قرَّةُ الْعَينِ 2/5/1447هـ
الحمدُ للهِ جعلَ الصلاةَ عمادَ الدِّينِ، وكِتَاباً مَوقُوتَاً على الْمؤمنينَ، حثَّنا عليها في الذِّكرِ الْمُبينِ فَقالَ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ). أَشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، خَشَعَتْ له القُلوبُ وَخَضَعت، وأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرسولُهُ، النَّاصِحُ الصَّادِقُ الأَمينُ، آخِرُ وَصِيَّةٍ لَهُ: "الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ". حَتَّى جَعَلَ نَبِيُّ اللهِ يُغَرْغِرُهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيصُ بِهَا لِسَانُهُ. الَّلهمَّ صَلِّ وَسَلِّم على مُحَمَّدٍ وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ والتَّابِعينَ وَمَن تَبِعَهم بِإحسَانٍ إلى يومِ الدَّينِ. أمَّا بعدُ: أيُّها الْمُسلِمُونَ، اتَّقوا اللهَ تعالى، فَتقَواهُ أَفْضَلُ مُكتَسَب. عبادَ اللهِ: نِعَمُ اللهِ علينا سَابِغَةٌ، أَعظَمُها نعمةُ الإسلامِ والإيمانِ، حقًّا: بَلِ (ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَـٰنِ إِنُ كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ). فاحمَدوا اللهَ أَنْ جَعَلَنَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ للنَّاسِ، وهدانا لِدِينٍ لا شَكَّ بِهِ ولا التِبَاسَ. أَلا وإنَّ من أَعظَمِ شَعَائِرِ دِينِينَا وَأَنْفَعِ ذَخَائِرِهِ, الصَّلاةَ الْمَفرُوضَةَ, ركنُ الدِّينِ وَفرِيضَةُ اللهِ على الْمُسلمينَ، فَلا دِينَ لِمَن لا صلاةَ لهُ، ولا حظَّ لِمَن تَرَكَها وأَهمَلَها, هي أَوَّلُ مَفرُوضٍ, وأَعظَمُ مَعرُوضٍ, من حفِظها حفِظَ دِينَهُ وأمانَتَهُ، ومن أَضاعَها فهو لِمَا سِواها أضيَعُ، هيَ رأسُ الأَمَانَةِ، يقولُ عنها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :«رَأسُ الأمْرِ الإسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ الجِهادُ». كلُّ الفَرَائِضِ أَنزَلَهَا اللهُ تعالى على رَسولِهِ إلاَّ الصَّلاةَ، فإنَّهُ سُبحانَهُ أصعَدَ رسولَهُ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إليها، فَعَرَجَ بهِ إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ، حتى رَفَعَهُ إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، ثُمَّ فَرَضَ عَلَيه خَمْسينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وليلَةٍ، فَرَاجعَ رَبَّهُ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِهِ، فهيَ لا تُطيقُ ذَلِكَ! فَوَضَعَها اللهُ عَنه عَشْرَاً عَشْرَا, حتى أَمَرَهُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ, وخَمسُونَ في الثَّوابِ والأجرِ, فَلَمَّا جَاوَزَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى إذْ بِمُنَادٍ يقولُ: (أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي). عبادَ اللهِ: الصَّلاةُ الْمفرُوضَةُ, هِيَ أَوَّلُ ما يُحاسَبُ عليه العبدُ يومَ القِيامَةِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ الصَّلاةُ، فَإِنْ صَلُحَتْ صَلُحَ لَهُ سَائِرُ عَمَلِهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِهِ».
عبادَ اللهِ: مَن تَركَ صلاةً مُكتوبةً مُتعمِّدَاً مِن غيرِ عُذرٍ فقد بَرِئت منه ذِمَّةُ اللهِ. وَلَقَد كَانَ أَصْحَابُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لا يرَون شيئَاً مِن الأعمالِ تركُهُ كُفرٌ غيرَ الصَّلاةِ، وفي ذلِكَ قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ إِلاَّ تَرْكُ الصَّلاَةِ».
