• ×

06:36 صباحًا , الثلاثاء 28 شوال 1445 / 7 مايو 2024

خطبة الجمعة 19-08-1434هـ بعنوان الحقُوقُ الزَّوجيَّةُ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ للهِ الذي خَلقَ فَسَوَّى,والذي قَدَّرَ فَهَدَى،خَلَقَ الزَّوجينِ الذَّكرَ والأُنثى مِن نُطفةٍ إذا تُمنى،نشهدُ أن لا إله إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،العليُّ الأعلى,ونَشهدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ أَقامَ مُجتمَعَاً على المَوَدَّةِ والتَّقوى،اللهمَّ صَلِّ وسلِّم وبارك عليه وآلِهِ وَصَحَابَتِهِ والتَّابعينَ وَمَنْ تَبِعهُم على البِرِّ والتَّقوى.أمَّا بعدُ. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً أيُّها الكرامُ:بِحمدِ الله تعالى تَحقَّقَتْ أُمنِياتُ كَثِيرٍ مِن أَبنَائِنَا وبَنَاتِنا،في إقامة بيتٍ زَوجِيٍّ سَعِيدٍ،وَجَدوا فيه راحتَهم وأنسَهم، وهذا البيتُ يا كرام:له سِمَاتٌ ومُواصَفَاتٌ!وله حقوقٌ وواجباتٌ!وحتى نُحقِّقَ سعادتَهُ, وَنُقيمَ أركانَهُ,فنَقُولُ لِكُلِّ زَوجينِ:اللهمَّ بارك لهما وباركْ عليهما واجمع بَينَهما بِخَيرٍ, واعلموا أيُّها الزَّوجانِ الكَرِيمَانِ:أنَّ البيتَ الذي سَكَنتُمُوهُ نِعمةٌ من اللهِ وحدَهُ!فقد تَفَضَّلَ اللهُ بِهِ علينا فقالَ: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا فذَكِّر سُبحَانَهُ بِتَمَامِ نِعمَتِهِ على عبادِه بِبُيُوتٍ هيَ سَكَنٌ لَهم يَأوونَ إِليها،وَيستَتِرونَ فِيها،ويَنتَفِعون بِها.سواءٌ كانَتْ مُلكَاً لكم,أومُؤجَّرَةً لَكم!فهناكَ أناسٌ لا يَجِدونَ ثَمَنَ ما يَستَأجِرُونَ بهِ!إي واللهِ إنَّ بُيُوتَنا لَنعمةٌ! وهيَ أمانةٌ كَذَلِكَ!فاحمدوا اللهَ ليلاً ونَهَاراً,وسِرَّاً وَجِهاراً,واسعوا لِما يُصلِحُها ويُقِيمُها ويُطمئِنُها,فإذا ما استَقَامَ الزَّوجانِ على دِينِ الله,وتزيَّنا بِتَقوى اللهِ,غَدا البيتُ مَأوى النَّورِ وإشعاعَ الفضيلةِ،وَمَوطِنَ بِنَاءٍ لِجِيلٍ صَالِحٍ,ومجتمعٍ كريم.
