• ×

09:50 مساءً , الأحد 19 شوال 1445 / 28 أبريل 2024

خطبة الجمعة 19-04-1434هـ بعنوان وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ للهِ أعلى مَعَالِم َالعلمِ وأعلامَه، وأظهرَ شَعَائِرَ الشَّرعِ وأحكامَه، بعثَ الرُّسُلَ إلى سُبلِ الحقِّ هادين، وأخلَفهم بعلماءَ إلى سُننِ الهُدى دَاعِينَ, نشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الحقُّ المبينُ، ونشهدُ أنَّ نبيَّنَا مُحمَّداً عبدُ الله ورسولُه الأمينُ, صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آلِه وأصحابِه والتَّابعينَ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، اتَّقُوهُ فِي دِينِكُمْ فَتَمَسَّكُوا بِهِ وانشُرُوهُ، وَاتَّقُوهُ فِي أُمَّتِكُمْ فَانْهَضُوا بِهَا وَانْصُرُوهَا، وَاتَّقُوهُ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مِنْ نِعَمٍ،وَمَا دَفَعَ عَنْكُمْ مِنْ نِقَمٍ،فَقَيِّدُوهَا بِالْطَّاعَاتِ، وَلَا تُزِيلُوهَا بِالسَّيِّئاتِ؛ فَإِنَّ اللهَ: لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوَءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ عبادَ اللهِ: مَنْ تأمَّلَ الْشَّرِيعَةَ الْرَّبَّانِيَّةَ, وجَدَها تَسعى إلى وَحْدَةِ الْكَلِمَةِ وَاجْتِمَاعِ الْقُلُوبِ، وتُحذِّرُ مِنِ اخْتِلَافِهَا وَتَفَرُّقِهَا؛ لأَجلِ أنْ تَقْوَى الْأُمَّةُ وَيَتَحَقَّقَ عِزُّهَا، وَيَدُومَ أَمْنُهَا وَاسْتِقْرَارُهَا، وَألاَّ يَنَالَ الْأَعْدَاءُ بُغْيَتَهُمْ مِنْهَا، وَ واللهِ لَا شَيْءَ أَكْثَرَ إِخِلالًا بِالْأَمْنِ وَلَا ضَرَرًا عَلَى الدِّينِ, مِنِ اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ وَافْتِرَاقِ الْقُلُوبِ! فَقَد عَدَّ اللهُ تعالى ائِتِلافَ القُلُوبِ, واجتماعَ الكَلِمَةِ مِنْ أَميَزِ صِفَاتِ المُسلمينَ، فَقَالَ سُبحانَهُ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ وَوَصَفَنا بِأَنَّنا أُمَّةٌ واحِدَةٌ فَقَالَ: وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ومَنْ تَأَمَّلَ آيَاتِ الْذِّكْرِ الْحَكِيمِ يَجِدُهَا تُؤَكِّدُ عَلَى ضَرُرَةِ الالتِزَامِ بِدينِ اللهِ تعالى حتى تَستَقِيمَ الْوَحْدَةُ وَتَنتَفِيَ الْفُرْقَةُ !فَأَمَرَنا بِالْتَّمَسُّكِ بِحَبْلِهِ الَّذِي هُوَ دِينُهُ وكِتَابُهُ وعَهْدُهُ وَجَمَاعَةُ المُسلِمينَ، فَقَالَ عزَّ من قائِلٍ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَوَصِيَّةُ الله تَعَالَى لَنَا وَلِمَنْ قَبْلَنَا كَانَتْ: أَنْ أَقِيمُوا الْدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ فَإِقَامَةُ الْدِّينِ سَبَبٌ لِلْوَحْدَةِ كَمَا أَنَّ تَفَرُّقَ الْدِّينِ سَبَبٌ لِلْفُرْقَةِ؛ وَلِذَا بَرَّأَ اللهُ نَبِيَّهُ مِمَّنْ فَرَّقُوا دِينَهُمْ من بَنِي إِسْرَائِيلَ فَاخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُمْ؛ فَصَارُوا شِيَعًا مُتَنَاثِرَةً, وَأَحْزَابًا مُتَنَاحِرَةً،
وَجَرَتْ بَيْنَهم حُرُوبٌ طَاحِنَةٌ أَفْنَتْ بَشْرًا كَثِيرًا،فَنَهَانَا أَنْ نَسْلُكَ مَسْلَكَهُمْ لِئَلَّا تَفْتَرِقَ قُلُوبُنَا: وَلَا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا
كُلُّ تِلكَ الْقَوْاعِدِ الْرَّبَّانِيَّةِ يا رِعاكُمُ اللهُ,إنَّمَا هِيَ لِأَجْلِ المُحَافَظَةِ عَلَى الْوِحْدَةِ وَالْقَضَاءِ عَلَى الْفُرْقَةِ؛ وَلِذَا فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُونَ إِلَى تَرْكِ الْدِّينِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ لِأَجْلِ المَشَارِيعِ الْتَغْرِيبِيةِ إنَّما هُمْ أَكْبَرُ دُعَاةِ الْفُرْقَةِ وَالْفِتْنَةِ؛ لِأَنَّ افْتِرَاقَ الْدِّينِ بِأَخْذِ بَعْضِهِ وَتَرْكِ بَعْضِهِ سَبَبٌ لِلْفُرْقَةِ، كَمَا أَنَّ الْتَّمَسُّكَ بِهِ كُلِّهِ سَبَبٌ لِلْوِحْدَةِ والنَّجاةِ والإِلفَةِ، وَإِذَا عُلِمَ ذلِكَ: فَإِنَّ كَيَاسَةَ الْعَقْلِ, وَكَمَالَ الْفَهْمِ, أَن لَا يَنْسَاقَ مَسئُولٌ إِلَى مَنْ يُرِيدُ تَصْدِيعَ هَذِهِ الْوِحْدَةِ؛ أو يُقَرِّبَهُ مِن بِساطِهِ وسُلطانِهِ! واعلموا عبادَ اللهِ: أنَّ من أوائِلِ أعمالِ النَّبيِّ أنْ آخى بينَ المُهاجِرينَ والأنصارِعلى العقيدةِ والإيمانِ, حتى تَقَاسمُوا أموالَهم وَدُورَهُم فصاروا كَمَا أَخبَرَ اللهُ عنهم: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَجَعل رابطةَ الإيمانِ والعَقِيدَةِ هي الأساسُ والمُنطَلَقُ؛ إذِ الإيمانُ قوَّةٌ جاذبةٌ تبعثُ أهلَها على التَّقَارُبِ والتَّعَاطُفِ والتَّآلُفِ! ولقد صوَّرَ رَسُولُ اللهِ واقِعَهُ في مَثَلٍ نَبَوِيٍّ مُشرِقٍ، حينَ قَالَ: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى »
أيُّها المؤمنُونَ: وكَمَا جَاءَ النَّهيُ عن التَّفَرُّقِ والتَّنازُعِ والاختلافِ، فقد جاءَت تَكالِيفُ الشَّرِيعَةِ الغَرَّاءِ بِكُلِّ سَبَبٍ يَضمَنُ الائِتِلافَ والاجتِماعَ, فِي الْعِبَادَاتِ وَالْآدَابِ وَالمُعَامَلَاتِ، بَلْ حَتَّى فِي الْعُقُوبَاتِ! فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ مَقَاصِدِهَا الْلِّقَاءُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَيُتَوَّجُ ذَلِكَ بِالتَّرَاصِّ بالْصُّفُوفِ وتَقَارُبِ الأَجسَامِ والْأَقْدَامِ وَالمَنَاكِبِ! حتى قالَ رَسُولُ اللهِ: (( لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ))، وَفِي رِوَايَةٍ: (( أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ)). وَأَعْظَمُ مِنْهُ اجْتِمَاعُ الْجُمُعَةِ والْعِيدِ كذَلِكَ.
وَأَمَّا الْزَّكَاةُ فَهِيَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ لِلْفُقَرَاءِ؛ لِإِزَالَةِ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الانْكِسَارِ، وَالْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْأَحْقَادِ حِفْظًا لِوَحْدَةِ الْكَلِمَةِ, وَضَمَانَاً لاجْتِمَاعِ الْشَّمْلِ.
وَفِي الصِّيَامِ يَجُوعُ الْغَنِيُّ لِيَفْطِنَ لجُوعِ الْفَقِيرِ فَيُطْعِمَهُ، فَيَتَطَهَّرَ قَلْبُهُ مِنَ الْضَّغِينَةِ عَلَى أَخِيهِ !
وَفِي الْحَجِّ تَلْتَقِي أَجْنَاسٌ شَتَّى لَا يَجْمَعُهَا شَيْءٌ سِوَى الْوَحْدَةِ عَلَى كَلِمَةِ الْتَّوحِيدِ!
