• ×

07:10 صباحًا , الثلاثاء 13 ذو القعدة 1445 / 21 مايو 2024

خطبة الجمعة 14-02-1431هـ بعنوان صور من العقوق

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ لله العليِّ على خلقِه قَدرًا وقهرًا , خلَق الإنسانَ فأحسَن صورتَه وجعله سميعًا بصيرًا، أقامَ عليه الحجَّةَ َوهداه السبيلَ إمَّا شَاكرًا وإمّا كفورًا، نحمدُه سبحانه على نعَمٍ لا نُحيطها عدًّا ولا نبلغها شكرًا، ، ونشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له ربَّاً حكماً ومقسِطاً عدْلاً، ونشهد أنّ سيّدنا ونبينَا محمَّدًا عبد الله ورسوله، أوفى النَّاسِ ذِمَّة وعهداً، صلّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آلِه وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّين. أمَّا بعد:
أيُّها المؤمنون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، فهي وصيةُ الله لنا ولمن قبلنا: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ لاشكَّ أنَّنَا في عصرٍ كَثُرَ فيه الجحودُ ونكرانُ الجميل, في عصرٍ تعقُّ فيه الأمهاتُ ,ويبغضُ فيه الأقرباءُ, إلا من رحم ربِّي !
نحن بحاجةٍ إلى أنْ نسْرُدَ للظالم للعاق أوامرَ اللهِ ورسولِه , نحن مضطرون أنْ نُبيِّنَ للعاقِّ أنَّ للمرأةِ الضعيفةِ التي أنجبتهُ حقَّاً لازما وفرضاً واجباً ؟!
فقف أيُّها العاقلُ, وتأمَّل في حالَ العصاةِ وأهلِ القطيعة والعقوق ! واحمدِ الله على السلامة والعافية.
عرفتُ الشَّر لا للشرِّ لكن لتوقِّيه
ومن لا يعرفُ الشرَّ من الناس يقع فيه
فأعيروني يا مؤمنون القلوبَ والأسماع، واللهَ أسألُ أنْ يجعلنا ممن يستمعُ القولَ فيتبعُ أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
عباد الله لقد أمرنا اللهُ بصلة الرَّحم وحذَّرنا من قطعها،فقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ



وقال : ((الرحمُ معلقةٌ بالعرشِ تقول: من وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، ومن قطعني قطعه الله))، وأعلى الأرحامِ هُمُُ الآباءُ والأمهاتُ الذين في رضاهم رضا الله وفي سخطهم سخط الله،
ولقد حذَّرنا المولى من العقوق بجميع صورِه وأشكالِه فقال سبحانه : فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا قال الحسينُ بنُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنهم أجمعين (لو علم اللهُ شيئًا من العقوق أدنى من الأفِّ لحرَّمه الله تعالى).
وفي حديث المغيرةِ بنِ شعبةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ قال: ((إنَّ الله حرَّمَ عليكم عقوقَ الأمَّهات)) رواه البخاري.
أيُّها الأبناء الكرامُ: يكفي أن نعرف أنَّ العقوقَ كبـيرةٌ تأتي بعدَ الشركِ بالله
ففي الصحيحين من حديث أبي بكرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ قال: ((ألا أُنَبِّئُكم بأكبر الكبائر؟)) ثلاثًا، قلنا: بلى يا رسولَ الله، قال: ((الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين))
أيُّها الأبناءُ الكرامُ : عقوقُ الأمِّ سببٌ للعنِ اللهِ والطردِ من رحمته فيكفي فداحةً للعاق أنَّ الله سبحانه لا ينظرُ إليه يوم القيامة، قال النـبيُّ : ((ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إليهم يوم القيامة)) قيل: مَنْ هم يا رسولَ الله ؟! وذكرَ منهم ((العاقُ لوالديه)) حقاً خابوا وخسروا وربِّ الكعبةِ الذين يُطردون من رحمةِ أرحمِ الراحمين.ففي حديث عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله ((لَعَنَ اللهُ العاقَّ لوالديه)). وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله : ((لعن اللهُ من سبّ أباه، لعن الله من سبَّ أمَّه)) فيا من تَعُقُّ والدتَك، هل لك قدرةٌ على الطَّرد من رحمت الله وأنتَ محتاجٌ إلى رحمة الرحيم الرحمن ؟! فاحذر غضبَ ربِّكَ واحذر عقوقَ والدتِكَ،
أيُّها الأبناءُ الكرامُ : العقوقُ سببٌ في عدمِ قبولِ الأعمال مُطلقا فإذا ما كان المتخاصمان لا ترفعا أعمالُهما حتى يصطلحا فما بالكم بمن كانت خصمُه أمَّه!؟
عن أبي أمامةََ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ قال: ((ثلاثةٌ لا يقبلُ اللهُ منهم صَرْفًا ولا عَدْلاً: العاقُّ لوالديه، والمنَّانُ، والمُكَذِّبُ بالقَدَرِ)) فأيُّ عملٍ يقومُ به العاقُّ، فإنَّ الله لا يقبلُه ، فكيف ينامُ ويرضى ؟! فانهض يا عبد الله واستيقظ من غفلتك.

