• ×

12:53 صباحًا , الخميس 1 ذو القعدة 1445 / 9 مايو 2024

خطبة الجمعة 25-09-1434هـ بعنوان توجيهاتٌ وتوديعاتٌ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله على جزيلِ عطائِهِ,وسَوابغِ آلائِهِ,نشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحده لا شريك له شهادةً نَرجو بها النَّجاةَ يومَ لقائِهِ,ونَشهدُ أنَّ محمدا عبدُ الله ورسولُهُ الدَّاعي إلى جَنَّتِهِ ومَرضَاتِهِ, صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه وأَتبَاعِهِ,ودُعاتِهِ وهُداتِهِ, أمَّا بعد.فاتَّقوا الله عبادَ الله,فإنَّ تقواه أفضلُ مُكتسَبٍ،وطاعتُه أعلى نسبٍ.صَدَقَ اللهُ: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ. بِالأَمسِ أَقبَلَ مُشرقَ المِيلادِ شَهْرُ التُّقاةِ ومَوسِمُ العُبَّادِ
واليومَ شدَّ إلى الرَّحيلِ مَتَاعَهُ قد زوَّد الدُّنيا بخيرِ الزَّادِ
رَمضانُنَا دَنا رحيلُهُ وأزِفَ تحويلُه؛فَهنيئًا لِمَن زَكت فيه نفسُه،ورقَّ قلبُهُ،وتهذَّبت فيه أخلاقُه، وعظُمَت لِلخيرِ رَغبتُهُ،هنيئًا لمن عَفَا عنه العَفوُّ الكَرِيمُ،وصفَحَ عنه الغفورُ الرَّحيمُ.
أيُّها الصَّائِمُونَ:في تَودِيعِ رَمَضَانَ فرصةٌ للتَّأمُّل!فلقد عشنا مع القرآنِ الكريمِ تلاوةً وتَدَبُّراً فخشعتِ القلوبُ واطمأنَّتِ النُّفوسُ فآمنَّا وأيقنَّا أنَّ القرآنَ الكريمَ هو الحبلُ والحياةُ والنُّورُ والنَّجاةُ,وهو الصِّراطُ المستقيمُ: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. فهل يسوغُ لنا أن نبتعدَ عن كتابِ ربِّنا ونَتَّخِذَهُ وَرَاءَنَا ظِهرِيَّا !
أمَّة الصِّيامِ والقُرآنِ:ما أجدَرَ الأمَّةَ الإسلاميَّةَ وهي تودِّعُ موسِمَها الأغرَّ،أن تودِّع أوضاعَها المَأسَاوِيَّةَ،وجِراحَاتَها الدَّمَويَّةَ،التي أصابت جَسَدَها الطَّاهرَ,مُنذُ تسلَّطَ عليها الظَّلمةُ الأفَّاكونَ ما أحراها أنْ تَتَّخِذَ خُطُواتٍ جادَّةٍ لوقفِ نَزيفِ الدَّمِ على ثَرَى فِلَسطِينَ المُجاهِدَةَ،وَسُوريا الجَرِيحَةِ،وعلى أرضِ مِصرَ الغاليةِ,فهل عَجَزَ المسلمونَ أن يتَّخِذوا حلاًّ عادلاً يحقنُ دماءَ إخوانِهم،ويُعيدُوا لهم حَقَّهم وشَرعِيَّتَهم وأمنَهُم ومَجدَهم؟
فيا يا أهل الحلِّ والعقدِ,يا علماءَ الأمَّةِ ويا قادةَ العَربِ,وأنتم تودِّعونَ موسمَ القُرآنِ والنَّصرِ والتَّمكينِ!ودِّعوا التَّخاذلَ والمهانةَ والذِّلَّةَ!فمن لم يتَّعظ بالوقائِع فهو غافلٌ،ومن لم تَقْرَعْه الحوادثُ فهو خَامِلٌ.