الصَّلاةُ يا مؤمنونَ: عُنوانُ الفَلاحِ وطريقُ النَّجاحِ: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ). جَعَلَها اللهُ قُرَّةً لِلعُيونِ وَمَفْزَعَاً لِلمحزُونِ، فكانَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إذا حَزَبَهُ أَمْرٌ، فَزَعَ إلى الصَّلاةِ، ويقولُ: "وجُعِلت قرَّةُ عَينِي في الصَّلاةِ". وَكانَ يُنادِي: "يا بلالُ، أرِحنا بالصَّلاةِ". يا مُسلمونَ: الصَّلاةُ أَكبَرُ وَسيلَةٍ لِحِفظِ الأَمنِ والقَضَاءِ على الجَرِيمَةِ، وأنفَعُ وَسيلَةٍ لِلتَّربيةِ على العِفَّةِ والفَضِيلَةِ، ألم يَقُلِ أَصدَقُ القائِلِينَ: (وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ).الصَّلواتُ الخمسُ: تَكفيرٌ للسَّيئَاتِ، وَرِفْعَةٌ للدَّرَجَاتٍ، يَقولُ رَسُولُ الهُدى صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرَاً بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ» قَالُوا لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ. قَالَ: «فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا». الصَّلاةُ بَابٌ لِلرِّزقِ والخَيراتِ: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) وهي الْمفزَعُ عند الجَزَعِ، وَالهَرَبُ عندَ الهَلَعِ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). «واعلموا أنَّ خَيرَ أَعمَالِكُمُ الصَّلاةُ». روى الإمَامُ الطَّبَرَانِيُّ في صَحيحهِ، وصَحَّحهُ الألبانيُّ رحمةُ اللهِ عليهم، أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قالَ: «تَحتَرِقُونَ تَحتَرِقُونَ! فَإِذَا صَلَّيتُمَ الصُّبحَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحتَرِقُونَ تَحتَرِقُون، فَإِذَا صَلَّيتُمَ الظُّهرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحتَرِقُونَ تَحتَرِقُون فَإِذَا صَلَّيتُمَ العَصْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحتَرِقُونَ تَحتَرِقُون، فَإِذَا صَلَّيتُمَ المَغرِبَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحتَرِقُونَ تَحتَرِقُون فَإِذَا صَلَّيتُمَ العِشَاءَ غَسَلَتْهَا ثُمَّ تَنَامُونَ فَلا يُكتبُ عَليكُم حتى تَستَيقِظُوا».وَمَعنَاهُ أنَّكم: تَحتَرِقُونَ بِكَثرَةِ الذُّنُوبِ والْمَعَاصِيَ! فَتُكَفِّرُها الصَّلواتُ الخَمسُ، كما قالَهُ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ». رَبَّنَا اجْعَلْنَا مُقِيمِي الصَّلاةِ ومن ذُرِّياتِنَا رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ. أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولِلْمُسلِمينَ, مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فاستغفِرُوه إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبةُ الثانية:
الحمدُ للهِ غافرِ الزَّلاتِ، يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَات أَشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، رَبُّ الأرضِ والسَّمواتِ, وأَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورَسُولُه، شَهادةً نَرجو بِها النَّجاةَ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ عليهِ, وعلى آلِهِ وَصحبِهِ ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الْمَمَاتِ. أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ يا مُسلِمونَ وأَطِيعُوهُ، وراقِبُوهُ ولا تَعصُوهُ،
يا مُؤمِنُونَ: مَن أَردَ الحِرزَ والحِفظَ والتَّوفِيقَ, فَليُحافِظ على الصَّلواتِ الخَمْسِ مع جَمَاعَةِ الْمُسلمينَ، فإنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قالَ: «مَنْ صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ فَهْوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ».
أَهْلُ الصَّلاةِ لا خَوٌف عَلَيهم وَلا هُمْ يَحزَنُونَ: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). فَلَنْ يُضَيِّعَ أَجْرَهُم: (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ).
