مَعًا لِتَيسِيرِ الْزِّوَاجِ + توجيهات حول استعمال الذكاء الاصطناعي 30/1/1447هـ
الحمدُ للهِ خَلَقَ من الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسباً وصِهْراً, جَعَلَ الزِّواجَ مَودَّةً وَرَحمَةً وبِرًّا، أَشهَدُ ألَّا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، لَهُ الأَسمَاءُ الحُسنى، والصِّفاتُ العُلا, شَرَعَ الزِّواجَ لِغَايَةٍ عُظْمَى، وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ ورسولُه، أَمَرَنا بِالتَّمسكِ بالعُروةِ الوُثْقَى، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه, وَعلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ وَمَنْ اسْتنَّ بُسُنَّتهِ واهتدى بهديه إلى يوم الدِّينِ. أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقوى، فَتقوى اللهِ طَرِيقُ الهُدى، ومُخَالفَتُها سَبِيلُ الشَّقَاءِ.
أيُّهَا الْمُؤمِنُونَ: لَقد أَمَرَنَا اللهُ بالنِّكاح لأنَّهُ نِعْمَةٌ وَأُنْسٌ فَقَالَ تَعَالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾. وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾. فزَوِّجوهم على كلِّ حالٍ! واللهُ تعالى مُعينٌ لَهُما ومُيَسِّرٌ أمُورَهما! وسيِّدُ الخلقِ تَزوَّج وَزوَّجَ بنَاتِهِ، وَقَالَ: «فَمَنْ رغِبَ عن سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّي». والزِّواجُ صِيَانَةٌ لِلشَّخْصِ والْمُجْتَمَعِ عن الحَرامِ، فالنَّفسُ فيها غَرِيزَةٌ لا تُشبَعُ إلَّا عن طَرِيقِ الزِّواجِ! فَقَدْ أَوْصى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الشَّبَابَ بِقَولِهِ لهم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ). وَقَالَ لِلْأَولِيَاءِ: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ».
عِبَادَ اللهِ: بِالزِّواجِ أُنْسٌ ومودَّةٌ, وراحَةٌ وطمأنِينَةٌ بين الزَّوجينِ، واستقرَارٌ عَاطِفِيٌّ! وَبِهِ تَتَقَارَبُ الأُسرُ وَيحصلُ النَّسلُ وَتكثرُ الذُّرِّية، وَيَكُونُ الأَجرُ والثَّوابُ وقد قالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وَقَدْ صَوَّرَ القرآنُ الكريمُ نِعْمَةَ الْزِّوَاجِ بِألطَفِ عِبَارَةٍ وأَدَقِ تَصويرٍ! فَقَالَ جَلَّ في عُلاه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
أيُّها الْمؤمنون: أليس الزِّواجُ بذلك نِعمَةً وَمنَّةً, وهبَةً من الله وَرَحمَةً؟ فَلِمَاذَا أَصْبَحَ الزِّواجُ على بَعْضِنَا همَّاً وغمًّا, ونِقمَةً وكَرْبًا؟ لِمَاذا صَارَ مَشرُوعُ الزِّواجُ في كثيرٍ من الأحيانِ مَصدَراً لِلآثامِ والْخِصَامِ؟ أَتدرُونَ لِمَاذا؟ لأنَّنا خَرَجْنَا بِهِ عَنْ حُدُودِ الشَّرعِ والْمَعقُولِ, وَلأَنَّ كَثِيرًا مِن الْعَادَاتِ أَسَرَتْنَا, وَبَعْضُ الأَحْيَانِ جَعَلْنا التَّصرُّفَ والتَّحَكُّمَ في أَيدِ النِّسَاءِ! وَأَحْكَمُ الحَاكِمِينَ قَالَ:(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ).
يا كرامُ: خُذوا على سَبِيلِ الْمِثَالِ, ما يتعلقُ بِالْمَهْرِ: الذي هو حقٌّ مِنَ اللهِ تَعَالى لِلمَرأَةِ وَهو نَوعُ تَقْدِيرٍ واحتِرامٍ لها، ولَيسَ ثَمَناً أو قِيمَةً للاستِمتَاعِ بها قَالَ اللهُ تَعَالى: (وَءاتُواْ ٱلنِّسَاءَ صَدُقَـٰتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْء مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً).قَالَ الشَّيخُ السَّعديُّ رَحِمَهُ اللُه: (ولَمَّا كانَ كثيرٌ من النَّاسِ يَظلِمونَ النِّساءَ وَيَهضِمُونَهنَّ حقُوقَهُنَّ، في الصَّداقِ, أَمَرَهُمُ اللهُ على إيتَاءِ النِّساءِ مُهورِهِنَّ عن طِيبِ نَفْسٍ، والْمَهرُ يُدفَعُ لِلمَرأَةِ إذا كانت مُكلَّفةً، وأنَّها تَملِكُه بالعقدِ)
عِبَادَ اللهِ: الْمَهْرُ في الزِّوَاجِ وَسِيلَةٌ لا غَايَةٌ، وَالْمُغَالاةُ فِيهِ لَهُ آثَارٌ سَيِئَةٌ على الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ؛ مِنْ تَعْطِيلِ الزِّوَاجِ، وَارْتِكَابِ الْحَرَامِ وَانْتِشَارِهِ, أَوْ البَحْثِ مِنْ أَيِّ مُجْتَمَعٍ وَلو لَمْ يَكُنْ مُحَافِظًا، فَرُبَّ لَذَّةِ سَاعَةٍ، تَعْقُبُهَا نَدَامَةٌ.