وَفِي كُلِّ الْعِبَادَاتِ وَالْشَّعَائِرِ لَا تَمَايُزَ وَلَا افْتِرَاقَ، فالْقِبْلَةُ وَاحِدَةٌ، وَالْشَّعَائِرُ وَاحِدَةٌ، وَالمَشَاعِرُ وَاحِدَةٌ؛ لِتَكُونَ الْأُمَّةُ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَفِي مُعَامَلَةِ الْنَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ أَزَالتِ الْشَّرِيعَةُ كُلَّ مَا يَكُونُ سَبَبًا لتَصدِيعِ الْوِحْدَةِ وَافْتِرَاقِ الْكَلِمَةِ مِنَ الْرِّبَا وَالْرِّشْوَةِ, وَالْنَّجَشِ وَالْغِشِّ، وَنَهِى عَنْ سُوءِ الْأَخْلاقِ وَفُحْشِ الْكَلَامِ وَالْإِسَاءَةِ إِلَى الْنَّاسِ، لِئَلَّا يُوغِرَ قَلْبَهُ، وَيُفْسِدَ وِدَّهُ، فَتَفْتَرِقَ الكَلِمَةُ, وَأُمِرَ بِكُلِّ مَا يُؤَدِّي إِلَى المَحَبَّةِ وَالأُلْفَةِ, مِنَ الْسَّمَاحَةِ وَالْعَفْوِ وَالْبَشَاشَةِ وَطِيبِ الْكَلَامِ وَبَذْلِ الْسَّلامِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْغَيْرِ. فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: « لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شيءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ». وَفِي الْقِصَاصِ والْحُدُودِ قَضَاءٌ عَلَى الْبَغْي وَالْعُدْوَانِ، وَصِيَانَةٌ لِلْدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُعَاقَبْ المُعْتَدِي تَصَدَّعَتْ وِحْدَةُ المُجْتَمَعِ وَاخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُ، وَكَانَ أَخْذُ الْحُقُوقِ بِالْأَيْدِي لَا بِالْشَّرْعِ فَتَكُونُ الْفَوْضَى والفَسادُ؛ وصَدَقُ اللهُ: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْمَعَ قُلُوبَنَا عَلَى الْحَقِّ، وَأَنْ يُوَحِّدَ كَلِمَتَنَا عَلَى الْحَقِّ والعَدلِ، وَأَنْ يُبْعِدَ عنَّا أَسْبَابَ الْشِّقَاقِ وَالِافْتِرَاقِ. وأستَغِفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذَنبٍ، فاستغفروه، إنَّه هو الغفورُ الرَّحيمُ.


الخطبة الثانية: (المظاهراتُ نوعٌ من الفَوضى والشِّقاقِ)

الحمدُ للهِ ذي العظمةِ والجلالِ، نشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الكبيرُ المتعَال, ونشهَدُ أنَّ نبيَّنَا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه, حذَّرنا الغِوايَةِ والضَّلالِ, اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليهِ, وعلى آلِهِ وأصحابِه والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الْمآلِ, أمَّا بعدُ: فاتَّقوا الله عبادَ الله، واذكُروا أنَّه خَلقَكم لعِبادَتِه، فاعبُدُوه مُخلِصِينَ لَهُ الدِّين، فالسَّعيدُ من أخلَصَ دِينَهُ للهِ وتابَعَ فيه رَسولَ الله,عليه أفضلُ الصَّلاةِ وأزكى السَّلامِ.