عبادَ اللهِ:لقد بَيَّنَ اللهُ في كتابِهِ,وَرَسُولُ اللهِ في سُنَّتِهِ حقَّ كُلِّ واحدٍ من الزَّوجَينِ على الآخَرِ,وما لَهُ ومَا عليهِ!فإذا ما أَدرَكُوا ذلكَ عَاشُوا في كَنَفِ بيتٍ مُطمئِنٍّ,
فاللهُ تعالى يَقُولُ: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ومحمدٌ خَيرُ أسوةٌ يَقُولُ:«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُم لأَهْلِهِ,وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي".وقالَ:"أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً، وخيارُكُم خيارُكم لِنسائِهم». فَبُيُوتُنا تَحتاجُ إلى تأَمُّلِ ذَلِكَ وتَعَلُّمِهِ.ولْنَعلَمْ ياكرامُ:أنَّهُ في كلِّ بيتٍ عِتَابٌ وَمَوَدَّةٌ،وَسَخَطٌ وَرِضَا،والرَّجُلُ العاقِلُ يَقودُهُ عَقلُهُ ونُضجُه وَفِكرُهُ,فَيَعفُوا عن الخَطأِ,ويَنسى الزَّلَل،لأنَّهُ مُدرِكٌ أنَّ المرأةَ خُلقت من ضِلَعٍ أعوجٍ،فبالصَّبرِ عليها تَستقيمُ الأمورُ,وتَحسُنُ المَعِيشَةُ «فاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً,فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ,وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي اَلضِّلَعِ أَعْلَاهُ,فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ,وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ,فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً" أيُّها الزَّوجانِ الكَرِيمَانِ:اتَّقِيا اللهَ في حياتِكُما الزَّوجِيَّةِ،وقُومَا فِيها بِالحُقُوقِ المَرعِيَّةِ,ولا تُدمِّراها بالمدَاخِل الشَّيطانيَّةِ،واحتكما لقولِ اللهِ:وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ واحتكما لقولِ النَّبِيِّ :« أَلا إنَّ لكُمْ مِنْ نسائكُمْ حقَّاً،ولِنسائِكُمْ عليكم حقَّاً فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ،فَلاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ،وَلاَ يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ،أَلاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ،وَطَعَامِهِنَّ ». رواه التَّرمِذيُّ,:وهو حَسَنٌ صَحِيحٌ
أيُّها الزَّوجانِ الكريمانِ:بيتُكما قَلْعَةٌ.وكِلاكُمَا حَارِسٌ لَهُ،وَمَسئُولٌ عنه:«فَكُلُّكم رَاعٍ وَمَسئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ,والمَرأَةُ في بَيتِ زَوجِها رَاعِيَةٌ وهيَ مَسئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها». وَأُنْسُ البيتِ وَسَعادَتُهُ,تَكُونُ بِذكْرِ اللهِ تَعالَى،فعن أَبِي مُوسىقال :«مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لاَ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ » رواهُ مُسلِمٌ. وقال : «اجْعَلُوا مِنْ صَلاَتِكُمْ فِى بُيُوتِكُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا » رواهُ مُسلِمٌ.
فإذا خَلَتِ البُيوتُ من الصَّلاةِ والذِّكرِ والقُرآنِ غَدَت مَرتَعاً لِلشَّياطِينِ!وَمَوطِنَا للنِّزَعاتِ! حَدَّثني أحدُ الأشخاصِ قَرِيبَاً فقالَ:أسكُنُ في بيتٍ كريمٍ ولي زَوجَةٌ وثلاثةُ أَبْنَاءٍ وَمَعِيشَتِي كريمَةٌ وأَحوالِي مَستُورةٌ, ولكن في البيتِ تَوتُّرٌ ونِزاعاتٌ بَينَنَا كثيرَةٌ وضَحِيَّةُ النِّزاعاتِ ترجِعُ على أطفالي بالضَّربِ والصُّرَاخِ واللَّعنِ في كثيرٍ من الأحيانِ!يقولُ:فقلتُ في نفسي أينَ الاستقرارُ والرَّاحَةُ التي يَتَحَدَّثُ المُتَزَوِّجونَ؟بعدها اتَّجهتُ إلى أحدِ النَّاصِحينَ فأخبرتُهُ عن الأوضاعِ,وشَرحتُ لَهُ ما في منزِلي,حينها تَبَيَّنَ أنَّ زوجَتي قد فُتِنَت بِمُتابَعَةِ المُسلسلاتِ العربيِّةِ والأجنبيَّةِ!ثُمَّ سَألني مُنذُ مَتى لم تَجلس في مَنزِلِكَ أَمَامَ زَوجَتِكَ وأَولادِكَ تَقراُ قُرآناً أو كتاباً دينيَّاً؟فقلتُ لهُ لا أذكُرُ أنَّي فعلتُ ذلِكَ إطلاقاً!حينها أدركتُ أنِّي في غَفلَةٍ تامَّةٍ عن هذا,وأنَّي قلَّ ما جعلتُ لي عِبادَةً أو ذِكراً أو قُرآنَاً في مَنزلي!فكأنَّ النَّاصِحَ أيقَظَني من نومٍ عَميقٍ!وذكَّرني بِحديثِ النَّبيِّ:«إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ.وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ.وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ »رواهُ مُسلِمٌ.فَتَأَمَّلْ كيفَ يَنفِرُ الشَيطانُ من الذِّكرِ,وكيفَ يَتَسلَّطُ حينَ المَعصِيَةِ والغَفلَةِ!يقولُ فأدركتُ أنَّ البيتَ المُستَقِرَّ يَجِبُ أنْ يَكُونَ مُحَصَّناً من شَبَكاتِ الفَتكِ,وَقَنواتِ الشَّرِّ،وأفلامِ الخَلاعَةِ,يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ »رواهُ مُسلِمٌ.