أيُّها الأبناءُ الكرامُ : العقوقُ دينٌ واجبُ السَّداد في الدُّنيا قبل الآخرةِ فإن لم تتعظ بالعقوبات الأخروية فلعلك تتعظُ بالعقوبات الدنيوية : فعن أبي بكرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ قال: ((اثنتان يُعجِّلُهما اللهُ في الدُّنيا: البغيُ وعقوقُ الوالدين)) أي يعجِّلُ لهما العقوبةَ والانتقامَ والجزاء .

فيا من سُدت في وجهك السُّبل، وضاقَ عليك الرِّزقُ، و يا من ابتليَ بالمشاكل, تفقَّد حالتك مع أمِّكَ، وانظر عَلاقتَكَ بها، فالعقوقُ معجَّل في الدنيا قبل الآخرةِ،

عباد الله مع الأسف الشَّديد لا نزال نسمعُ قَصَصَاً وأحداثا في حقِّ الوالدة لا تُتَصوَّرُ من بشرٍ فكيفَ من مسلم، فلا زلنا نسمع عن الهجر والطَّرد ، شُلَّت يمينٌ آذت من ربَّاها ، ولا زلنا نسمع عن السَّبِّ والشَّتم فقُطعَ لسانٌ تلفَّظ على من غذاهُ وربَّاه , إنِّها مصائبُ وطوامٌ نسمعها والله المستعان،
ولسانُ حالِ كلِّ أمٍّ يقول:
يا حبذا ريحُ الولد ريحُ الخُزامى في البلد
أهكذا كلُّ ولـد أم لم يلد مثلـي أحد
فعلى من يفعلُ ذلك أنْ يستعدَّ لجَنيِ الثِّمار المُرةَ والعواقبِ الوخيمةِ والخاتمةَِ السيئةَِ{ وكما تدينُ تُدان }
كان محمدُ بنُ سيرينَ رحمه الله لا يكلِّم أمَّه إلا وهو يتضرَّع، وكانَ أبو الحسنِ عليِّ بنِ الحسينِ زينُ العابدينَ رضي الله عنهم أَحَدُ سادات التابعين، كان كثيرَ البِرِّ بأمِّه فقيل له: إنَّك من أبرِّ النَّاس بأمَّك ولسنا نراك تأكلُ معها في صحفة ! فقال: أخافُ أن تسبقَ يدي إلى ما سبقت إليه عينُها فأكونُ قد عققتُها. أيُّها المؤمنون : هذه هي نظرةُ الصالحين للوالدين، وهذا هو خوفُهم من ظلم الوالدةِ وعقوقِها.
أسأل الله أن يبارك في أعمار أبائِنا وأمهاتِنا ،وأن يختمَ لنا ولهم بالصالحات إنِّه على كلِّ شيء قدير.
أسأل الله أن يأخذ بأيدينا إلى البرِّ والتقوى، وأن يجنبنا مسا خِطَه ونواهيه،
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر العصاة والمذنبينَ من كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ، إنِّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبةُ للمتقين، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، حكمَ بالخسرانِ على المتكبِّرين العاقِّين ، ونشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وليُّ الصالحين، ونشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُه خاتم الأنبياءِ والمرسلين، صلى الله عليه وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، و من تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله يامؤمنون ، وأحسنوا إنَّ الله يحبُّ المحسنين.
واعلموا أنَّ البرَّ والعقوقَ دينٌ ووفاء، فإذا ما أكرمتَ والدتَك أكرمَك أولادُك، وإنْ أعرضتَ وأسأتَ سلَّط اللهُ عليكَ من لا يراعى فيك إلاًّ ولا ذِمَّةً , ولا يحفظ لك وُدَّا ًولا قيمةً و في الحديث: ((بُرُّوا آباءَكم، تَبُرُّكُم أبناؤُكم)).
