• ×

09:38 صباحًا , الأربعاء 7 جمادي الأول 1447 / 29 أكتوبر 2025

الْعَائِنُ حَاسِدٌ 9/5/1447هـ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الْعَائِنُ حَاسِدٌ 9/5/1447هـ
الحمدُ للهِ على نِعمٍ لا تُعدُّ، وَإحسانٍ لا يُحدُّ، أَشهدُ ألاَّ إله إلا الله وحده لا شريكَ له عَوَّذَ نَبِيَّهُ مِن شَرِّ النَّفَاثَاتِ في العُقَدِ، ومِن شَرِّ حَاسِدٍ إذا حَسَدَ، سُبْحَانَهُ عَليهِ الْمُعتَمدُ وَهُوَ حَسبُنا ونِعمَ الوَكيلُ، وأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنا مُحمَّدا عبدُ اللهِ ورَسُولُهُ خَيرُ البَشَرِ، الَّلهم صَلِّ وسَلِّم وبارِك عليهِ وعلى آلِهِ وَصحبِهِ والتَّابِعينَ لَهمِ, ومَنْ تَبِعَهُم بِإحسَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكم يا مُسلِمونَ وَنفْسِي بِتقوى اللهِ القائِلِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.
أَيُّها الْمُسلمونَ: في وَقتِنا هذا تَقَدَّمَ الطِّبُّ تَقَدُّمًا هَائِلاً، وَصَارَ عُلَمَاءُ الطِّبِّ على قَدْرٍ كَبيرٍ مِنَ الْمَهَارَةِ, فَفَتَحُوا الرُّؤُوسَ والصُّدُورَ والقُلُوبَ، وَفَصَلُوا التَّوَائِمَ وَحَقَّقُوا نجاحَاتٍ كَبِيرَةً، وَهَذَا بِحَمْدِ اللهِ تَعَالى بِسَبَبِ الدِّرَاسَاتِ والتَّجَارُبِ الْمُسْتَمِّرَّةِ.
عِبَادَ اللهِ: مَعَ كُلِّ هَذَا التَّقَدُّمِ ظَلَّ أُناسٌ يَشتَكُونَ أَمرَاضًا مُزمِنَةً وَأَعرَاضًا مُقلِقَةً، لَمْ يَعرِفْ لها الأَطِبَّاءُ أَسبَابًا ولم يجِدُوا لها عِلاجًا، فَكَانَ لا بُدَّ مِنَ الرُّجُوعِ إلى الأَصْلَينِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, لِنَتَبَيَّنَ الأَسْبَابَ, ولِنَتَعَرَّفَ على العِلاجِ, فَقْدْ قَالَ الصَّادِقُ الْمَصدُوقُ : (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً).رواه البخاري.
عِبَادَ اللهِ: وَالْمُعايِشُ لِحالِ النَّاسِ يَجِدُ أنَّ عِندَ بَعضِهم مِنَ الأَوجاعِ التي أَقَضَّتْ مَضَاجِعَهم، وَنَغَّصَتْ عِيشَتَهُم، ما يَستَوجِبُ التَّذكيرَ بِحقِيقَةِ وُقُوعِ العَينِ أَو ما يُسمَّى بِالحَسَدِ. فَفِي القُرَآنِ وَالسُّنَّةِ جاءَ ذِكرُهُمَا وعِلاجُهُما! فَيَعقُوبٌ عليهِ السَّلامُ قَالَ لأبْنَائِهِ: (يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ). قَالَ الشيخُ السَّعدِيُّ رَحِمهُ الله: ذَلِكَ أَنَّهُ خَافَ عليهم العَينَ، لِكثرَتِهم وَبَهَاءِ مَنظَرِهِم، وَلِكَونِهم أَبنَاءَ رَجُلٍ وَاحِدٍ.
عِبَادَ اللهِ: وَفِي القُرآنِ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالى عَن حَسَدِ الكَافِرينَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ) أيْ: يَعِينُونَكَ بِمعنى يَحسُدُونَكَ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: دَلِيلٌ أَنَّ العَينَ إصَابَتُها وَتَأْثِيرُها حَقٌّ بِأَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
أمَّا السُّنَّةُ النَّبويَّةُ فَقد أثْبَتَتِ العَينَ وأنَّها تَقَعُ بِأمرِ اللهِ وَقَدَرِهِ ففي صحيح مُسلمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا». وفي حَدِيثٍ حَسَّنَهُ الأَلبَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَكثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِن أُمَّتِي بَعدَ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ بِالعَينِ». وفي حَدِيثٍ عن جَابِرٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ قالَ: «العَينُ حَقٌّ، لَتُورِدُ الرَّجُلَ القَبرَ، والجَمَلَ القِدرَ».