أَهْلُ الصَّلاةِ: اجْتَمَعَ لَهُمُ شَرَفُ الْمُنَاجَاةِ، وَشَرَفُ العِبَادَةِ، وَشَرَفُ الْمَسجِدِ، فكانَ لَهُمُ النُّورُ التَّامُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كما قَالَ نَبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
أَهْلُ الصَّلاةِ: بُرَآءُ مِنَ النَّارِ ومن النِّفَاقِ، قالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى أَربَعِينَ يَومَاً الصَّلَوَاتُ فِي جَمَاعَةٍ لا تَفُوتُهُ تَكبِيرَةُ الإِحرَامِ كَتَبَ اللهُ لَهُ بَرَائَتَينِ: بَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النَّارِ». عبادَ اللهِ: ومِنْ أَعظَمِ ثَمَراتِ الصَّلاةِ وَجَوائِزِها أنَّها تُؤَهِلُكَ أيُّها الْمُسلِمُ إلى رُؤيَةِ اللهِ تَعَالى في الآخِرَةِ، فَعَن جَرِيرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهُ: قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرَ فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَرَأَ: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ). وهل نَعِيمٌ أَعظَمُ من رُؤيَةِ البَارِي عَزَّ وَجَلَّ؟! أَهْلُ الصَّلاةِ: يَكسُوهم نُورٌ في الوَجْهِ، وَرَاحَةٌ في القَلْبِ، وَصَلاحٌ في البَدَنِ، وَانْشِراحٌ في النَّفْسِ والرُّوحِ، نَعَتَهُمُ اللهُ لنا في القرآنِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ). ولازِلنا بحمدِ اللهِ نُشاهِدُ، أُناساً من أهلِ الْمَسَاجِدِ يَكسُوا مُحيَّاهم البِشْرُ والفَلاحُ، بل لا نَزالُ بِحمدِ اللهِ، نُشاهِدُ شَباباً، إذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ، أَوقَفوا سيَّارَاتِهم وصَفُّوا مع الْمُصَلِّينَ! وَلَبِسُوا فَوقَ لِبَاسِهُمُ الرِّيَاضِيُّ مَا يَسْتُرُ أَفْخَاذَهُمْ وَظُهُورَهُمْ فللهِ الحمدُ والْمنَّةُ!
اللهُ أكبرُ: يَا مُؤمنِونَ: إنَّها الصَّلاةُ أُمُّ العِبَادَاتِ ونَهْرُ الحَسَنَاتِ، عَمُودُ الدَّينِ وَشِعَارُهُ، وَأُسُّهُ ودِثَارُهُ، واللهِ إنَّها لَكذَلِكَ وأَكثَرُ! فَهيَ خُضُوعٌ وَخُشُوعٌ، وافْتِقَارٌ واضْطِرَارٌ، وَدُعَاءٌ وَثَنَاءٌ، وَتَحمِيدٌ وَتَمجِيدٌ، كفى شَرَفَاً أنَّ رَسُولَ الهُدَى صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقولُ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ». واللهُ تعالى يقولُ: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ). فيا عبدَ الله: قد سمعتَ الذِّكرَى، فَالزَم طَرِيقَ الهُدَى والتُّقى، وحَافِظْ على عَهدِ اللهِ إليكَ، وَحَافِظْ على صَلاتِكَ مَهمَا قَصَّرتَ وأخطَأتَ، حَافِظ عليها مَهمَا عَصَيتَ وارتَكبتَ، فواللهِ إنَّها سَتَنهَاكَ عن كُلِّ فَحْشَاءٍ ومُنكَرٍ، ولو بعدَ حينٍ! وَفَّقَنِي اللهُ وإيَّاكَ لِمَرَاضِيهِ، وَجَعَلَ مُستَقبَلَ حَالِنَا خَيرَاً مِن مَاضِيهِ. اللهمَّ أقِرَّ عُيونَنا وأَسعِدْ قُلوبَنَا, بِصلاحِ شَبَابِنَا وَفَتَيَاتِنَا، اللهمَّ اجعلنا وذُرِّيَاتِنَا مُقيمِي الصَّلاةِ، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا، اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والْمسلمينَ, وانصر إخوانَنَا الْمُستَضعفِينَ, اللهمَّ وعليكَ بالطُّغاةِ فإنَّهم لا يُعجِزُونَكَ, اللهمَّ وفِّق وليَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحبُّ وتَرضَى أعنهُ على البرِّ والتَّقوى وَاجْزِهِ خَيرًا عَلى خِدْمَةِ الإسْلامِ والْمُسلِمِينَ. وانصرْ جُنُودَنا واحفظ حدُودَنا ياربَّ العَالَمِين, واغفر للمؤمنين والْمؤمنات والْمسلمين والْمسلمات الأحياء منهم والأموات اغفر لنا ولوالدينا, رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).