• ×

10:31 مساءً , الخميس 8 ذو القعدة 1445 / 16 مايو 2024

خطبة الجمعة 02-04-1433هـ بعنوان النًّصرُ الموعودُ لأمثالِ أصحابِ الأخدُودِ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله الذي أنزَلَ على عبدِهِ الكتابَ,تَبصِرَةً وذِكرى لأولي الألبابِ،نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَى وَأَعْطَى،وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا دَفَعَ وَكَفَى؛نشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،ربُّ الأربابِ ومُسَبِّبُ الأسبابِ,
ونشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؛بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى بأفضلِ كِتَابٍ,لِيُبَشِّرَ النَّاسَ ويُنذِرَهُمْ يومَ الحسابِ,صَلََّى اللهُ وَسَلََّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ المآبِ.

أمَّا بعدُ: فاتَّقوا الله عبادَ الله، وأعِدِّوا ليومِ الْمَعَادِ عُدَّته .

أيُّها المؤمنونَ:لا ريبَ أنَّ قَصَصَ القرآنِ أَحْسَنُ الْقَصَصِ وأبلغُها,فَهيَ تُبيِّنُ قُبحَ الظُّلمِ وأنَّه سببُ هَلاكِ الدُّنيا وَعَذَابِ الآخِرَةِ،وفي الْقَصَصِ منَ البَشَارَةِ بالفَرَجِ مِن بعدِ الشِّدَّةِ،وتَيْسِيرِ الأمورِ بعدَ تَعَسُّرِها،وحُسنِ العَوَاقِبِ بعدَ نَكَدِها،ما يكونُ زاداً للمتَّقِينَ وسُرُوراً للصَّابرينَ وَسُلوَةً للمخلِصِينَ.وإليكم يا مؤمنونَ:قصَّةَ رَجُلٍ أوغلَ في الكُفْرِ والضَّلالِ,والَبَطشِ والنَّكالِ,هذهِ القِصَّةُ قصَّها رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أصحابهِ في مكَّةَ لمَّا أنزلَ اللهُ قَولَهُ: وَٱلسَّمَاءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ وَٱلْيوْمِ ٱلْمَوْعودِ وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ

حَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحَابَهُ فقَالَ:" كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ،وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ،فَلَمَّا كَبِرَ،قَالَ لِلْمَلِكِ:إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ،فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ،فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ،فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ,رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ،فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ،فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ،فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ،فَقَالَ:إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ،فَقُلْ:حَبَسَنِي أَهْلِي،وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ:حَبَسَنِي السَّاحِرُ،فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ،فَقَالَ:الْيَوْمَ أَعْلَمُ السَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ،حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ،فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا،وَمَضَى النَّاسُ،فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ،فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ:أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي،قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى،فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ،وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ،وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ، إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللهِ دَعَوْتُ اللهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللهِ فَشَفَاهُ اللهُ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ، فَجِيءَ بِالْغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ,حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ،
فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ، - وروى بِالمنْشَارِ وهما لُغتَانِ صَحِيحَتَانِ- فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَقَالَ: اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمِ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ،-وهي السَّفِينَةُ الصَّغِيرَةُ- فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللهُ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ "رواه مسلمٌ



نَعم إِخوَةَ الإيْمَانِ:لقد مَاتَ الغُلامُ وَلَكِنَّ الأُمَّةَ كُلَّهَا حَيَتْ بِموتِهِ! لقد استطَاعَ أنْ يُبلَِّغَ حُجَّةَ رَبَّهِ،وَرَأَى أنَّ دَمَهُ في سَبِيلِ العِزِّ والدَّعوةِ والْحَيَاةِ الكَرِيمَةِ،هو الفَوزُ والحَيَاةُ حَقَّاً!وقَدْ يَقُولُ قائِلٌ:إنَّهُ خَسِرَ حينَمَا ضَحَّى بِنَفسِهِ،أو أنَّ النَّاسَ خَسِرًوا حِينَمَا لَمْ يَرجِعُوا،فَهلْ هَذِهِ خَسَارَةٌ أمْ رِبْحٌ ؟لا شَكَّ أَنَّهم رابِحُونَ لأنَّهم في جَنَّاتٍ فَائِزُونَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ

أقول ما سمعتمِ،وأَستَغفِرُ اللهَ لي ولَكم مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ،إنَّه هوَ الغَفورُ الرَّحيمُ.