اللهُ أكبرُ عبادَ اللهِ: نُؤمِنُ واللهِ بأنَّ الْعَيْنُ حَقٌّ وأنَّها تَقَعُ بِأَمرِ اللهِ وَقَدَرِهِ. ولِذلِكَ النَّاسُ مَعَ حَقِيقَةِ العينِ طَرَفَانِ ووسطٌ. فَقِسْمٌ: ضَعُفَ عِندَهُم التَّصدِيقُ بِها، فَلا يُصَدِّقُونَ إِلاَّ ما يُشاهِدُونَهُ ويُحِسُّونَ بِهِ، فلا يُقِرُّونَ لِلعَينِ بِأَثَرٍ وَلا يَعتَرِفُونَ لها بِتَأثِيرٍ!
وَقِسْمٌ آخَرُ: أَسرَفُوا بِأَمْرِ العَينِ فَطَارَدَتُهم الأَوهَامُ وَحَاصَرَهُم القَلَقُ وَضَعُفَ عِندَهُم اليَقِينُ واخْتَلَّ لَديهم مِيزَانُ التَّوَكُّلِ على اللهِ تَعَالى، حتى وَصَلَ حَالُهُمْ إلى كُرهِ النَّاسِ وَاتِّهَامِهِمْ في كُلِّ مُصِيبَةٍ تَقَعُ لَهُ، هذا الصِّنفُ يا مُؤمِنُونَ: قَدْ استَدَرَجَهُمُ الشَّيطَانُ فَأَمرَضَهم وَأَحْزَنَهُمْ وَأَقعَدَهُم وَلَيسَ بِهم عِلَّةٌ أَو مَرَضٌ، وَنَسُوا قَولَ اللهِ سُبحَانَهُ: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ في الأَرْضِ وَلا في أَنفُسِكُمْ إِلا في كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ).
عِبَادَ اللهِ: وَبَينَ القِسْمَينِ يَقِفُ الْمُؤمِنُ الْمُتَوَكِّلُ عَلى اللهِ مَوقِفَ الوَسَطِ الْمُتَّزِنِ، فَنُؤمِنُ بِوقُوعِ العَينِ ونُصَدِّقُ بِتَأثِيرِها وَمَضَارِّهَا بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ مَعَ فِعلِ الأَسْبَابِ الْحِسِّيَّةِ وَالشَّرعِيَّةِ التي تَقِي مِنها, مُنطلِقِينَ مِن قَولِ اللهِ تَعَالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).
عِبَادَ اللهِ: مِنْ هُنَا فإنَّ النُّصحَ والتَّذْكِيرَ وَاجِبٌ لِلعَائِنِينَ مِمَّن ابتُليَ بِحسَدِ النَّاسِ. نَقُولُ لَهُ: اتقِ اللهَ في نَفسِكَ وإخوانِكَ، لا تَضُرَّهُمْ، فَتِلكَ صِفَةٌ ذَمِيمَةٌ، وَإيذَاءٌ لا مُبِرِّرَ لَهُ!
فَأينَ تفِرُّ مِن قولِ اللهِ سُبحانَهُ: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبُوا فَقَدِ احتَمَلُوا بُهتَانًا وَإِثمًا مُّبِينًا). وَقَولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ :«لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ».
