• ×

02:05 مساءً , السبت 10 ذو القعدة 1445 / 18 مايو 2024

خطبة الجمعة 12-09-1432هـ بعنوان هذا الدُّعاءُ ومنك الإجابةُ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله مجيبِ الدَّعوات، إليه وحدَه تُرفعُ الأيدي بالحاجات,نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربُّ الأرضِ والسمواتِ ، ونشهد أنَّ نبينا محمداً عبدُ الله ورسوله المرسلُ بالآياتِ ، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه ، وعلى آله الهداةِ ، وأصحابِه الثِّقاتِ ، والتابعين لهم بإحسان ٍوإيمانٍ إلى يومِ الممات,
أما بعدُ: فاتقوا الله عبادَ الله ، فتقوى الله أمانٌ من الرَّزايا وسلامةٌ من البلايا، تقوى الله عصمةٌ من الفتن ونجاةٌ في المحن،
أيُّها الصائمون : يتقلبُ الناسُ في الدُّنيا بين فرح ٍ وسرور, وشدِّة ٍ وبلاء,وفي كلا الحالين لا يزالُ المؤمنُ بخير ٍ ما تعلـَّق قلبُه بمولاه, فيا أمَّةَ الحِكْمَةِ والقرآنِ: ثِقِي أنَّما حَلَّ ويَحِلُّ بالأمَّةِ من مِحَنٍ وبلايا, لهي سياطٌ تَسُوقُنا إلى حَضِيرةِ الإيمانِ والتَّوحيدِ، وتُسلِمنا إلى التَّعَلُّقِ بالعزيزِ الحميدِ، وتَدْفَعُنا إلى التَّوبة وخَوفِ يَومِ الوعيدِ، أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ
أيُّها الكرامُ : وحينما يُحاصَرُ الْمُسلِمُ مِنْ كُلِّ جِهةٍ، ويُضَيَّقُ عليه الخناقُ من كلِّ جانبٍ، فلا هو يستطيعُ الانتصارَ لنفسِه، ولا الثأرَ لإخوانِهِ الْمَظلُومينَ،هنا يكونُ صِدقُ الإيمانِ وصدقُ التَّوكُّلِ على الله!واليقينُ بوعده! فيكونُ الملجَأَ والمَفْزَعُ إلى القريبِ الْمُجيبِ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ نعم يا صائمون,عندنا سلاحٌ ربانيٌّ, سلاحُ الأنبياء والأتقياءِ,سلاحٌ يجلبُ الخيراتِ ويدفعُ الكر باتِ، سلاح نجَّى اللهُ به نوحًا عليه السلامُ فأخذ اللهُ قومَه بالطوفان, ونجَّى به موسى عليه السلامُ فأغرقَ فرعونَ وقومَه وكلٌّ كانوا ظالمين,سلاحٌ أعزَّ اللهُ فيه محمدًا وصحابتـَه الكرام,ولا يزال ذلكُمُ السَّلاحُ هو سيفُ الصَّالحينَ مع تعاقب الأزمان وتغيِّر الأحوال, إنَّه سلاحُ الدُّعاء!فمن الذي لاذَ بِجَنَابِِهِ فما عزَّ ؟ ومن الذي فوَّضَ أمرَه إليه فما رَشَدَ ؟الدعاءُ رافعٌ للبلاء ودافعٌ للشَّقاءِ، وهو دأبُ الأنبياء إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ولن يهلِك مع الدُّعاءِ أحد، ولا يخيبُ مَنْ للهِ رجا وقصَد، فكم من بليَّةٍ رَفَعَهَا الله بالدُّعاء!وكم من معصيةٍ غفرَها الله بالدُّعاء!وكم من نعمةٍ ظاهرة وباطِنَةٍ كانت بسبَبِ الدُّعاء؟! فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله : (لا يُغني حذَر من قدَر، والدُّعاءُ ينفَعُ مِمَّا نزلَ ومِمَّا لم ينزِل ، وإنَّ البلاءَ لَيَنزِلُ فَيلقَاهُ الدُّعاءُ، فَيَعْتَلِجَانِ إلى يومِ القيامةِ) يعني يتصارعانِ ! عباد الله: ولـَمَّا كان شهرُ رمضانَ حريًّا أن تُعمَر أوقاتُه بالعبادةِ فإن الدُّعاءَ أولى العباداتِ فقد قال رسولُ اللهِ : (الدعاءُ هو العبادة) ثم تلا: وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰخِرِينَ
ولا تنسوا يا صائمونَ أنَّ للصائمِ دعوةً لا تُردُّ! الدعاءُ يا مؤمنون كرمُ الباري وإحسانُه,ومنتُه وفضلـُه,فهو طاعةٌ لله تعالى وامتثالٌ لأمره عزَّ وجلَّ، قال تعالى: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الدعاءُ أكرمُ شيء على الله تعالى كما قال صلَّى الله عليه وسلم: ( ليس شيءٌ أكرمَ على الله من الدعاء) الدعاءُ محبوبٌ لله تعالى،وسببٌ لانشِراحِ الصدر وتفريجِ الهمِّ وزوال الغمِّ وتيسيـِر الأمور،صحَّ عن رسول الله أنَّه قال: (من لم يسألِ اللهَ يغضبْ عليه) الدعاءُ دليلٌ على صدق ِالتوكـُّل ِوعُلوِّ الهمَّةِ، فالمؤمنُ يعلمُ أنَّ اللهَ بـِيده مقاليدُ الأمور فَيقطعُ الطَّمعَ مما في أيدي الناس،وهذا رأسُ الفلاح (أعجزُ الناس من عَجَز عن الدُّعاء)كما قالَه يا صائمون:لم لا نكثرُ من دعاء الله ؟وربحُه ظاهرٌ و مضمون فقد قال النبيُّ : (ما مِنْ مُسلم ٍ يدعو ليس بإثم ٍ ولا بقطيعةِ رَحم ٍ إلا أعطاه الله إحدى ثلاثٍ: إما أن يُعجِّلَ له دعوتَه،وإمَّا أن يَدَّخِرها له في الآخرة،وإما أن يَدْفَعَ عنه من السُّوءِ مثلـَها) قالوا: إذًا نُكثرُ يا رسولَ الله؟:قال (اللهُ أكثر).