الخطبةُ الثانيةُ/



الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ،والعَاقِبَةُ لِلمتَّقينَ،ولا عُدوانَ إلا على الظَّالِمينَ،والصَّلاةُ والسَّلام على أشرفِ الأنبياءِ والْمُرسَلِينَ،نَبِيِّنا مُحمَّدٍ وعلى آله وأصحابِه أجمعينَ .

أمَّا بعدُ: أيُّهَا الْمُسلِمُونَ:اتَّقُوا اللهَ تعالى حقَّ التَّقوى واستَمسِكوا من الإسلامِ بالعُروَةِ الوُثقى,وتَأمَّلوا قَصَصَ القرآنِ فَهيَ الإيمانُ والسَّلوى!

أيُّها الْمؤمِنُونَ:إنَّ جَسَدَنا في سُورِيَّا يُكوى بِنَارِ النُّصَيريَّةِ,وَيُراقُ طَرَفُهُ الآخَرُ بِحقدِ الزُّمرَةِ الرَّافِضِيَّةِ!فيا أَيَّتُها القُلُوبُ الْمُحتَرِقَةُ غَيظَاً وألَمَاً لِمَا حَلَّ بِهَا ثِقِي أنَّهُ مَهمَا اشتَدَّتْ وَطأَةُ الظَّالِمِ,فَلَيسَ لِقُلُوبِكم بَلسَمٌ غَيرَ الإيْمَانِ،والصَّبرِ على البَلاءِ,وأخذِ العُدَّةِ والدَّعاءِ,فَفِي قِصَّةِ أصحابِ الأخدودِ دُرُوسٌ وعِبَرٌ,وتَسلِيةٌ وسُلوانٌ,يا أَهلَنا في سُوريا إنَّ أصحابَ الأخدُودِ فِئَةٌ كَمَا أَنْتُم,فِئَةٌ آمنَت بِرَبِّها،وأبت حيَاةَ الْهُونِ والطُّغيَانِ ثم تعرَّضت لِلبَطشِ والْهَوانِ,وِلَكِنَّها لَمَّا ارتَفَعَ إيْمَانُها لَمْ تَرْضَخْ لِتَهدِيدِ أعدَائِها,وَلَمْ تُفْتَنْ عن دِينِهِا وَمَطَالِبِها,وَهِيَ تُحرَّقُ بالنَّارِ حَتى تَمُوتَ,وإنَّ أطفالَ المؤمنِينَ بالأمسِ يَعُودُونَ اليَومَ لِيُعلِنوا للطُّغاةِ أنَّهم مَهْمَا قَتَّلُوا وَدَمَّروا وأحرَقوا فإنَّهم صَامِدُونَ ولأروَاحِهم بَائِعونَ في سبيلِ الدِّينِ والعزِّ الْمَكينِ بإذنِ اللهِ العزِيزِ الْحَمِيدِ.

عبادَ اللهِ:وفي الحِسَابَاتِ الأَرضِيَّةِ يَبدُو أنَّ الطُّغيانَ يَنَتَصِرُ,وأنَّ الإيمانَ لَيسَ لَهُ وَزْنٌ وَلا حِسَابٌ,فِي مَعرَكَةٍ تَدورُ بَينَ أتباعِ بَشَّارِ الشَّرِّ,وأهلِ الإيمانِ والخَيرِ!فَنَحنُ نَرى مُؤمِنينَ يُحَرَّقُونَ،وبالْمَدَافِعِ يُقْصَفُونَ,وأطفالاً بالصَّوارِيخِ يُرجَمونَ,ونساءً وَشَعباً يُهَجَّرونَ, وحُكوماتٍ وشُعوباً سَاكِتينَ,وهم في لَهوِهم سادِرُونَ!ولكنَّا إذا رَجعنا لِلقُرآنِ الكَرِيمِ نَجِدُ أنَّهُ يُعلِّمُنا شيئاً آخَرَ، ويَكشِفُ لَنا عن حَقِيقَةٍ كُبرى،ويُبَصِّرُنَا بِطَبيعَةِ القِيَمِ التي تُوزَنُ بِها الْمَعَارِكُ.فَالْحَيَاةُ وملاذُّها لَيستْ هِيَ القِيمَةُ الكُبرَى في الِميزَانِ،ثُمَّ إنَّ النَّصرَ لَيسَ مَقصُورَاً على الغَلَبَةِ الظَّاهِرَةِ،فَلَيستِ الغَلَبَةُ إلَّا صُورةً وَاحِدَةً مِن صُوَرِ النَّصرِ الكَثِيرَةِ.وإنَّ النَّصرَ الحَقِيقيَّ هو انتصارُ العَقِيدَةِ،والقِيَمِ,والمَبادئِ,وإنَّ السِّلعَةَ الرَّابِحةَ هِيَ سِلعَةُ الإيمانِ،