أما لنا في العراقِ من عبرٍ وأحزانٍ! أما لنا في تَحَرُّكاتِ الرَّوافضِ وحُرُوبِهم من مُدَّكر؟!
يا علماءَ الأمَّةِ بيِّنوا للزُّعماءِ والرُّؤساءِ والحكَّام أنهُ لا صلاحَ لأحوالِهم ولا استقرارَ لِشُعوبِهم إلا بالتَّمسُّكِ بالعقيدةِ الإسلامِيَّةِ واتخاذِ القرآنِ الكريمِ مَنهَجا ودستوراً,وجعلِ العَدْلِ مَسلَكاً ومَنهَجاً : الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ. هذا هو الأَمَلُ،وعلينا الصِّدقُ والعملُ،وَقَى اللهُ المُسلِمِينَ الفِتَنَ مَا ظَهَرَ منها وما بَطَنَ!
أيُّها الصَّائِمون: لقد باتت مَساجدُنا بحمدِ الله في رمضانَ مَلئ بصلاةٍ ودُعَاءٍ,وقِرَاءةٍ وذِكرٍ, فَرحنا بإخوانٍ لنا كانوا يَتَخلَّفونَ عن جَمَاعَتِنا بِتْنَا بِحمدِ اللهِ نَرَاهم معنا رُكعاً سُجَّدا! فما أكرمَك يا رمضانُ!فأنت مدرسةٌ عظيمةٌ رَبَطَّتَ الصَّائِمَ بِصلاتِه ودِينِهِ,فيا أيُّها الصَّائِمُ: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا.
أيُّها الصَّائِمونَ:علَّمنا رمضانُ الجودَ والبِرَّ والإحسانَ فهذا مُتَصَدِّقٌ بِمَالِهِ,وآخرُ مُفَطِّرٌ لإخوانِهِ,فهل نَدَعُ تلك الصِّفاتِ العاليةِ والأخلاقِ الحميدَةِ؟ونحن نرى حالَ إخوانِنا الْمُحتاجِينَ والْمُعوِزِينَ في بورما,واليمنِ,وسوريا؟واللهُ يقولُ: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. فَجَزَى اللهُ خَيراً كلَّ مَنْ قدَّمَ وأَنفقَ وأَعَانَ.اللهمَّ وأعطِ مُنفِقاً خَلَفَاً.
أيُّها الصَّائِمُونَ: من اجتهدَ بالطَّاعاتِ فَليحمَدِ اللهِ على ذلكَ وليزددْ منها وليسأَلْ ربَّه القبولَ فإنِّما :يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. ولَمَّا نزلَ قولُ الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ. قالت عائشةُ رضي الله عنها:يا رسولَ اللهِ أَهُمُ الذينَ يَشرَبُونَ الخمرَ وَيَسرِقُونَ؟فَقَالَ:لا يا ابنةَ الصِّدِّيقِ ولَكنَّهم الذين يَصُومُون ويُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقونَ وَيَخَافُونَ ألاَّ يُقبَلَ منهم أولئكَ الذين يُسارِعُونَ في الخَيراتِ.وقالَ عليُّ: (كونُوا لِقَبُولِ العمَلِ أشدَّ اهتماماً منكم بالعملِ)
أيُّها الصَّائمونَ:إنَّ شهرَكُم أخذَ في النَّقصِ فَزِيدُوا أنتم في العَمَلِ، فَكلُّ شهرٍ عسى أن يكون له خَلَفٌ، إلاَّ رمضانُ فمن أين لكم عنه خَلَفٌ؟
من فاته الزَّرعُ في وقت البَذَارِ فما تَرَاهُ يَحصِـدُ إلاَّ الْهَمَّ والنَّدَمَا ومن نعمِ الله علينا أنْ ضاعفَ لَنا الأَجرَ في عَشْرِ الخَير والعَطاءِ،فهيَ فُرصَةُ مَن فرَّط أوَّلَ الشَّهرِ،وتَاجٌ وعزيمةٌ وخِتامٌ لمن أصْلَحَ واتَّبعَ الأمْرَ! أيُّها الكرامُ:عشرُنا سوقٌ عظيمٌ يَتَنَافَسُ فيه المُتَنَافِسُونَ،وَيَتَمايَزُ فيهِ المُخلِصُونَ!فَربُّنا يُنادِي ويقولُ: (يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ).
