• ×

08:22 مساءً , الخميس 8 ذو القعدة 1445 / 16 مايو 2024

خطبة الجمعة 16-04-1433هـ بعنوان الخاسِرونَ في زَمنِ الرِّبح

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 الحمدُ للهِ جَعَلَنَا مُسلِمينَ,أَكمَلَ لَنَا الدَّينَ وأَتَمَّ علينَا النِّعمَةَ مِن بِينِ العَالَمِينَ،القَائِلُ وهو أَصدَقُ القَائِلِينَ: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ نَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،إِلَهُ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ،وقَيُّومُ السَّمَاواتَ والأَرَضِيينَ،أَمرَنَا أنْ نَعبُدَهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ،ونَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الكَرِيمُ,والْمُصطَفَى الأمِينُ ,صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ الطَّيِّبِينَ,وَمنْ تَبِعَهم بِإحسَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَكُمْ بِقُدْرَتِهِ،وَاسْتَخْلَفَكُمْ فِي الْأَرْضِ لِعِبَادَتِهِ,وَالْعَمَلِ بِشَرِيعَتِهِ، هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا عِبَادَ اللهِ:تَعْظُمُ قِيمَةُ الْشَّيْءِ بِبَقَائِهِ وَالانْتِفَاعِ بِهِ،فَإِذَا خَسِرَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا ذَا قِيمَةٍ كَانَتْ خَسَارَتُهُ عَظِيمَةً,فَخَسَارَةُ قَلِيلٍ مِنْ الْمالِ لَيْسَتْ كَخَسَارَتِهِ كُلِّهِ،وَخَسَارَةُ الْمالِ لَيْسَتْ كَخَسَارَةِ الأهْلِِ والولَدِ؛وبالعُمُومِ فَالْخَسَارَةُ مُرٌّ مَذَاقُهَا،شَدِيدٌ وَطْؤُهَا،لأنَّها مَجْلَبَةٌ لِلهَمِّ ،وَبَوَّابَةٌ لِليَأسِ،ولَقَدْ ذَاقَ كَثِيرٌ مِنَ الْنَّاسِ مُرَّ الْخَسَارَةِ،فِي مَالٍ خَسِرُوهُ،أَوْحَبِيبٍ دَفَنُوهُ،أَوْ جَاهٍ فَقَدُوهُ.وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ بَيَّنَ مَعنى الْخُسْرَانِ الحَقِيقِيِّ،وَفَصَّلَ أَنْوَاعَهُ،وَبَيَّنَ أَسْبَابَهُ لِاجْتِنَابِهِ.فَأَعْظَمُ الْخَسَارَةِ خَسَارَةُ الْدِّينِ؛فَمَنْ رَبِحَ الْدِّينَ سَعِدَ،وَمَنْ خَسِرَهُ شَقِيَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رحِمَهُ اللهُ:أي فَوَّتُوا أَنْفُسَهُمْ ما خُلِقَتْ لَهُ مِن الإِيْمَانِ والتَّوحِيدِ وَحَرَمُوهَا الفَضَلَ مِن الْمَلِكِ الْمَجِيدِ,فِإذَا لَمْ يُوجَدِ الإيْمَانُ مِنهُم فَلا تَسأَلْ عن الْخَسَارِ والشَّرِ الذي يَحصُلُ لَهُم.ولهذا كانَ مِنْ جُملَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»قَالَ رَجُلٌ:يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ،وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ،فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا»


نَعمْ عِبَادَ الله: مُجَرَّدُ الَوُجُودِ لَا يُحَقِّقُ الْسَّعَادَةَ،بَلِ الْعَدَمُ وَالْفَنَاءُ أَهْوَنُ مِنْ الْوُجُودِ مَعَ عَدَمِ التَّوحِيدِ والإيْمَانِ؛وَلِذَلِكَ يَتَمَنَّى الْخَاسِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْفَنَاءَ: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا وَمَعَ خَسَارَتِهم أنفُسَهُم فَهُم يَخْسَرُونَ أولادَهُم وَأَهْلِيهِمْ: قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ فالْخَاسِرُونَ حَقِيقَةً هُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما حَرَمُوهَا مِنَ الإيمَانِ والثَّوَابِ,فاستَحَقَّتْ بِسَبِبهِمُ العَذَابَ والعِقَابَ,وَخَسِرُوا الأهلَ والأحبَابَ,بِأَنْ فَرَّقَ اللهُ بَينَهُم يَومَ الْحِسابِ,فَلَيسَ مِثَلَهُ خُسرَانٌ وَلاحِرْمَانٌ!
ذلِكَ أنَّه لَمَّا قَصَّرَ الْخَاسِرُونَ فِي إِيصَالِ النَّفْعِ لأهلِيهم كَانَتْ رُؤْيَتُهُمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ مِنْ أَشَدِّ الْخُسْرَانِ الَذِي يُصِبُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ سَبَبُ أَلَمِهِمْ وَعَذَابِهِمْ!وإِذَا هَدَى اللهُ تَعَالَى الْأَهْلَ وَالْوَلَدَ,ولَمْ يَتَّبِعُوا آبَاءَهُمْ الخَاسِرِينَ،كَانَ ذَلِكَ أيضاً عَذَابًا وَخُسْرَانًا عَلَى أَوْلِيَائِهِمُ المُعَذَّبِينَ, وَلِذَا يا مؤمنونَ:كَانَ مِنْ تَمَامِ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ كما قالَ تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ فاللهمَّ يارَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
عبادَ اللهِ:طَاعَةُ الْشَّيْطَانِ هِيَ أَصْلُ الْخُسْرَانِ وَأَسَاسُ الْإِفْلَاسِ والإتعاسِ،قالَ تعالى: وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رحِمَهُ اللهُ:وأَيُّ خَسَارٍ أَبيَنُ وَأَعظَمُ مِمَّنَ خَسِرَ دِينَهُ وَدُنيَاهُ وَأَوبَقَتْهُ مَعَاصِيهَ وَخَطَايَاهُ ؟! فَحَصَلَ لَهُ الشَّقَاءُ الأَبَدِيُّ،وَفَاتَهُ النَّعِيمُ السَّرمَدِيُّ.كَمَا أنَّ مَنْ تَولَّى رَبَّهُ وَآثَرَ رِضَاهُ،رَبِحَ كُلَّ الرَّبْحَ، وأَفلَحَ كُلَّ الفَلاحِ،وَفَازَ بِسَعَادَةِ الدَّارَينِ،وأَصبَحَ قَرِيرَ العَينِ،فاللهم تَولَّنَا فِيمن تَوَليتَ، وعَافِنَا فِيمَن عَافَيتَ.

