس الأشهادِ, وأخرس لِسانَهُ وشُلَّ أركانَهُ وأذهب عقلَهُ, واجعله للنَّاس آيةً وعبرةً ياربَّ العالَمينَ. اللهمَّ وفِّق وُلاةَ أُمورِنا لِمَا تُحبُّ وَتَرضى وأَعنهُم على البِرِّ والتَّقوى,وأصلح لهم البِطانَةِ ووفِّقهم وأعنهم على أداء الأمانةِ, واجعلهم رحمةً وسكينَةً على رعاياهم, اللهمَّ ادفع عنَّا الغَلا والوَبَا والرِّبا والزِّنا والزَّلازلَ والمحنِ عن بلدِنا هذا خاصَّةً وعن سائرِ بلادِ المُسلمينَ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admincp
 0  0  7.0K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 07:24 صباحًا الأربعاء 29 شوال 1445 / 8 مايو 2024.