• ×

10:11 صباحًا , الخميس 23 شوال 1445 / 2 مايو 2024

خطبة الجمعة 17-05-1434هـ بعنوان امرأةٌ سَمِعَ اللهُ شَكواها

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
الحمدُ للهِ لا نُشركُ معَ اللهِ أَحدا،سبحانهُ لم يَتَّخِذْ صَاحِبةً ولا وَلَدا،الحمدُ لله على نِعمَتِهِ ومِنَّتِهِ وحِكمَتِهِ،نَشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له في رُبُوبِيَّتِهِ،ونَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ ورسولُه خيرُ بَرِيَّتِهِ،اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آلِهِ وصحَابَتِهِ,أمَّا بعدُ فاتَّقوا اللهَ يامؤمنُونَ وتأمَّلوا في قَصَصِ القُرآنِ فَفِيها عِظَاتٌ وعبرٌ,ودروسٌ وآياتٌ لقومٍ يَتَفَكَّرونَ!ونقفُ اليومَ وقفةَ إجلالٍ وإكبارٍ لِسيِّدَةٍ من نِساءِ المُؤمنينَ نَزَلَ فِيها وفي زَوجِها قُرآنٌ يُتلى إلى يومِ القيامَةِ, هذهِ المرأةُ قد سَمِعَ اللهُ شَكواها!وَأَجَابَها مِن فَوقِ سَبعِ سَمَواتِهِ!هذهِ المرأةُ وَفِيَّةٌ مَع زَوجِها حَرِيصَةٌ على بَيتِها!لِذلكَ صارت تُجادِلُ رسولَ اللهِ في شَأنِها حتى خفَّفَ اللهُ عنهما وعادت لهما حياتُهما, وللحقِّ أيُّها الكرامُ:ففي قصَّتِها دُرُوسٌ للأزواجِ والزَّوجاتِ!فَتَعَالَوا بِنا نَستَمِعُ إلى خَبَرِها وما أنزلَ اللهُ في شأنِها,ففي الحديثِ الطَّويلِ بطُرقٍ عِدَّةٍ ورواياتٍ مُتعدِّدَةٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ رضي الله عنها: قَالَتْ:فِيَّ وَاللَّهِ وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ،فقد كُنْتُ عِنْدَهُ،وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ،وَضَجِرَ،فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ فِي شَيْءٍ،فَغَضِبَ،وَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ خَرَجَ!
هذا هو المشهدُ الأولُ يامؤمنونَ:زوجانِ لهما في العشرةِ مُدَّةٌ طَويلَةٌ وبينهما ذُرِّيةٌ كثيرةٌ! والزَّوجُ بعدَ هذا العُمُرِ قد تَسُوءُ أَخلاقُهُ,وَيَكثُرُ ضَجَرُهُ ومَلَلُهُ!فهو لا يَتَحمَّلُ كَثرةَ الأَعبَاءِ,ولا كَثرةَ الطَّلباتِ,ولا كثرةَ النِّقاشِ والإلحاحِ!ولكنَّ خَولَةَ رضيَ اللهُ عنها نَسَتْ نَفسَها يوماً فَأَكثَرَتْ عليه الإِلحَاحَ والطَّلبَ,وهذه مُشكِلَةُ بعضِ الزَّوجاتِ أنَّها لا تُحسِنُ عَرْضَ الطَّلَبِاتِ ولا تَوقيتَها فَتَنشَأُ المَشَاكِلُ من هاهُنا!فَقالَ زَوجُها أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ رضيَ اللهُ عنه وهو في حالَةِ غضبٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي،ومعناهُ أنَّكِ تَحرُمينَ عليَّ كما تَحرمُ أُمِّي عليَّ,وقد كانَ هذا يُعدُّ طَلاقاً في الجاهِليَّةِ,ثُمَّ خَرَجَ زَوجُها فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً،قالت: ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ،فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي,فقُلْتُ:كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ،لاَ تَخْلُصُ إِلَيَّ،وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ،قَالَتْ:فَوَاثَبَنِي،فَامْتَنَعْتُ مِنْهُ،فَغَلَبَتْهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ, فَأَلْقَيْتُهُ تَحْتِي،ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي،فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابًا،