عبادَ اللهِ:ظاهرةٌ مُؤسِفَةٌ تَظهَرُ هذهِ الأيامَ،ولا يعرفُ لها تفسيرٌ إلا الغفلةُ والكسلُ والإهمالُ!فأنتم تَرون بعضَ الصَّائِمِينَ أوَّل الشَّهرِ قد نَشِطُوا للعبادةِ,وبعد مُنتَصَفِهِ وإقبالِ عشرهِ تَضعُفُ الهِمَمُ وَتَفْتُرُ العَزَائِمُ!ومِمَّا يَزيدُ الطِّينَ بِلَّةً أن تُقضى ليالِ العشرِ في التَّنَقُّلِ بينَ الأَسواقِ والمَحَلاَّتِ بحثاً عن أثاثٍ أو ثيابٍ،ويحصُلُ من بعضِ نِسَائِنا تَدَافُعٌ وشِجارٌ لأجلِ لُقمَةٍ من طَعَامٍ!وكأنَّنا في بَلَدِ مَجاعَةٍ وَعَوَزٍ,باسم التَّسوُّقِ والسِّياحَةِ! وَنَسُوا أنَّ رَسُولُنا يقولُ: ( أحبُّ البِلادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُها وأَبغَضُ البِلادِ إلى اللهِ أَسوَاقُهَا ). لقد كان رسولُنا عليه الصَّلاةُ وأزكى السَّلامُ يَجتَهِدُ في العَشرِ الأَوَاخِرِ ويخصُّها بمزيدٍ من الأعمالِ الصَّالِحَةِ ما لا يَجتَهِدُ في غيرها من الأيامِ والليالي,تقولُ أمُّنا عائشةُ رضي الله عنها:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ.قال ابنُ رجبٍ رحمه اللهُ:ولم يكنِ النبيُّ إذا بقيَ من رَمَضَانَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ يَدَعُ أَحَدَاً من أَهلِهِ يُطِيقُ القِيامَ إلاَّ أَقَامَهُ.فلا تَفُوتَنَّكُم العَشرُ العَظِيمَةُ،فقد اقترنَ فِيها فَضلُ العِبادَةِ وفَضلُ الزَّمانِ.ولنا في رسولنا خَيرَ أُسوَةٍ.فَاهجُروا لَذِيذَ النَّومِ,واطرُدُوا عنكم الكَسَلَ،وكونوا مِمَّن: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا. فالَّلهمَّ إنِّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنَّا،واستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمينَ من كلِّ ذنبٍّ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيمُ.