إخوةَ الإيمان، اعلموا أنَّ الإساءةَ للوالدةِ ليست كالذُّنوبِ الأخرى، فالإساءةُ مَهْلَكَةٌ عظيمةٌ وشؤمٌ مُستديم.
فكيف يهنأُ بعيشٍ من ضايقَ والدته و أحزنَها, أو أبكاها وظلمها ؟!
أما سمعتم بخبر الرَّجل العابدِ الذي قصَّ علينا رسولُ الله خبره حين قال:
{كان جُرَيجٌ رجلاً عابدًا فاتَّخذ صومعةً، فأتته أمُّه وهو يصلي فقالت: يا جُريج، فقال: يا ربِّ أمّي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، وفي اليوم الثالث كذلكَ فقالت: اللهم لا تُمته حتى ينظرَ وجوه المومساتِ ـ أي: الزواني ـ،فاستجاب الله دعائَها)) الحديث.
تصوَّر معي يا عبد الله، جريجٌ أحدُ العُبَّاد ، جاءتُه أمُّه فلم يجبْها معَ أنَّهُ في صلاةٍ ! فدَعَتْ عليه، فاستجابَ اللهُ دُعَائَها.
وما خبر الرَّجلِ الذي جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقَالَ : يا رسولَ الله جِئْتُ لِأُبَايُِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ والجهادِ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ فقَالَ {فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا}كلُّ ذلك دليلٌ على تحريم العقوق بشتى صوره وأشكاله .
والله يا كرام : إنَّ الحلق ليجفُّ، وإنَّ القلبَ لينخلعُ، وإنَّ الكلماتِ لتتوارى خجلا وحياءً,
في زمن قست فيه القلوبُ وطغت فيه المادةُ وضَعُفَ فيه الوازعُ الدِّيني وتلاشت فيه معاني المروءة ومكارم الأخلاق فقد نشأ جيل لا يعرف للوالدةِ حقًا، ولا يحفظ لها معروفًا ووُدَّا، ولا يقدِّرُ لها نصبا و جُهدًا، إلا من رحم ربي
قال ابن عباس رضي الله عنهما -: ((إنِّي لا أعلم عملا أقربَ إلى الله من برِّ الوالدة)) أيُّها الكرام:
لقد حذَّرنا رسولنا من لعن الوالدين فقال:
((لعنَ اللهُ من لَعَنَ والديه)).
فأيّ كرامةٍ لمِن يلعنُ والدتَه؟! فكيف لا يستحقُّ اللعنَ هذا الحقيرُ النَّذِل ؟!
نعم والله يوجدُ من الأبناء من يشتمُ والدتَه بكلام ساقط وسبٍّ لاذع!
بل حذَّر النبيُّ من سبِّ آباء الآخرين حتى لا نكونَ سببا في أن يُسبُّوا أبائنا و أمَّهاتِنا { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ }
ومن صور العقوق :
أن يسمعَ الرجلُ لزوجته ويلبي مطالِبَها ويسعى لمرضاتِها، فإذا ما دَخَلَ غرفةَ نومِه سمعتَ الضَّحِكات والأُنْسَ ، ورأيتَ الهدايا ، وبالمقابل إُهمالٌ لأمِّهُ، فلا يسألُ عنها، ولا يجلسُ معها ، فهذا نوع من العقوق والنُّكران، فالواجب أن يسعى لإرضاء والدته وزوجته كذلك.
((وقد حذَّر رسولُنا من عقابٍ بريحٍ حمراءَ وزلزلةٍ وخسفٍ إذا أطاع الرجلُ زوجتَه وعقَّ أمَّه وأدنى صديقَه وأبعدَ أباه))، فلا إله إلا الله ما أكثرَ هذا في عصرنا الحاضر!.
وصورةٌ أخرى بعضُنا يُحسنُ صحبةََ النَّاِس وعشرتَهم , أمَّا الأمُّ فلها تقطيبُ الجبين , وعبوسُ الوجه , وتقليبُ الجرائد, والانشغالُ بالجوال, والصمتُ المُطبِقُ , وكأنها أعدى النَّاسِ وأثقلَ مخلوقٍ عليكَ .