أيُّها الكرامُ: ومن الأمور التي يَخشَى العُلماءُ أن تُسبِّبَ نِزاعاً وشِقاقاً وتَفرِيقَاً بينَ المؤمنينَ, تَنَامِي المُظاهراتِ في الآونَةِ الأَخِيرَةِ في بِلادِنا من الرِّجالِ أو النِّساءِ فَأَصدَرَتْ هَيئَةُ كِبارِ العُلَمَاءِ بَياناً مفادهُ (أنَّ اللهَ قد أَخذَ على العُلمَاءِ العهدَ والمِيثاقَ, بِبيانِ الحَقِّ وعَدَمِ كِتمانِهِ, خاصَّةً في أوقاتِ الفِتَنِ والأَزمَاتِ؛ نَسأَلُ اللهَ لِعُمُومِ المُسلمينَ العَافِيَةَ والاستِقرَارَ والاجتِمَاعَ على الحَقِّ حُكَّاماً ومَحكُومِينَ، وإنَّنَا لنَحمدُ اللهَ على ما منَّ بهِ علينا من اجتِمَاعِ الكَلمَةِ ووحدةِ الصَّفِّ على كتابِ اللهِ، وسُنَّةِ رَسُولهِ في ظِلِ قِيادَةٍ حَكِيمَةٍ لها بَيعَتُها الشَّرعِيَّةُ, وإنَّ المُحافَظَةَ على الجَمَاعَةِ مِن أَعظَمِ أُصُولِ الإِسلامِ،كما قالَ المولى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وهذا الأَصلُ عَظُمَت بهِ وَصِيَّةُ رَسُولهِ كما قالَ: "يَدُ اللهِ معَ الجَمَاعَةِ" لِما يَتَرتَّبُ على ذَلِكَ مِن مَصَالِحَ كُبرَى، وفي فَقْدِها مَفَاسِدُ عُظمى يَعرِفُها العُقَلاءُ، والهَيئَةُ تَدعو الجَميعَ إلى بَذلِ كُلِّ أَسبَابِ الُّلحْمَةِ والأِلفَةِ، وَتُحذِّرُ من ضِدِّ ذَلِكَ، وتُؤكِّدُ على وجوبِ التَّناصُحِ والتَّفَاهُم والتَّعَاونِ على البِرِّ والتَّقوى،والتَّنَاهِي عن الإِثمِ والعُدوانِ، وتُحَذِّرُ من ضِدِّ ذَلكَ !
إذِ الأُمَّةُ جَمَاعَةٌ واحِدَةٌ مُتَمَسِّكَةٌ بِمَا عليهِ سَلَفُ الأمَّةِ، وإنَّ الهَيئَةَ تُؤكِّدُ على وجُوبِ النَّصِيحَةِ لِلهِ ولِكتابِهِ ولِرَسُولِهِ ولِأَئِمَّةِ المُسلِمينَ وعَامَّتِهِم, وآكَدُ مَن يُنَاصَحُ وَلِيُّ الأَمرِ حيثُ قالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "وأنْ تُنَاصِحُوا مَن وَلَّاهُ اللهُ أَمرَكُمْ" وأنَّ الإِصلاَحَ والنَّصِيحَةَ بالأسلوبِ الشَّرعِيِّ الذي يَجلِبُ المَصلَحَةَ وَيَدرَأُ المَفسَدَةَ، ولَيسَ بِإصدارِ بَيانَاتٍ فيها تَهويلٌ وإثارةٌ! ولا تُكونُ بِالمُظَاهَرَاتِ والوَسَائِلِ التي تُثِيرُ الفِتَنَ وتُفَرِّقُ الجَمَاعَةَ، هذا ما قَرَّرَهُ عُلمَاءُ هَذهِ البِلادِ قَدِيماً وحَدِيثاً من تَحرِيمِها، والتَّحذِيرِ مِنها. كَمَا على الجِهاتِ الحُكُومِيَّةِ القيامُ بِواجِبِها. واللهَ تَعالَى نَسأَلُ أنْ يَحفَظَ بِلادَنا وبِلادَ المُسلمينَ مِن كُلِّ سُوءٍ ومَكرُوهٍ، وأنْ يَجمَع كَلِمَتَنا على الحَقِّ، وأنْ يُصلِحَ ذَاتَ بَينَنَا، وأنْ يَهدِيَنَا سُبَلَ السَّلامِ، وأَن يُوفِّقَ ولاةَ أَمرنا لِما فِيه صَلاحُ العِبَادِ والبِلادِ، وصلَّى اللهُ وَسَلَّمَ على نَبِيِّنَا مُحمَّدٍ وعلى آلِهِ وَصحبِهِ أَجمَعينَ.)
اللهم يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلوبَنا على دينك، اللهم إنَّا نعوذُ بك من الفتنِ ما ظهر منها وما بطن ياربَّ العلمين. اللهم أبرم لهذه الأمةِ أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر ياربَّ العالمين .
اللهم كن لإخواننا المستضعفين والمضطهدين في كلِّ مكانٍ ياربَّ العالمين
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكُركم واشكروه على عمومِ نعمه يَزِدْكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعونَ.
بواسطة : admincp
 0  0  10.1K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:50 مساءً الأحد 19 شوال 1445 / 28 أبريل 2024.