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم .

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله مُجِيبِ دَعوةِ المضطرِّين،وكاشِف البلوى عن المؤمنينَ،وقاصمِ ظُهور الظَّالمينَ, نشهَد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له،الملكُ الحقُّ المبينُ،ونشهَدُ أنَّ محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُه، بعثهُ اللهُ بشيراً ونذيراً،ورحمةً وسراجاً منيراً،من أطاعَه دخلَ الجنَّة، ومن عصاه فَلن تَجِدَ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيَّاً وَلاَ نَصِيراً. أمَّا بعدُ.
واتـقوا اللهَ فتقوى الله ما لامَسَتْ قلبَ امرئٍ إلا وَصَلْ
ليسَ من يَقتلُ شعباً بطلاً إنِّما مـــن يتـَّقِ الله البطلْ
أمَّةَ الصيام والقرآنِ:إنَّهُ كلَّما حصل ظلمٌ وبغيٌ كانت الإجابةُ من اللهِ تعالى أسرعَ وأحرى ! فقد قال لِمُعَاذِ بن جبلٍ: (واتَّقِ دعوةَ الْمظْلُومِ، فإنَّهُ ليس بينَها وبينَ اللهِ حِجَابٌ ).وكان رسولُ الله يُحذِّرُ ويقولُ: ( اتقوا دعوةَ المظلومِ، فإنها تُحملُ على الغمامِ، ويقولُ اللهُ: وعزَّتِي وجلالي لأَنْصُرَنَّكِ ولو بعد حين ).وقد حَقَّقَ اللهُ تعالى هذا الوعْدَ مُنذُ آدمَ عليه السَّلامُ إلى يومِنا هذا فأبصرنا ذلكَ عياناً! ونحنُ نعيشُ هذه الأيامَ نَوَازلَ وبَلايا!حَلَّت بِبِلادِنَا العَرَبِيَّةِ والإسلاميةِ حينَ تَسَلَّطَ عليهم حُكَّامٌ جَائِرُون ،وأفَّاكون ظَالِمُون,وقَادَةٌ على شُعُوبِهم حاقدونَ, وبِهم مُسْتَخِفُّونَ ومُستهزئون,ولشريعةِ اللهِ مُعَطِّلُونَ ومُحَرِّفُونَ , وبِكِتَابِ اللهِ عَابِثُونَ! وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ فها أنتم تُعَايِشُونَ وتُشاهدونَ واقعاً أليماً!لِمَا يجري لإخوانِنَا على أرضِ سُورياَ العزِّ والإباءِ!حين تسلَّطَ عليهم الرَّوافضُ الباطنيةُ والنُّصَيرِيَّةُ العلويَّةُ،الذين يَتَحَكَّمونَ بِبِلادِ الشَّامَ الآن!على يَدِ الظَّالِمِ الْمُستَبِدِّ مُفسدِ البلادِ ومُذلِّ العبادِ! فرعونَ العصر و بشَّارَ الشَّر! هؤلاءِ الخونةُ الذين لم يُطلقوا رصاصةً واحدةً، منذ أربعينَ سنةً نحو إسرائيلَ! بينما يُفَرِّغُونَ رشَّاشَاتِهم، وقاذفاتِهم الآنَ ومن قبلُ ! في نحورِ الأبرياءِ العزَّلِ ، ويحاصرونَ شعبَهم في مُدِنِهم وقراهم!؟ لقد قتلوا أكثَرَ من ثلاثةِ آلاف بريءٍ لِيَبْقَ الشَّقيُّ على كُرسِيِّهِ! وكذلكَ كان والدهُ الهالك من قبلُ ؟! فلم ولن ينس التأريخُ تصفيةَ المسلمينَ في حماةٍ !ولن ينس التأريخُ وصمةََ العار على جبين العربِ والمسلمين رسمِيَّاً وشعبياً,بهذا الصمتِ الْمُخزي لاسيما وهي ترى يوميَّا ذاك المجرمَ النَّزِقَ وهو يعيثُ في الأرضِ فسادا وإفساداً, بدونِ مبالاةٍ بأحدٍ!فيا عربُ ويا مسلمونَ أما لنا في العراقِ من عظاتٍ وعبرٍ؟ فالسُّوريُّون هم رجالُ المرحلةِ وأبطالُها!فلا يدعمهم إلا مُخلصٌ لأمتِهِ ولا يخذلُهم إلا جبانٌ مُتخاذلٌ فهل من مُدَّكر!