ومن صور العقوق:
رفعُ صوتِك عليها، والنظرُ إليها بغضب واحتقار، ومقاطعةُ حديثِها، والكذبُ عليها، والسفرُ بلا إذنِها , وفعلُ المعاصي أمامَها.
قال عمر رضي الله عنه: (إبكاءُ الوالدينِ من العقوق)، وقال مجاهدٌ رحمه الله: "لا ينبغي للولدِ أن يدفعَ يَدَ والده إذا ضربه، ومن شدّ النَّظر إلى والديه لم يَبُرُّهما، ومن أدخل عليهما ما يحزنهما فقد عقَّهما".
أيُّها المؤمنون : هذه رسالةٌ بعَثتَها أمٌّ مكلُومَةٌ تنادي ولدَها القاطعَ لها وتستجديه فتقولُ : "يا بني، منذ خمسةٍ وعشرينَ عامًا كان يومًا مشرقًا في حياتي عندما أخبرتني الطبيبة أنِّي حاملٌ، والأمهات ـ يا بني ـ يعرفن معنى هذه الكلمةِ جيدًّا، فهي مزيج من الفرح والسرور وبدايةُ معاناة وتعب، حَمَلتُكَ ـ يا بني ـ تسعةَ أشهر فرحةً مسرورةً، أقومُ بِثُقلٍ، وأنام بصعوبة، وآكلُ مُرغمة، وأتنفّس بألم، وكلُّ ذلك لم يُنقص من مَحبَّتي لك وفَرحي بك، بل نَمَتْ مَحَبَّتُك مع الأيام.
حملتُك يا بني وهنًا على وهن وألمًا على ألم، أُسَرُّ بزيادة وزنِك، مع أنَّه حِمْلٌ ثقيل عليَّ، إنها معاناة طويلة، رأيتُ الموتَ مراتٍ عِدَّةٍ حتى خرجتَ إلى الدنيا، فامتزجت دموع صُراخِك بدموع فرحي، يا بنيَّ، مرَّت سنواتٌ من عمري وأنا أحملك في قلبي وأغسلك بيدي، جعلت حجري لك فراشًا، وصدري لك غذاءً، أسهرتُ ليلي لتنام، وأتعبتُ نهاري لتسعد ، خادمةً لم تقصِّر، ومرضعةً لم تتوقف، حتى اشتدَّ عودُك واستقام شبابك، فبحثتُ لك عن زوجتكَ التي طلبت، ففرحتُ بحياتك الجديدة وحزنتُ على فراقك، فإذا بك لست ابني الذي عرفت، لقد أنكرتني وتناسيت حقَّي عليك، تمرُّ الأيام لا أراك، ولا أسمعُ صوتَك، يا بني لا أطلبُ منك إلا القليلَ اجعلني من أطرف أصدقائِك.
يا بني اجعلني إحدى محطات جلساتك الأسبوعية أو الشهرية.
يا بني، أحدودب ظهري وأنهكتني الأمراض ، لا أقوم إلا بصعوبة، ولا أجلس إلا بمشقة، ولا يزال قلبي ينبض بمحبَّتك، فأين الجزاء والوفاء؟! إلى هذا الحدِّ بلغت بك القسوةُ وأخذتك الأيامُ؟!
يا بني، كلَّما علمتُ أنك سعيدٌ في حياتك زاد فرحي وسروري،
قل لي بالله عليك أيُّ ذنب جنيتُه عليك فصرتَ لا تطيقُ رؤيتي ولا تزورُني؟! لن أرفع شكواي إلى الله، لأنَّها إنِ ارتفعت إلى باب السماء أصابك شؤم العقوق ونزلت بك العقوبة، وحلَّت بدارك المصيبة، لا، لن أفعل، لا تزالُ بُنَيَّ وفلذةَ كبدي وريحانةَ حياتي.
أفق يا بني، فالجزاء من جنس العمل ، وعند الله تجتمعُ الخصوم. وعند الله تجتمعُ الخصوم.
غَذَوتُك مولودًا وعُلتُك يـافعًا تُعَلُّ بِما أجنِـي إليك وتَنهَـل
إذا ليلةٌ نابتك بالسُّقْم لَم أبِت لذكرك إلا سـاهرًا أَتَمَلْمَـل
تخاف الرّدَى نفسي عليك وإنِّها لتَعلم أنَّ الْموت حَتمٌ مؤجـل
فلما بلغتَ السنَّ والغايةَ التي إليها مدى ما كنتُ فيك أؤمِّل
جعلت جزائي غِلْظَة وفَظَاظَة كأنـَّك أنتَ المُنعم المُتفَّضـل
فليتـك إذ لَم تَرْعَ حقّ أُبُوّتي فعلتَ كما الجارُ الْمجاوِر يفعل
أيُّها الأبنـاء الكرام: أخاطبكم بكلِّ قلبي وكياني، اتقوا الله في الأمهات والآباء اقدروا لهذه النعمةِ قدرها ، واغتنموا خيرهما فدونَكم أبوابُ الجِنانِ فأين السالكون ؟!
نعوذ بالله من العقوق والجفاء،
وطوبى لمن لقي الله ووالداه عنه راضيان
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
اللهمّ أعنَّا على برّ والدينا، اللهم وفِّق الأحياء منهما وأعمر قلوبَهما بطاعتك، ولسانَهما بذكرك، واجعلهم راضين عنا مرضييِّن ، اللهم من أفضى منهم إلى ما قدَّم فنِّور قبره، واغفر خطأه ومعصيته، اللهم اجزهما عنا خيرًا، واجمعنا بهم في دار كرامتك يا رب العالمين
اللهم قد قصّرنا في ذلك وأخطأنا في حقِّهما، اللهم فاغفر لنا ما قدّمنا وما أخّرنا، وما أسررنا وما أعلناو ما أنت أعلم به منَّا .
رَبَّنَا اربناغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
رَبَّنَا آ ربنا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
بواسطة : admincp
 0  0  7.5K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 07:10 صباحًا الثلاثاء 13 ذو القعدة 1445 / 21 مايو 2024.