عِبَادَ اللهِ: وَالإسْلامُ دِينُ عَدْلٍ وقَسْطٍ، فَقَدْ أَمَرَ بِالْمَهرِ من جِهَةٍ وَحَثَّ على تَيسِيرهِ وَتَخفِيفِهِ وتَسهِيلِهِ من جِهَاتٍ أُخرَى! وفي كَلامِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كُلَّمَا قَلَّ الْمَهرُ وسَهُلَ كُلَّما علَتِ الْمَرْأَةُ وَازْدَادَت بَرَكَتُها، أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: « أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أيسَرُهُنَّ مؤونةً». وَقَالَ: «خَيرُ الصَّداقِ أَيسَرُهُ». وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ يُمنِ الْمَرأَةِ تَيسِيرُ خِطبَتِها وَتَيسِيرُ صَدَاقِها». والشَّرعُ لم يحدِّدْ مِقدارَ الْمَهرِ وَكَمَيَّتَهُ، لِتَبايُنِ النَّاسِ واختِلافِ مُستوياتِهم وعاداتِهم، ولكنَّ الاتِّجاهَ العامَّ في شَريعَتِنا الْمَيلُ نحوَ التَّقليلِ فيه، فَذَاكَ أَقْرَبُ لروحِ الشَّريعةِ ومقاصِدها.
عِبَادَ اللهِ: وَمِمَّا جَعَلَ الزِّواجَ همًّا وَنِقْمَةً مَا يَسْبِقُ الْمَهْرِ مِنْ شَبْكَةٍ بِأَغْلى الأَثمَانِ, بِصُنْدُوقٍ لِلهَدَايَا يحملهُ الرِّجالُ! عَادَاتٌ أَدَّتْ إلى التَّفاخرِ والتَّباهي وَكَسْرِ ظُهُورِ الْرِّجَالِ! مَصَارِيفُ باهِضَةٌ ما أَنزَلَ اللهُ بها من سُلْطَانٍ، فَأَينَ التَّوسطُ والاعتدالُ فَالْمُؤمِنُونَ وَصَفَهُمُ اللهُ بِأَنَّهُمْ: (إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا).فلا أحدَ يُمَانِعُ من الشَّبكةِ والفَرَحِ وَلَكنَّ الإِسرَافَ مُحَرَّمٌ شَرْعاً وَمَرفُوضٌ عَقلاً!
أيُّها الْمؤمنونَ: وإقامةُ الولائِم سُنَّةٌ نَبَويةٌ وَشَرِيعَةٌ رَبَّانِيَّةٌ فعن أنسِ بنِ مالكٍ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ على زينبَ بِشَاةٍ، وَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوفٍ: « أَولِم ولَو بِشَاةٍ». وَمَعَ الأَسَفِ صَارَ الإسرافُ والبذخُ والتَّبذيرُ أمراً ظاهراً خَاصَّةً في وَلائِمِ النِّساءِ، فَيَعمَدْنَ إلى أنواعِ الأطعمةِ وأصنافِ الْمَأكُولاتِ والعَصِيراتِ، بكميَّاتٍ كبيرةٍ تفيضُ على الْمَدعُوِّينَ! وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ، فإنَّ اللهَ يحبُّ أن يَرَى أثَرَ نِعْمَتِهُ على عبدِهِ». فهل مَنْ يَسعى للزِّواجِ تُستنزَفُ أَمْوَالُهُ أَمِ الوَاجِبُ أَنْ تخفَّفَ عنهُ أَعْبَاؤهُ؟ فَمَا يَضِيرُنَا لَو اقْتَصَرْنَا بِدَعْوَةِ الأَقْرِبينَ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ! كَمْ سَنَكُونُ فَرَجًا عَلى غَيرِنَا وَرَحْمَةً عَليهِمْ.
فيا كرامُ: ارْحَمُوا شَبَابَنَا وَلا تُحمِّلُوهُمْ مَا لا يُطِيقون! وَأَقُولُ مَا تَسمعونَ واستغفرُ اللهَ لي ولكم فاستغفروهُ إنَّه هو الغفورُ الرَّحيمُ .
الخطبةُ الثانيةُ:
الْحَمْدُ للهِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَالمْ يَعْلَمُ, أَشْهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ هُوَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ, وَأشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ, صَلَّى اللهُ عَليِهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ وَسَلَّمَ.