فَأَكْثِرْ مِن ذِكرِ اللهِ تَعَالى وَإذَا رَأَيتَ شَيئًا يُعجِبُكَ فَقُلْ: مَا شَاءَ اللهُ تَبَارَكَ اللهُ, فَقَدْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (إذَا رَأَى أَحَدُكُم مِنْ نَفسِهِ أو مَالِهِ أو مِن أَخِيهِ مَا يُعجِبُه فَليدْعُ لَهُ بِالبَرَكَةِ، فِإنَّ العَينَ حَقٌّ). صَحِيحُ الجَامِعِ. أَلَمْ يَقُلِ اللهُ تَعَالى: (وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ(. نعُوذُ باللهِ مِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ, كمَا نَسألُهُ أنْ يُبطِلَ عَينَ العَائِنِ, وَأَنْ يَشْفيَ مَرْضَانَا وَمَرْضَى الْمُسْلِمِينَ, وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ الْعَليِّ العَظِيمِ, واستَغفِرُ اللهَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانيةُ :
الحمدُ للهِ، أَشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ لَهُ، وَأشهَدُ أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورَسُولُهُ ،صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ وَالتَّابِعينَ ومَنْ تبعَهُم بإحْسَانٍ إلى الْمُستَقَر.
أمَّا بعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ كَمَا أَمَرَ، وَصُونُوا عَقِيدَتَكمْ عَنْ كُلِّ وكَدَرٍ وَخُذُوا بِذَلِكَ أَشَدَّ أَنْوَاعِ الْحَذَرِ.
عِبَادَ اللهِ: استَمِعوا إلى حادِثَةٍ عَجِيبَةٍ! تَغَيَّظَ مِنهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ وغَضِبَ. في مُسندِ الإمامِ أحمدَ رَحِمَهُ اللهُ عن أبي أُمَامَةَ بنِ سَهلِ بنِ حنيفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسولَ اللهِ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نحوَ مَكةَ، حتى إِذَا كانوا بِشِعبِ الخَرَّارِ مِنَ الجُحفَةِ اغتَسَلَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ، وَكانَ رَجُلاً أَبيَضَ حَسَنَ الجِسمِ وَالجِلدِ، فَنَظَرَ إِلَيهِ عَامِرُ بنُ رَبِيعَةَ وهو يَغتَسِلُ. فَقَالَ: مَا رَأَيتُ كَاليَومِ وَلا جِلدَ مُخَبَّأَةٍ،(أي الفَتَاةُ فِي خِدْرٍ لَم تَأتِها الشَّمسُ) فَلُبِطَ سَهلٌ،(أي صُرِعَ وَسَقَطَ على الأَرضِ بِلَحْظَتِهِ) فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسولَ اللهِ، هَلْ لَكَ في سَهْلٍ؟ وَاللهِ مَا يَرفَعُ رَأسَهُ وَمَا يُفِيقُ، قَالَ: ( هَل تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِن أَحَدٍ؟). قَالُوا: نَظَرَ إِلَيهِ عَامِرُ بنُ رَبِيعَةَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيهِ وقَالَ: (عَلامَ يَقتُلُ أَحدُكُم أَخَاهُ؟). هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ (أي قُلتَ ما شَاءَ اللهُ تَبَارَكَ اللهُ). ثُمَّ قَالَ: (اغتَسِلْ لَهُ)، فَغَسَلَ وَجهَهُ وَيَدَيهِ وَمِرفَقَيهِ وَرُكبَتَيهِ وَأَطرَافَ رِجلَيهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ في قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذلكَ الْمَاءُ عَلَيهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ على رَأسِهِ وَظَهرِهِ مِن خَلفِهِ، ثُمَّ يُكفِئُ القَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفُعِلَ بِهِ ذلك، فَرَاحَ سَهلٌ مَعَ النَّاسِ لَيسَ بِهِ بَأسٌ.
اللهُ أَكْبَرُ: الْحَسَدُ وَالعَينُ جَعَلَتِ السَّلِيمَ سَقِيمًا فِي لَحَظَاتٍ، ثُمَّ شُفِيَ بِدُونِ أدوِيَةٍ فِي لَحَظَاتٍ.
فَكَم هي خَطِيرَةٌ تِلكُمُ العَينُ وَذَلكُمُ الحَسَدُ ،لِذا أَمَرَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ بِالتَّعَوُّذِ مِنَ العَينِ فَقَالَ: (استَعِيذُوا بِاللهِ مِنَ العَينِ, فَإِنَّ العَينَ حَقٌّ).وفي الحدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّ أيَّ شَخصٍ يُمكِنُ أنْ يُعجِبَهُ الشَّيءُ الحَسَنُ فَيحَسِدُ الآخَرِينَ عَلَيهِ، وَقَد لا يَقوَى عَلَى دَفعِهِ، وَلِذَلِكَ لم يُعَاتِبْ رَسُولُ اللهِ عَامِرًا على شَيءٍ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ غَصْبًا عَنْهَا، إنَّمَا عَاتَبَهُ على تَركِ التَّبرِيكِ الذي كانَ بِمَقْدُرِهِ! مِن هُنَا يا مُسلِمونَ: أكثِروا مِن قولِ: مَا شَاءَ اللهِ لا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ فإِذَا فَعَلتَ ذَلِكَ لَم تَضُرَّ العَينُ مِنكَ بِأَمرِ اللهِ تعالى.