والشِّيطانُ عبادَ اللهِ:يَدْعُو إِلَى الْتَّكْذِيبِ بِلِقَاءِ الله تَعَالَى، وَالمُكَذِّبُونَ هُمُ الخَاسِرُونَ: لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
وَلَا يَكْتَفِ الشِّيطانُ مِنْ أتبَاعِهِ بالتَّكذِيبِ بَلْ يَجْعَلُهُمْ مِنْ دُعَاةِ الْبَاطِلِ,والمُحَارِبِينَ لِلْحَقِّ وَأَتْبَاعِهِ: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون وَجُندُ الشَّيطانِ هُمُ الْمُنَافِقونَ الذينَ يُسَوِّقونَ الباطِلَ ويَدْعُونَ لِلتَّمَرُّدِ الانحِلالِ!

انظُرواَ ماذا جَلَبُوا لِبلادِنا, بِلادِ الْمُسلِمينَ من كُتُبٍ فَاسِدَةٍ,وقنواتٍ هابِطَةٍ,تَدعوا إلى الكُفرِ والإلحَادِ,ورِواياتٍ تُرَبِي على التَّمَرُّدِ والفَسَادِ,يَتَدَاوَلُها أطفالُ المَدَارسِ،وَشَبَابُ وَفَتَياتُ البِلادِ،لِتُظهِرَ في الأرضِ الفَسَادَ: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ وَمِنَ بَاطِلِ الشَّيطانِ:أَنَّهُ زَيِّنَ الصَّدَّ عن دِينِ اللهِ تعالى,وَتَنَاسَوا! وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ فيا مؤمِنُونَ:مَن يَدِينُ بِغيرِ الإسلامِ,فَعَملُهُ مَردُودٌ,لأَنَّ دِينَ الإسلامِ استِسْلامٌ وإِخلاصٌ لِلهِ،وانقِيَادٌ لِرُسُلُهِ,فَإذا لَمْ يَأتِ العَبدُ بِذَالِكَ لَمْ يَأتِ بِأسبَابِ النَّجَاةِ مِن العَذَابِ والْخَسَارِ !
وَمِنَ بَاطِلِ الشَّيطانِ:أنَّهُ يُزَيِّنُ لِلْإِنْسَانِ تَرَكَ الطَّاعَاتِ وَإِتْيَانَ المُحَرَّمَاتِ،حَتى تَخِفَّ مَوَازِينُهُ فَيَخْسَرَ: وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
وأيُّ خَسَارَةٍ أعظَمُ مِمَّن عَناهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «مَا تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟ قَالُوا:الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ،قَالَ:الْمُفْلِسُ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ حَسَنَاتٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ،قَدْ شَتَمَ هَذَا،وَأَخَذَ مَالَ هَذَا،وَسَفَكَ دَمَ هَذَا،وَقَذَفَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا،فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ،وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ،فَإِذَا فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ،ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»

فاللهمَّ يا رَبَّنا اجعلنا مِن عِبادِكَ الْمُفلِحينَ
واعصمنا مِن مُضِلاتِ الفِتَنِ ياربَّ العَلَمِينَ,
واستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولِسائِرِ الْمُسلِمينَ من كلِّ ذنبٍّ,فاستغفِروهُ إنَّهُ هو الغفُورُ الرَّحيمُ








الخطبةُ الثانيةُ/


الْحَمْدُ لله حَمْداً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ العَلِيُّ الأعلى,وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ،صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ،وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَن بِهُدَاهُمُ اهتدى.


أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ،عبادَ اللهِ:وَمِنْ أَسْبَابِ الْخُسْرَانِ: إتِّبَاعُ قُرَنَاءِ الْسُّوءِ،وَجَعلِهم قُرَناءَ وأصدِقاءَ ورؤساءَ وَوزَراءَ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ فَمَا بَالُ بَعضِ الْنَّاسِ يُطِيعُونَ الْكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ والعِلمَانِييِّنَ مَعَ يَقِينِهِمْ بِخُسْرَانِهِمْ،وَقَدْ حَذرَنَا اللهُ مِنهُم فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ وَمِنْ أَسْبَابِ الْخُسْرَانِ:الِاشْتِغَالُ بِالمَالِ وَالْوَلَدِ عَنِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ فَمَن أَهمَلَ أولادهُ وصلاتَهُ فقد خابَ وخَسِرَ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ الْعَبْدُ بِصَلَاتِهِ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ».وَمِنَ الْخُسْرَانِ أَنْ يَتَعَامَلَ الْإِنْسَانُ مَعَ دِينِ الله تَعَالَىْ تَعَامُلًا مَصْلَحِيِّاً؛ فَيُسَخِّرُ دِينَهُ لِخِدْمَةِ دُنْيَاهُ، يَتَمَسَّكُ بِدِينهِ فِي الْنَّعْمَاءِ،وَيَنْحَرِفُ عَنْهُ فِي الْضَّرَّاءِ،قالَ تَعَالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ نَعُوذُ بِالله مِنَ الْخُذْلَانِ وَالْخُسْرَانِ،وَنَسْأَلُهُ الْإِخْلَاصَ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ والنِّيَّاتِ,

اللهُ أكبرُ عبادَ اللهِ:لقد رَأيتُم ورَأَيْنَا فِي الْدُّنْيَا مَنْ خَسِرُوا أَمْوَالَهُمْ فَصَارُوا بَعْدَ الغِنى فُقَرَاءَ!رَأَيْنَا مَنْ نُزِعُوا مِنْ عُرُوشِهِمْ بَعْدَ أَنْ تَقَلَّبُوا فِي نَعِيمِ المُلْكِ عَشَرَاتِ السِّنِين! فَهُم مِنْ ذُرَى الْعِزِّ إِلَى مَطَامِنِ الذُّلِ وَالْضَّعْفِ،فَيَا لَهَا مِنْ عِبَرٍ لِلْمُعْتَبِرِينَ! حَقَّاً إِنَّ الْإِنْسَان كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا!


أَيُّهَا المُسْلِمُونَ:لقَد كَانَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والْسَّلَامُ يَخَافُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَقْوَامِهِمْ، الْخُسْرَانَ والْهَلاكَ!فَكَانُوا يُحَذرُونَ أقوَامَهُمُ مِنْ أَسْبَابِ الْخَسَارِ،وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الرِّبْحِ وَالْفَلَاحِ فَهُودٌ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والْسَّلَامُ لَمَّا دَعَا قَوْمَهُ لِلْإِيمَانِ عَصَوْه: قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ وأعظَمُ الْخُسْرَانِ عبَادَ اللهِ:حِينَ يَأْمَنُ الْنَّاسُ مَكْرَ الله تَعَالَىْ،وَلَا يَتَّقُونَ أسبَابَ غَضَبِهِ:

أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ وَحَقِيقَةُ خُسْرَانِ العَبدِ ما أَقْسَمَ اللهُ تعالى بِهِ حينَ قالَ: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ فاللهمَّ اجعلنا من الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ.اللهم إنَّا نَسأَلُكَ أنْ تُحبِّبَ إلينَا الإيمانَ وتُزَيَّنَهُ في قُلُوبِنَا وأنْ تُكَرَّهَ إلينَا الكُفرَ والفُسُوقُ والعِصيانَ وأنْ تَجعَلنَا مِن الرَّاشِدِينَ,اللهمَّ إنِّا نَسأَلُكَ إِيْمَانَاً صَادِقَاً ولِسَانَاً ذَاكِراً وَعَمَلا صَالِحَاً مُتَقَبَّلا, اللهمَّ ثَبِّتنَا بالقَولِ الثَّابِتِ في الْحيَاةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ.
اللهم أحفظنا وبِلادنَا من كُلِّ سوءِ ونِفاقٍ وفِتنَةٍ,
ووفِّقْ ولاةَ أمرِنا لِما تُحِبُّ وترضى,وأعنهم على البِرِّ والتقوى وهيئ لَهم بِطانةً صالِحةً ناصِحةً يا ربَّ العالَمين.
اللهمَ أصلح أحوالَ المسلمينَ في كُلِّ مَكانٍ,وهيئ لهم قَادَةً صالِحينَ مُصلِحينَ,
واكفهم شَرَّ الطُّغاةِ والظَّالِمينَ,

عبادَ اللهِ اذكروا اللهَ العظيمَ يذكركم واشكروهُ على عمُومِ يَزَدكم
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

بواسطة : admincp
 0  0  6.2K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 08:22 مساءً الخميس 8 ذو القعدة 1445 / 16 مايو 2024.