وهذا هو المَشهَدُ الآخَرُ:لقد عادَ الزَّوجُ إلى بيتِهِ وقد هَدَئَت نَفسُهُ فَأَرَادَ أن يُعاشِرَ زوجتَهُ,وكأنَّهُ نَسيَ ما كانَ قد صدَرَ منهُ من قَولٍ مُنكَرٍ وعَظيمٍ!وهذهِ مُشكِلَةُ بعضِ الأَزوَاجِ أنَّهم لا يُحسِنونَ التَّصرُّفَ حِيَالَ المَشَاكِلِ الزَّوجِيَّةِ فتَجدُهم يَتَصرَّفونَ أو يَتَلفَّظُونَ بما يَندَمونَ عليهِ,أو قد يكونُ سبباً لِفراقِ زوجَتِهِ وهدمِ أسرتِهِ!فكم سَمِعتم وَسَمعنا أُناساً يقولونَ:ضَربْنا زوجاتِنا في حالَةِ غَضَبٍ! أو لعَّنا في حالَةِ غَضَبٍ!أو طلَّقنا في حالَةِ غَضَبٍ؟ والعاقِلُ مَن يَملِكُ نفسهُ عندَ الغضب!وقالَ: "عَلَامَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْعَبْدِ،ثُمَّ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ"
وخَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ رضي الله عنها, من حِرصِها على دينها امتنعت مِنْ أنْ يُعاشِرَها ليسَ كُرهاً لَهُ, إنَّما بيَّنت أنَّ ذلكَ بسببِ قولتِهِ العظيمَةِ! حتى تأتيَ رسولَ اللهِ فَتَعرِضَ مُشكِلَتَها عليهِ!فقد كانَ مَبدَؤها في الحياةِ,تَعظِيمُ حُدُودِ اللهِ, وأنَّهُ «لا طاعةَ لِمخلُوقٍ في مَعصِيَةِ الخَالِقِ»قالت:ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ،فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ،فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ،
واستَمِعُوا يا رعاكُمُ اللهُ:كيفَ عَرضَت أَمرَها بِأُسلوبٍ فَذٍّ وعَجِيبٍ،قالت يا رسولَ اللهِ: إنَّ أَوسَاً تَزوجَنِي وأنَا شَابَّةٌ مَرغُوبٌ فِيها فَلَمَّا كَبُرْتُ وَمَاتَ أَهْلِي،ظَاهَرَ مِنِّي!وَجَعَلَنِي عَليهِ كَأُمِّهِ!وإنَّ لِي مِنْهُ صِبْيَةً صِغَارَاً، إنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا،وَإنْ ضَمَمْتُهُمْ إليَّ جَاعُوا!فكانَ رسُولُ اللهِ لا يزيدُ عن قولهِ: «مَا أرَاكِ إلاَّ وَقَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ» وهي تقولُ: أَحينَ أَكَلَ شَبَابِي يا رسولَ اللهِ وَنَثرتُ لَهُ بَطْنِي وَكَبُرَ سِنِّي وانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي؟فصارَت تُجادِلُ رسولَ اللهِ وتُراجِعُهُ وهو لا يَزيدُ عن قولهِ :«مَا أرَاكِ إلاَّ وَقَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ» فقالت: "اللَّهُمَّ إَلَيْكَ أَشْكُو حَالِي وانْفِرَادِي وَفَقْرِي" فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ: يَا خُوَيْلَةُ،ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ،
وهذا مَشهدٌ آخَرُ:فَخَولَةُ أَحسَنَتِ الاختيارَ حينَ تَوجَّهت لِرسولِ اللهِ تَطلُبُ رأيهُ وحُكمَهُ ومُشورتَهُ,وكم من الزَّوجاتِ من لا تُحسِنُ اختيارَ مَنْ تستشيرُ ولا مَنْ تَستفتِي؟فَعَلَى الزَّوجينِ حينَ الخلافِ,أنْ يُحسِنا الاختيارَ لِمَنْ هو أَوثَقُ بِدِينِهِ وعقلِهِ,وأنْ نحذرَ من المَكَاتِبِ المُستَرزِقَةِ التي تَقتَاتُ على مَشاكِلِ النَّاسِ وَحَاجَاتِهم؟واللهُ تعالى يَقُولُ: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا وقد هيئَ اللهُ لنا بحمدِ اللهِ في مُحافَظَتِنا أُناساً مُخلِصينَ,مُحتَسِيبِنَ الأجرَ من اللهِ تعالى,عبرَ لِجانٍ إصلاحِيَّةٍ,وَمَكَاتِبَ استشَارِيَّةٍ مَوثُوقَةٍ,فَوجِّهُوا مَنْ يَحتاجونَ إليهم.