عبادَ اللهِ:ومن سِمَاتِ البيتِ المُسلِمِ: تَعاونُ أفرادِهِ على الطَّاعَةِ،فَضَعْفُ إيمَانِ الزَّوجِ تُقوِّيهِ الزَّوجَةُ،واعوجاجُ سُلُوكِ الزَّوجةِ يُقوِّمُهُ الزَّوجُ،تَكَامُلٌ وَتَعَاضُدُ،وتَنَاصُحٌ وتَنَاصُرٌ،قال: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِى وَجْهِهَا الْمَاءَ,ورَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِى وَجْهِهِ الْمَاءَ ». روهُ أبو داود:حسن صحيح.
ومن أخصِّ صفاتِ البيتِ المُسلِمِ أنَّ أسرارَه مَحفُوظَةٌ،وخِلافَاتَهُ مَستُورةٌ،فلا تُفشى ولا تُنشَرُ مَهما كانَ حَجمُها! أتُرِيدُونَ يا كرامُ أنْ تَعرفوا مَنْ شَرُّ النَّاسِ مَنزِلَةً عندَ اللهِ يومَ القِيامَةِ؟قال :«إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»رواهُ مُسلِمٌ.أقول قولي هذا،وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله ربِّ العالمينَ خَلَقَنا من نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ منها زَوجَها لِنَسكُنَ إليها،نَشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له،أمرنا بالتَّعاونِ على البِرِّ والتَّقوى,ونشهدُ أنَّ مُحمداً عبدُ اللهِ ورسولُه خيرُ النَّاسِ وأوفى،اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابِهِ,ومَن اهتدى بِهديهِ إلى يومِ الدِّينِ. أمَّا بعد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أيُّها الكرامُ:لو قيل لأَحَدِنا ماذا تَتَمَنَّى؟ لَقالَ:أنْ أَعِيشَ في بَيتٍ سَعيدٍ مع امرَأَةٍ صَالِحَةٍ إذا نَظَرتُ إليها سَرَّتني وإذا أَمَرْتُها أَطَاعَتني،
فهل يُمكِنُ أنْ تَتَحقَّقَ هذهِ الأمانيُّ؟ نعم ياكرامُ وأكثرُ,متى ما عَرَفَ كُلٌّ من الزَّوجينِ حُقُوقَهُ وحُدُودَهُ,ومتى ما رُزقنا القنَاعَةَ والرِّضى,وتَركْنَا المُقارنَاتِ والأَمَانِيِّ الكاذِبَةِ الخادِعَةِ هذه السَّعادةُ تتحقَّقُ بإذنِ اللهِ,بِتقوى اللهِ ومراقبتِه في السِّر والعلنِ,وأَنْ يَنظُرَ كلٌّ من الزَّوجينِ إلى أنَّ الزِّواجَ عبادَةٌ يتَقَرَّبُ به إلى الله تعالى.القائِلِ:
مَنْ عَمِلَ صَـالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَواةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.