أَمَّا بَعْدُ. عِبَادَ اللهِ اتَّقُوا اللهَ الْقَائِلَ: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). والْقَائِلَ: (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ). فَمِنْ بَينِ هَذِهِ النِّعَمِ تَقْنِيَةُ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ, فَقَدْ شَهِدَ تَطَوُّرًا هائلاً في كُلِّ الْمَجَالاتِ، وَأَصْبَحَ وَاحِدًا مِنْ أَعْظَمِ الابْتِكَارَاتِ التي غَيَّرَتْ وَجْهَ الْحَيَاةِ. حَتَّى أَضْحَى الْمُتَحَكِّمَ فِي التَّفْكِيرِ وَاتِّخَاذِ القَرَارَاتِ بِنَاءً على بَرْمَجَةِ الْمَعْلُومَاتِ! وَلِلْحَقِّ هَذِهِ التَّقْنِيَةُ تُسَاعِدُ عَلَى التَّسْهِيلِ بِالوُصُولِ إلى الْمَعْلُومَاتِ بِوَقْتٍ قَصِيرٍ وَمُتْقَنٍ، كالْوُصُولِ لِلْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَالطِّبِّ وَالتَّعْلِيمِ وَالإِدَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ مِمَّا يَخْدِمُ حَيَاتَنَا اليَومِيَّةَ . فَمِنْ شُكْرِ هَذِهِ النِّعْمِ، أَنْ نَسْتَعْمِلَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَينَا بِالدِّينِ وَالدُّنْيَا،
عِبَادَ اللهِ: مَعَ هَذِهِ الفُوَائِدَ إلَّا أَنَّ الذَّكَاءَ الاصْطِنَاعِيَّ سِلاحٌ ذُو حَدَّينِ، فَإنْ اسْتُخْدِمَ في الخَيرِ وَالبِنَاءِ كَانَ نِعْمَةً، وَإنْ اسْتُخْدِمَ في الشَّرِّ وَالْهَدْمِ كَانَ نِقْمَةً وَفِتْنَةً!
فَمَجَالاتُ نِعَمِهِ كَثِيرَةٌ, والْخَوفُ مِنْ خَطَرِ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ فِيهِ، وَتَزْوِيرِ الصُّوَرِ وَالْمَقَاطِعِ، وَانْتِحَالِ الشَّخْصِيَّاتِ، وَتَقْلِيدِ أَصْوَاتِ النَّاسِ وَالْعُلَمَاءِ، وَنَشْرِ الْفَتَاوَى الْمَكْذُوبَةِ، وَتَشْوِيهِ سُمْعَةِ الآخَرِينَ، وَالْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ! كَثِيرَةٌ أَيضًا! فَعَلى الْمُسْلِمِ أَنْ يُرَاقِبَ اللهَ تَعَالى الْقَائِلَ: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). وَأَنْ يَكُونَ صَادِقًا، مُتَثَبِّتًا، لَا يُرَوِّجُ لِكُلِّ مَا يُسْمَعُ وَيُرَى، خُصُوصًا فِي عَصْرٍ سَهُلَ وَكَثُرَ فِيهِ الْكَذِبُ وَالتَّزْوِيرُ، قَالَ اللهُ تَعَالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). وعنْ أَبي هُريْرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ ﷺ قَالَ: { كَفَى بالْمَرءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سمعِ} رواه مسلم ،كَيفَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت) متفقٌ عَلَيهِ. وفي حَدِيثٍ صَحِيحٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ) أخرجه أبو داود وأحمد وصححه الألباني ، وَمَعْنَاهُ: أنَّ اللهَ يُعذِّبُه بِعُصارةِ أهلِ النَّارِ وصَديدِهم، (حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ) وَذَٰلِكَ بِأَنْ يُكذِّبَ نَفْسَهُ أَمَامَ الْمَلإ بِأَنَّهُ كَذَبَ عَلى فُلانٍ وَفُلانٍ!
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَكُونُوا مِنَ الذينَ يَسْتَمِعُونَ القَولَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَاسْتَشْعِرُوا مُرَاقَبَةَ السَّمِيعِ البَصِيرِ، الذي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، فَاللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَزِدْنَا عِلْمًا وَهُدًى, اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلاً وَوَفِّقْنَا لاجْتِنَابِهِ، اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلى دِينِكَ وَطَاعَتِكَ، اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلينَا دِينَنَا وَأَمْنَنَا وَأَخْلاقَنَا، الَّلهُمَّ وفِّقْ أَبْنَاءَنا وَبَنَاتِنا لِمَا تُحبُّ وتَرضى, وَارزقَهم العِفَّة والحياءَ والتَّقوى, وَأَعِذْهُم من الفَواحِشِ والفِتَنِ مَا ظَهَرَ منها وما بَطَن ياربَّ العالَمِينَ. رَبَّنَا اجْعَلْنَا مُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَاتِنَا رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دَعَاء. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. وأذلَّ الشرك والْمشركين ودمِّر أعداء الدين اللهم آمنا في أوطاننا ووفِّقْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمورِنَا وَاجْزِهِمْ خيرا على خدمَةِ الإسلامِ والمسلمين. وَانصُرْ جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنَا. اللهم اغفر لنا ولوالدِينا والمسلمين أجمعين. (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).