ولقد وجَّه خادمُ الحرمينِ الشريفينِ وفقه اللهُ رسالةً واضحةً لِبشَّارِ الشَّرِّ أنَّ إجرامَ حكومتهِ ليس من الدِّينِ ، ولا من القيمِ والأخلاق. فإراقةُ دماءِ الأبرياء لأي أسباب ومبررات كانت ، لن تجد لها مَدْخلاً مُطمئِناً ، يستطيعُ فيه العربُ ، والمسلمون ، والعالم أجمع ، أن يروا من خلالها بارقةَ أمل ، فالحَدَثُ أكبرُ من أن تُبَرِّرَهُ الأسبابُ! والمملكة تطالبُ بإيقافِ آلةِ القتلِ ، وإراقةِ الدِّماءِ ، وتحكيمِ العقلِ قبل فوات الأوانِ، وتفعيل ، إصلاحات لا تُغَلِّفُها الوعودُ ، بل يُحَقِّقُها الواقع. لِيَشعُرَ إخوانُنا في سوريا في حياتِهم كرامةً,وعزةً وكبرياءَ,يا مؤمنون ليسَ أَمَامَنَا إلا سلاحُ الدُّعاءِ!وصدقُ اللَّجأِ إلى الله تعالى! ثُمَّ اعلموا يا مؤمنونَ: أنَّ الدُّعاءَ على الظَّالِمِ، أَمرٌ مَشروعٌ،بل يَكُونُ واجِبَاً إذا كان الظُّلُمُ واقِعَاً على المسلمين، فعليكم بالدُّعاءِ فالدُّعاءُ عليهم تعبيرٌ صادقٌ عن الولاءِ للمؤمنينَ والبراءةِ من والظالمينَ. والدُّعاءُ على مُعسْكَرِ الكُفرِ والظُّلمِ إذكاءٌ لروحِ اليَقِينِ بِأَنَّ النَّصْر مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ, والدُّعاءُ على مَن اعتَدَى على المسلمينَ عَلامةٌ ظاهرةٌ على صِدقِ إِيِمَان العبدِ وتَضَامُنِهِ مع إخوانِهِ المسلمينَ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ولَيسَ الدُّعَاءُ نَافعًا إذَا لم يخرُجْ مِنْ نُفُوسٍ مُؤمِنَةٍ وَقُلُوبٍ صَادِقَةٍ،
فلا إله إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السَّمواتِ السَّبعِ وربُّ العرشِ الكريم. رَبَّنَا أَعِنْ إخوَانَنَا في سُوريا وليبيا وفي كلِّ مكان ولا تُعِنْ عَلَيهم، وانصُرهم ولا تَنْصُرْ عَلَيهم،وامكُرْ لهم ولا تَمْكُرْ عَلَيهم،وأهدهم ويَسِّر الهُدَى لهم،وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم.اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ،مُجْرِىَ السَّحَابِ،سَرِيعَ الْحِسَابِ, هَازِمَ الأَحْزَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ طواغيتَ العصرِ وجُنْدَهم،اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ ، وَانْصُر إخوانَنَا عَلَيْهِمْ .اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ في نُحورِهِم، وَنَعوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهمْ . اللَّهُمَّ سَلِّطْ على القَذَّافِي, والأسد كلابَاً من كِلابِكَ.اللَّهُمَّ وحِّد صفوفَ إخوانِنا وَاحقن دِمائَهم,واحفظ أعراضَهم وأموالَهم. . اللَّهُمَّ تَقَبَّل موتَاهم في الصَّالِحينَ , واشفِ مرضَاهُم اللَّهُمَّ وهيئ لهم قادةً صالحينَ مُصلِحينَ . اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ.اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. اللهم وفِّق ولاةَ أمورِنا لما تُحِبُّ وترضى وأعنهم على البر والتقوى ,
ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
بواسطة : admincp
 0  0  1.9K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 02:05 مساءً السبت 10 ذو القعدة 1445 / 18 مايو 2024.