والزَّوجُ العاقِلُ الصَّالحُ:كرُيمٌ أَصلُهُ لَيِّنٌ قَلبُهُ،يَعرِفُ قَدرَ زوجَتِهِ,التي هي حَامِلَةُ أَولادِهِ, وراعيةُ أموالِهِ،وحافظةُ أسرارِهِ.فيَخفضُ الجَنَاحَ مَعَهَا،ويُظهرُ البَشَاشَةَ لَها،
ويا أيُّها الزَّوجُ المُبارك:إيَّاكَ والتَّكَبُّرَ والغُرُورَ عليها,مَهمَا عَلا شَأنُكَ!وارتَفَعَ قَدرُكَ!فقد قال عمرُ بنُ الخطَّابِ "ينبغي لِلرَّجُلِ أنْ يَكونَ في أَهلِهِ كالصَّبِيِّ -يعني في الأُنسِ والسُّهولَةِ- فإنْ كانَ في القَومِ كانَ رَجُلاً".وَكُن زَوجَاً مُستَقِيمَاً فلا تمُدَّنَّ عَينَيكَ إلى ما لا يحلُّ لكَ،فالمعصيةُ شؤمُ البيتِ،ومشاهدةُ الفضائياتِ يقبِّحُ جَمَالَ زَوجَتِكَ في عَينَيكَ، ويُنَقِّصُ من قَدْرِها لَدَيكَ.وفي وقتِنا المُعاصِرِ هذهِ أمُّ المَشَاكِلِ والمَهَالِكِ!ألم يقُل أحدُ السَّلفِ إنِّي أجِدُ شُؤمَ مَعصِيتِي في دابَّتي وأهلي؟
وَأحسِن إليها بالنَّفَقَةِ بِالمعرُوفِ ولا تَبخَلْ عَليها, وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا.
واعلموا عبادَ اللهِ:أنَّ عقدَ الزوجيةِ أكبرُ من التَّصرُّفَاتِ الهَوجَاءِ،فلا يَليقُ أنْ يتخلى الزَّوجُ عن زَوجَتِهِ لِمُجَرَّدِ خُلُقٍ كَرِهَهُ،أو مُشكِلَةٍ طَرَأَت عليهما,خاصَّةً عندَ تَقَدُّمِ السِّنِّ بِهما, وطُولِ العِشرَةِ بَينَهُما,فَلِكُلِّ مُشكِلَةٍ حلٌّ،ولِكُلِّ مُعضِلَةٍ دَواءٌ,تَجِدُ ذلِكَ عندَ أُناسٍ نَذَروا أنفُسهم للإصلاحِ الأسري,والتَّوفيقِ بينَ الزَّوجينِ عبرَ الجمعيَّاتِ الخيريَّةِ,والمكاتِبِ الاستشاريَّةِ,فإنْ كانَ الزَّوجانِ صادِقينِ فقد تَكَفَّلَ اللهُ فَقالَ: إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا وأوصانا رَسُولُنا:«لا يَفْركْ مؤمنٌ مؤمنةً إنْ كَرِهَ منها خُلُقاً رَضِيَ مِنها آخَرَ». وَمَنْ تَابَعَ حَالاتِ الفِراقِ والطَّلاقِ في هذا الزَّمَنِ,أدركَ أنَّ كثيراً من الأزواجَ يَحتاجُونَ إلى توجيهٍ وإرشادٍ,وإلى بَحثٍ عن المُسَبِّبَاتِ والأسبَابِ,علَّنا نوَفَّقُ لِطَرقِها ولو بعدَ حينٍ, أيُّها المسلمون!وإذا كان هذا مَنطِقُ الشَّرعِ الحكيمِ،فمنطقُ العقل أيضاً يقول:إنَّ كثيرا من الأزواج بِحمدِ اللهِ تَجَاوَزُوا الخِلافَاتِ في بِدَايتِها،وَتَغلَّبوا على المَكَارِهِ والمَصَاعِبِ أوَّلَ نشأتِها،فَغَدَت حَيَاتُهم هَانِئَةً سَعِيدَةً!وصدَقَ اللهُ: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا.رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا اللهم إنا نعوذ بك من الهمِّ والحزن,ونعوذ بك من العجز والكسل,ونعوذ بك من الجبن والبخل,ونعوذ بك من غلبة الدَّين وقهر الرجال,اللهم اهدنا لما تحب وترضى و زيِّنا بزينة الإيمان و التقوى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

بواسطة : admincp
 0  0  13.4K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 06:36 صباحًا الثلاثاء 28 شوال 1445 / 7 مايو 2024.