وخَولَةُ عاقِلَةٌ,فَلَيسَ هَدَفُها الانتصارَ للنَّفسِ إنَّما مَصلَحةُ البيتِ والأولادِ فوقَ كلِّ شيءٍ, فهي لم تَطلُبِ الطَّلاقَ كفعلِ بعضِ النِّساءِ في وَقْتِنَا!عندَ أَدنَى خِلافٍ تُطالِبُ الزَّوجَ بالطَّلاقِ,بل وتَتحدَّاهُ وتُراهِنُ على رُجولَتِهِ وأنَّهُ لا يستَطيعُ طَلاقَها!ويا سُبحانَ اللهَ وَكَأَنَّ بَعضَ النِّساءِ لم يَسْمَعْنَ قولَ رسُولِنا: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ». فالقِصَّةُ بِذَلِكَ تَفتحُ لنا بَابًا عَظِيمًا في تَربِيَةِ الأسرةِ على أَدَبِ الاختِلافِ,والخِلافِ.
لقد علَّمتنا القِصَّةُ: أنَّ الالتجاءَ إلى اللهِ سَبَبٌ لِتفريجِ الكُروبِ وَتَنفِيسِها, فحينَ قَالَ: «لم يُوحَ إليَّ فِي هَذا شَيءٌ»عَلِمَت خَولَةُ رضيَ اللهُ عنها أَنَّ الأَمرَ مُنتَهٍ،فَوجَّهت شَكوَاها إلى السَّمِيعِ البَصِيرِ،فماذا حدَثَ يا تُرى؟ قليلاً بإذنِ اللهِ نسمعُ وَنَرَى,فاللهُمَّ أَلهِمنَا رُشدَنا وقِنَا شَرَّ أنفُسِنَا والشَّيطانِ,ونعُوذُ باللهِ من شَرِّ الإنسِ والجآنِّ,ومن كُلِّ مُفسدٍفتَّانٍ,واستغفروا اللهَ إنَّهُ غَفُورٌ رحيمٌ.

الخطبةُ الثانيةُ:

الحمدُ لله المطَّلعِ على أَسرَارِ الغُيُوبِ،الرَّقِيبِ ببواطنِ القلوبِ،نَشهدُ أن لا إله إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له,عَدلٌ في قَضائِهِ،حَكيمٌ في أَفعَالِهِ،قَائمٌ على خَلقِه بِالقِسطِ، لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَنَشهدُ أنَّ مُحمداً عبدُ الله وَرَسُولُه,بَلَّغَ الرِّسَالَةَ،وَأَنْقَذَ من الضَّلالَةِ,صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِه وأتباعِهِ بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ. أمَّا بعد:فَلْنتَّقِي اللهَ يامؤمنونَ حَقَّ تُقاتِهِ،ولْنُعطِ كُلَّ ذِي حقٍّ حقَّهُ,فإنَّا واقِفُونَ بينَ يدي حَكَمٍ عَدلٍ,سَمِيعٍ بَصِيرٍ سُبحانَهُ وَبِحمدِهِ.
سُبحانَ مَن هُوَ لا يَزالُ مُسَبِّحاً أَبَداً وَلَيسَ لِغَيرِهِ السُّبحَانُ
سُبحانَ مَن لا شَيءَ يَحجُبُ عِلمَهُ فَالسِرُّ أَجمَعُ عِندَهُ إِعلانُ
سُبحانَ مَن تَجري قَضاياهُ عَلى مَا شَاءَ مِنها غَائِبٌ وَعِيانُ
والمَشهدُ الرَّابعُ يا مؤمنونَ في قِصَّةِ المُجادِلَةِ:يتَمثَّلُ في قولِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ رضي الله عنها:
فَوَ اللَّهِ مَا بَرِحْتُ من عندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ،فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ مَا كَانَ يَغْشَاهُ, ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ،فَقَالَ:يَا خُوَيْلَةُ،قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ قُرآناً، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ الآياتِ.