عِبَادَ اللهِ: جَانِبٌ آخَرُ مِنْ دِلالةِ الْحَدِيثِ: أَنَّ الْمَشرُوعَ لَكَ أَنْ تَسْتُرَ نِعَمَ اللهِ عَليكَ عَنْ النَّاسِ! فَلا تُفَاخِرَ بِهَا, ولا تَكْسِرَ بِمَا وَهَبَكَ اللهُ قُلُوبَ الْمُعْوِزِينَ. وَإنَّكَ لَتَعجَبُ مِنْ تَفَسُّخِ بَعضِ النِّسَاءِ في الْمُناسبَاتِ وَإظْهَارِ مَفَاتِنِهِنَّ مَعَ كَثْرَةِ إِصَابَةِ بَنَاتِ جِنسِهِنَّ بالعَينِ والحَسَدِ, وَالأَقْبَحُ مَا يَتِمُّ تَصْوِيرُهُ وَنَشْرُهُ مِنْ طَعَامٍ وَأَثَاثٍ وَلِبَاسٍ وَمَسْكَنٍ وَمَرْكَبٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلى التَّفَاخُرِ والتَّبَاهِي. فَهلاَّ خَافُوا مِن العَينِ إذْ لَم يَخَافُوا مِن اللهِ تَعَالى! وما يَتَذَكَّرُ إلاَّ أُولوا الأَلبَابِ.
ولِسَائِلٍ أنْ يَقُولَ: كَيفَ أتَّقِي العَينَ قَبلَ وُقُوعِهَا؟ وَبِمَ تُعَالَجُ إِذَا وَقَعَتْ؟ بِمَشِيئَةِ اللهِ لَنَا حِيَالَ ذَلِكَ عِدَّةُ وَقَفَاتٍ. فَاحتَسِبُوا يَا رَعَاكُمُ اللهُ مَا يُقدِّرُهُ اللهُ ويَكتُبُهُ، وَاسْتَغفِرُوا رَبَّكُمْ وَتُوبُوا إليهِ مِنْ كُلِّ ذَنبٍ, واشكُرُوهُ على ما عافَاكُم مِمَّا ابتَلى بِهِ كثيراً من النَّاسِ. فَاللَّهُمَّ اجعلِ القرآنَ العظيمَ ربيعَ قُلوبِنَا، ونورَ صدُرِناَ، وجلاءَ أحزانِنَا، اللَّهُمَّ اشرح صدورَنا بالإيمانِ واعْمُرْهَا بِالْحُبِّ وَالإحسانِ, ولا تجعل فيها غِلاًّ ولا حَسَدًا يا رحمَنُ. اللَّهُمَّ مَتِّعنا بأسماعِنا وأبصارِنا, وعافِنا في دِينِنَا وأجسَادِنَا, اللَّهُمَّ نَفِّسْ كَرْبَ الْمَكرُوبِينَ من الْمسلمينَ، وَاشْفِ مَرضَى الْمسلمينَ، اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ, اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ والرَّخاءِ والاستقرارِ. اللَّهُمَّ أعزَّ الإسلامَ والْمُسلِمِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّين، واجْعَلْ بَلدَنَا آمِنًا مُطمئِنًّا وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسلمينَ, اللهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وَوَفِّقْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أَمْرِنَا، وَاجْزِهِمْ خَيرًا عَلى خِدْمَةِ الإسلامِ والْمُسلمينَ. اللَّهُمَّ انصُر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنَا واكفِنا شَرَّ الفَواحِشِ والفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، واغْفر لَنا وَلِوالِدِينا والْمُسلِمِينَ أجمَعِينَ ياربَّ العالمينَ. (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).

 0  0  7
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:38 صباحًا الأربعاء 7 جمادي الأول 1447 / 29 أكتوبر 2025.