وإنَّ انتِصَارَ الرُّوحِ على الْمَادَةِ هو الفوزُ الْمُبينُ، إنَّ النَّاسَ جَمِيعَاً يَموتُونَ ،وَتَختَلِفُ الأَسبَابُ،وَلَكِنَّهم لا يَنتَصِرُونَ جَميعَاً هذا الانتِصَارَ،ولا يَرتَفِعُون هذا الارتِفَاعَ،

ثُمَّ اعلموا يا كِرامُ:أنَّ شُهُودَ الْمَعرَكَةِ ليس لِلنَّاسِ وَحدَهُم،فالملأُ الأَعلى يُشارِكُونَ وَيَشهَدونَ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ واللهِ يا مؤمنون:إنَّا نَتَأَلَّمُ كَثِيراً وَنحنَ نَرَى إِخوانَنَا في سوريا يُقتَّلونَ في وَحشِيَّةٍ وَهَمَجِيَّةٍ,نَبكي كثَيراً على الأبريَاءِ الذين تُراقُ دماؤُهم,وتَحَشْرَجُ أرواحُهم لأنَّهم آمنوا باللهِ العَزِيزِ الْحَمِيدِ،وَلكِنَّ عزائَنا أنَّهم مؤمنونَ,وإلى النَّصرِ بِإذنِ اللهِ قادِمونَ واللهُ يَقولُ: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ

عبادَ اللهِ:إنَّ الصِّراعَ في سُوريا حَقِقتهُ أنّها مَعرَكَةٌ بينَ الْمؤمِنينَ والنُّصَيرِيَّن,وَليسَ شَيئَاً آخرَ على الإطلاق وصَدَقَ اللهُ: وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ .ولئن كانتِ النُّصَيريَّةُ والفِرَقُ الرَّافِضِيَّةُ,فيما مضى تُحاوِلانِ خِدَاعنا عن حَقيقَةِ المعركةِ,فقد سَقَطتِ الأَقنِعَةُ وانْكشَفَ العَوَارُ عن وجهِ الكَيدِ والْحقدِ الدَّفِينِ: وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء

فيا مؤمنونَ:ثِقُوا باللهِ: الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ثِقُوا بأنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ على كلِّ كافِرٍ وظالمٍ وعَنِيدٍ و لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

رَبَّنَا أَعِنْ إخوَانَنَا في سوريا ولا تُعِنْ عَلَيهم، وانصُرهم ولا تَنْصُرْ عَلَيهم،وامكُرْ لهم ولا تَمْكُرْ عَلَيهم،واهدهم ويَسِّر الهُدَى لهم،وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم

اللَّهُمَّ سَلِّطْ على الأسَدِ جُنداً من جُندِكَ.اللهمَّ يا جَبَّارُ!عليكَ بِبَشَّارِ الأسدِ وجُندِهِ وأعوانِهِ!

اللهم يا كاشِفَ الضَّرَّاءِ،فَرِّج عن إخوانِنَا في سُوريا.
اللَّهُمَّ وحِّد صُفُوفَهم,واجمع كلمتَهم على الحقِّ والهدى,اللَّهُمَّ احقن دِمائَهم,واحفظ أعراضَهم وأموالَهم.
اللَّهُمَّ تَقَبَّل موتَاهم في الصَّالِحينَ,واشفِ مرضَاهُم,وهيئ لهم قادةً صالحينَ مُصلِحينَ.
ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
بواسطة : admincp
 0  0  1.8K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:31 مساءً الخميس 8 ذو القعدة 1445 / 16 مايو 2024.