الخطبة الثانية :

الحمدُ لله الذي بنعمتِهِ تتمُّ الصَّالحاتِ,نَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ واسِعُ العَطَايا وجَزِيلُ الهِبَاتِ,ونَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ الله ورسولُه نبيُّ الفضائلِ والمَكرمَاتِ,صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ المَمَاتِ,
أمَّا بعد:فاتَّقوا اللهَ وأَطِيعُوهُ ورَاقِبُوا ربَّكم ولا تَعصوهُ فهو عليكم رقيبٌ وبكم عالمٌ ومحيطٌ .أيُّها الصَّائمونَ:من دلائل التَّوفِيقِ أنْ يَغتَنِمَ المُسلِمُ هذه الليالي،بالأعمَالِ الصَّالِحَةِ،والتَّذلُّلِ يقومُ بالأَسحَارِ يَدْعُ ربَّهُ,فاجتَهِدُوا يا رَعَاكم اللهُ بالدُّعاءِ،وسَلُوا اللهَ ولا تَعْجَزُوا ولا تَستَبطِئُوا الإِجَابةَ،أَمَلاً بِالفوزِ بِليلةِ القَدْرِ،فإنَّ نَبِيَّنا قَالَ: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)روهُ البخاريُّ وقد نَدَبَنا إلى التِمَاسِها في ليالِ الوِترِ من العشرِ الأَواخِرِ، ولَيلَةُ السَّابعِ والعشرِينَ هيَ أَرْجَى الليالِ على الإطلاق!فقد كان أبيُّ بنُ كعبٍ رضي الله عنه يُقسمُ على أنَّ ليلةَ القدرِ هي ليلةُ سبعٍ وعشرينَ, وقد سألت أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها رسولَ الله بأيِّ شيءٍ أَدْعوا لَيلَةَ القَدْرِ؟ قَالَ:تَقُولِينَ: ( اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي.) إخواني:ليلةُ القَدْرِ يُفتَحُ فيها البَابُ،ويُقرَّبُ فيها الأَحبَابُ،وهيَ ذَاهِبَةٌ عنكم بِأَفعَالِكُم،وقَادِمَةٌ عليكم غَدَاً بِأَعمَالِكُم، أليسَ عَجَباً أنَّ بعضَنا أَغْفَلَ ما يَكونُونَ في زَمَنِ الجِدِّ والاجِتِهَادِ؟أليسَ عَجَباً أن بعضَنَا لا يَحلُو لهم التَّسوقُ إلاَّ هذهِ الأزمِنَةَ الغَالِيَةَ ؟ أليسَ مِن عَجَبٍ أنْ بعضَنَا يَكُونُونَ أَكثَرَ وَلَعَاً بِمُشَاهَدَةِ القَنَواتِ والشَّبكاتِ في الأيامِ العظيمةِ والَّليالي الشَّرِيفَةِ؟ يـا رجـالَ الليل جِدُّوا رُبَّ داعٍ لا يـُـرَدُّ
لا يقـومُ اللـيل إلا مَنْ له عـزمٌ وجِـدُّ
عشرٌ إذا دخلت على الصَّالِحِينَ فرُّوا إلى المَسَاجِدِ مُعتَكِفِينَ,رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتغُونَ فَضْلاً من ربِّهم ورِضوانًا،قد فَارَقُوا النَّومَ والهُجُودَ،يَرجُونَ رَحمَةَ الحَلِيم ِالوَدُودِ،فهل رأيتُم هذهِ الأيامَ أكرمَ من وجوهِ المُعتَكفينَ؟وأصفى من قُلُوبِ المُخبتينَ؟
وفي الاعتكافِ أسرارٌ ودروسٌ! فالمعتكفُ ذِكْرُ اللهِ أَنِيسُهُ،والقُرآنُ جَلِيسُهُ،والصَّلاةُ رَاحَتُهُ، ومناجاةُ الرَّبِّ مُتعَتُهُ،والدُّعاءُ لَذَّتُهُ.فهنيئاً لكم أيُّها المُعتَكِفُونَ.