اللهُ أكبرُ عبادَ اللهِ:اللهُ جلَّ في عُلاهُ يَستَمِعُ إلى شَكوى أُسرَةٍ صَغِيرَةٍ!لا يُشغلِهُ عن سَمَاعِهم تَدبيرُ مَلَكُوتِ السَّماواتِ والأَرضِ!إنِّها مَعِيَّةٌ خاصَّةٌ من اللهِ تعالى لِلمؤمنِ,أَنْ يَشعُرَ المُؤمِنُ أنَّ اللَّهَ معه حَاضِرٌ شُؤونَهُ،عالِمٌ بِحالِهِ,مُطَّلِعٌ على أَسرَارِهِ،مَعنِيٌّ بِمُشْكِلاتِهِ،مُستَجِيبٌ لِحاجاتِهِ!وهو اللَّهُ الكبيرُ المُتَعَالُ،ذو العَظَمَةِ والجلالِ!وهنا مَلمَحٌ تَربَويٌّ عَظِيمٌ لَطَالَمَا استشعَرَتهُ أُمُّنا عَائِشَةُ رضي الله عنها،وهي في نَفْسِ البيتِ الذي جَاءَت فيهِ المُجادِلَةُ إلى رسولِ اللهِ فَلَيسَ بينهم وَبَينَ عَائِشَةَ إلاَّ سِترٌ رقيقٌ فهيَ في طَرفِ المَنزِلِ وتسمعُ بعضَ الكلامِ وَيخفَى عليها أكثَرُهُ! فكانت تقولُ:الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصْوَاتَ،لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَشْكُو زَوْجَهَا،وَمَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ!حتى أَنْزَلَ اللَّهُ: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ فسبحانَ من يَسمَعُ الأصواتِ والهَمَسَاتِ,ويطَّلِعُ على مَكنونِ القُلُوبِ والخفِيَّاتِ: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ فيا مَن يَستَخفِي من النَّاسِ أتستطيعُ أنْ تَستَخفِيَ مِنَ اللهِ: وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا
عبادَ اللهِ:ولِسائلٍ أنْ يقُولَ:فَمَا الحلُّ لِمُشكِلَةِ المُظاهرِ؟ فالجَوابُ:مَا أمرَ اللهُ بهِ رَسُولَهُ أنْ يقولَ لَها:مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً,قَالَتْ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ بهِ من الفَقْرِ قَالَ:فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ،قَالَتْ: إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ،مَا بِهِ مِنْ قُدرَةٍ على الصِّيامِ،قَالَ:فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ،قالت:مَا ذَلِكَ عِنْدَهُ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ،قَالَتْ:وَأَنَا سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ،فَقَالَ :أَصَبْتِ،وَأَحْسَنْتِ،فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي بِهِ عَنْهُ،ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا،قَالَتْ:فَفَعَلْتُ.
هكذا أَحْسَنَت خَوْلَةُ رَضِي اللهُ عَنها إدارةَ المُشكِلَةِ وأحسنتِ الحوارَ مع رَسُولِ اللهِ فهي لم تَعتَرِض على أحكامِ شَرعِ اللهِ تعالى إنَّما طَمِعَتْ بِتَخفِيفِ اللهِ عليهم لأنَّ الوحيَ لا يزالُ يَتَنَزَّلُ على رسولِ اللهِ وإلاَّ فمنهجُ المؤمنينَ السَّمعُ والطَّاعَةُ كَمَا قالَ اللهُ تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا فَلَمَّا عَلِمَتْ حُكمَ اللهِ ورسُولِهِ لَزِمت شَرْعِ اللهِ وآمَنَتْ بِه.
فاللهُمَّ اجعَلِ القُرآنَ العظِيمَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا،وَنُورَ صُدُورِنا،وَجَلاءَ هُمُومِنَا،وَذَهَابَ غُمُومِنَا, اللهُمَّ عَلِّمْنَا مِنْهُ مَا جَهِلنا،وَذَكِّرْنَا مِنه مَا نُسِّينا,واجعلْه حُجَّةً لنا لا عَلينا, اللهُمَّ حَبِّب إلينا الإِيمَانَ وَزَيِّنهُ في قُلُوبِنا،وَكَرِّه إلينَا الكُفرَ والفُسُوقَ والعِصيانَ،واجعلنا من الرَّاشِدِينَ. اللهُمَّ اهدِنا لأحسنِ الأخلاقِ والأقوالِ والأعمالِ لا يهدي لأحسَنِها إلا أنت واصرف عنَّا سَيِّئَهَا لا يصرفُ عنَّا سَيِّئَهَا إلا أنتَ, رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله أذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعونَ.

بواسطة : admincp
 0  0  6.3K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:11 صباحًا الخميس 23 شوال 1445 / 2 مايو 2024.