أيُّها الصَّائِمُ:أَعظَمُ ما تُودِّعُ به صيامَكَ،الإكثارُ من كلمةِ التَّوحيدِ ومن الاستغفارِ،فقد جمعَ الله بينهما فقال: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. وبعد إتمام الصِّيامِ يقول الملكُ العلاَّمُ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. فَشرَعَ لنا ربُّنا زكاةَ الفِطرِ على الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد صاعا من تمرٍ أو صاعاً من شعيرٍ وأفضلُ وقتٍ لإخراجها صباحُ العيد وتجوزُ قبله بيومٍ أو يومينِ وجزى اللهُ القائمينَ على المستودعاتِ الخيريةِ والهيئاتِ الإغاثيةِ فهم يستقبلونَ زكاةَ الفِطر ويقومون بإيصالها لمستحقها فطيبوا بها نفسا فهي طُهرةٌ للصائم من اللغو والرَّفث وإخراجها شكرٌ للهِ على ما أنعمَ وأتمَّ من الصيامِ,وهي إحسانٌ للفقراء والمساكين,ويا صائمونَ:اسعدوا بالعيد السَّعيدِ فعيدنا شكرٌ لله وفرحٌ بفضلهِ فيسنُّ لك أنْ تفرَحَ به وتوسِّعَ على أهلكَ وأولادِكَ وأن تَتَجَمَّل وتلبسَ أحسنَ لِباسَكَ بل سُنَّ له الاغتسالُ والتَّطيُّبُ وأكلُ تمرات وترا قبل خروجِك للصلاة شكراً لله وامتثالاً لأمره,في يوم العيد كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. واحذروا من أذيةِ العبادِ والبلادِ في أحيائِهم وطرقِاتِهم سواءٌ بالسياراتِ أو الْمُفرقَعَاتِ,
ويا معاشر الشباب أعطوا الطَّريقَ حقَّهُ وكفُّوا الأذى,وأُحضروا صلاةَ العيدِ رجالا ونساءً حتى النِّساءَ الحُيَّض أَمَرَهُنَّ بالخروج للصلاة ليشهدنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين ويعتزلنَ المصلى! وأكثروا من التَّكبيرِ ليلةَ العيد وصباحَهُ تعظيمًا لله وشكرًا له على هدايتِه وتوفيقه،قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما:"حقٌّ على المسلمين إذا رأوا هلالَ شوالٍ أن يُكبِّروا".واجهروا به في مساجِدكم وأسواقِكُم ومنازلِكُم وطرقاتِكم،ولتكبِّرَ النِّسَاءُ سِرًّا،وليقصُرْ أهلُ الغفلةِ عن آلاتِ الطَّربِ والأغاني الماجنة،ولا يُكدِّروا الأوقاتَ الشَّريفَةَ بِمَزامِر الشَّياطِينِ وكلامِ الفاسقينَ.
عباد الله:لقد تقرَّر إقامةُ صلاة العيد هنا مع عددٍ من المصليات والجوامع كما هو معلن وستكون الصلاةُ في تمام الساعةِ الخامِسَةِ وخمسينَ دقيقةٍ.
يا من قُمتم وصمتم،بُشراكم رَحمةٌ ورِضوانٌ وعتقٌ وغُفران؛فربُّكم رحيمُ جوادٌ رحمانٌ،لا يضيعُ أجرَ من أحسنَ عملاً،فأحسِنوا بالله الظنَّ،واحمدوه على بلوغِ الختامِ،وسلوه قبولَ الصيام والقيام،واستقيموا على عبادتِه.
ويا من قطَعه غافلاً،وَطَواهُ عَاصِيًا،يا مَن أغوَته نفسه وألهاه شَيطَانُهُ وضيَّعه قُرَنَاؤُهُ،استدرِك ما بقي منه قبل تمامِه،وتيقَّظ بالإنابةِ قبل خِتامه، وبادِر بالتوبة قبلَ انصرامه،فكم مُتأهِّبٍ لعيدِه صار مرتَهنًا في قبرِه، قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
فاللهم تقبَّل الله منَّا صالح القول والعمل.
اللهم اختم لنا شهرنا بغفرانِكَ والعتقِ من نيرانِكَ .
اللهم اجعل مُستقبلنا خيراً من ماضينا اللهم اجعلنا ممن يوفَّقُ لليلة القدر فيكتب له الثواب والأجر,اللهم أصلح أحوال المسلمينَ واحقن دمائهم ووحِّد صفُوفَهم وهيئ لهم قادةً صالحين مُصلحينَ .اللهم عليكَ بالطغاة الظالمين اللهم انتقم للمسلمين منهم ياربَّ العالمين. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .

بواسطة : admincp
 0  0  1.9K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 12:53 صباحًا الخميس 1 ذو القعدة 1445 / 9 مايو 2024.